أكد مدير مركز أبحاث المؤثرات العقلية والإدمان بجامعة جازان واستشاري الطب النفسي الدكتور رشاد السنوسي لـ«عكاظ»، أن 20% تقريبا من سكان العالم، يعانون من بعض الاضطرابات النفسية، وذلك بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، لافتا إلى أن نسبة الرهاب الاجتماعي المفرط تصل إلى 13.5%، والاكتئاب 1%، والقلق العام 4%، والفزع 4%، والوسواس 2.5% واضطراب المزاج مزدوج القطب 2.5%.
وقال السنوسي: «لو دخلنا مدرسة سنجد أن 10% من الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية وسلوكية من نوع ما؛ نتيجة لخلل في منطق التفكير في مناطق معينة في الدماغ والموصلات العصبية، ولذلك مجتمعاتنا الإسلامية بتدينها وقوة روابطها الاجتماعية يمكن أن تقدم الفائدة، بحيث تحد من عزلة الفرد ودعمه في الأزمات، وكذلك الدين يحد من الاضطرابات النفسية ذات الصلة بالمخدرات، والحد من الانتحار خوفا مما يعتقده المسلم حراما كقتل النفس أو إلحاق الضرر بها. وأفاد بأن البرمجة اللغوية العصبية «اليوجا»، والتنويم الإيحائي، التاي شي، الريكي، التشي كونغ، المايكروبيوتك، الطاقة الكونية، مسارات الطاقة، الين واليانغ والجذب، بحاجة إلى مراجعة، إذ إن بعضها يروج لخرافات، وبعضها ليست علما كما يتصورها كثير من الناس ويجب الحد من انتشارها. مرضى الشوارع مسؤولية من؟ وعن وجود مرضى نفسيين في شوارع وإشارات مرور دون رقابة ورعاية من قبل مختصين، قال:«وجود عدد من المرضى العقليين يهيمون في الشوارع كارثة إنسانية ومشكلة اجتماعية كبيرة لاتليق بمجتمعنا، وهذه القضية بحاجة إلى حلول عاجلة وطويلة المدى، ولكن مشكلتهم منذ زمن تدور بين وزارتي الصحة والتنمية الاجتماعية، فالصحة تعتقد أنهم لايحتاجون إلى تدخلات طبية وإنما يحتاجون إلى رعاية أسرية وتمريضية ومأوى، وبالتالي فهي مسؤولية وزارة التنمية الاجتماعية، بينما التنمية الاجتماعية تشير إلى أنهم مرضى نفسيين، فالصحة هي المسؤولة عنهم وكلتا الوزارتين لم تستطع إلى الآن إيجاد الحلول المناسبة لهم، ولابد أن تتفق تلك الجهتان ضمن مشروع مشترك، فهناك من فقد حياته في مزارع مهجوره نتيجة عدم توفر من يتبناه، وأثبتت الدراسة أن هؤلاء عرضة للموت والمرض والاستغلال بكل صوره». ارتفاع أعداد متعاطيات المخدرات وبين أن نسبة النساء المتعاطيات للمخدارت في تزايد مستمر عن السابق خصوصا في السنوات العشر الأخيرة، وتحديدا من يتعاطين مادة «الكبتاغون»؛ لذلك الدور التربوي مهم للحد من انتشاره وذلك من خلال الاحتضان والاحتواء والحرص على توفير بيئة مناسبة. وبين أن أعداد المختصين النفسيين غير كاف وبحاجة إلى المزيد من الكوادر والمراكز على مستوى المملكة. «الإرهاب» خلل واستعداد نفسي وحول ما إذا كانت دوافع الجماعات الإرهابية المتطرفة فكرية أم نفسية، أضاف:«لا أزعم أن لدي تفسيرا كافيا لذلك، والمسألة يختلط فيها العامل الاجتماعي والنفسي والديني والاقتصادي، ولم أقف على دراسات محكمة في هذا الشأن، ولكن ممن قاموا بالتفجيرات وتبنوا منهج التفكير لديهم استعداد نفسي أو خلل في الشخصية؛ لذلك يستسهلون العنف والذبح، كما أني التقيت بعدد من الإرهابيين، واتضح أن بعضهم لديهم مشاكل فكرية ونفسية، والجماعات الإرهابية تستهدف صغار السن خصوصا الذكور من خلال الشعارات البراقة لوجود الحماس العالي ومحدودية الخبرة في الحياة، فالفرد كالقنبلة ولكنه غير موجه للتوجيه الصحيح. ولفت قائلا: «الإعلام يجب أن يقوم بدوره الحقيقي في مواجهة هذه الأفكار المنحرفة جنبا إلى جنب مع الجانب التربوي والأسري». دراسات قليلة عن المرض النفسي وعن نسبة انتشار المرضى النفسيين على مستوى المملكة، أوضح أن الدراسات تعتبر قليلة جدا والجامعات هي المسؤولة عن البحث العلمي، إلا أن دراساتها تعتبر محدودة، وبالتالي من الصعب بناء حقائق واضحة، وأن تقريبا 20% من سكان العالم بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية يعانون من بعض الاضطرابات النفسية، وكثير من الأمراض النفسية معظمها عضوية ووراثية وجينية، وأن الفصام العقلي والاضطرابات النفسية الذهانية هما الأكثر خطورة، وأن الفصام يؤثر على1% من سكان أي مجمتع، في حين أن القلق والاكتئاب الأكثر شيوعا، ويصيبان تقريبا 10% من السكان. وبشأن من يدعي أنه المهدي المنتظر قال الدكتور السنوسي: «هؤلاء ليسوا بقليل في العيادات والمستشفيات النفسية، ولا يدعون ذلك كذبا بل لأنهم مرضى اختل لديهم نظام التفكير السليم؛ لوجود خلل في الموصلات الكيميائية ببعض مناطق الدماغ خاصة مادة «الدوبامين»، والتقينا بعضهم في السجون وبحاجة إلى نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج». وعن أهمية وجود متخصص نفسي في المحاكم للدفاع عن المرضى النفسيين المتهمين بقضايا جنائية، نوه بقوله: «هذا ضروري خاصة عندما يكون فيه اشتباه في حالة الجاني، وحاليا توجد لجان نفسية متخصصه جنائية في الطائف والرياض وجدة لتقييم ومراقبة الحالة ما إذا كانت سليمة أو مرضية مزمنة أم مؤقتة؛ لإصدار التقرير والرفع به للقاضي للنظر فيها وإصدار الحكم النهائي». ونوه بوجود ملف أو تشخيص نفسي لمريض ما لايعني عدم مؤاخذته ففي أغلب الحالات يتحمل نتيجة تصرفاته إلا إذا كان المرض يؤثر على سلامة منطقه واختلال كبير في تفكيره. مفاهيم خاطئة تسيء للمتخصصين وحول تأثر تصرفات عدد من الذين يحتكون بالمرضى النفسيين مباشرة، أشار إلى أن هذه من المفاهيم الخاطئة التي ليس لها أي مستندات علمية، والدراسات العالمية اثبتت أن المختصين العاملين بالمستشفيات النفسية ليسوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، ولكن مع ذلك ليسوا محصنين. وبين أن الأفلام العربية هي من ساهمت في خلق صورة ذهنية سيئة عن الطبيب النفسي في العالم العربي سواء في شكله أو طريقة تفكيره وهي إساءة للتخصص وللمرضى النفسيين وعلى المسؤولين الالتفات لهذا الأمر حتى لايزيد الطين بلة. وبشأن ما يتعلق باتحاد أطباء العرب النفسيين، أفاد بأن لدى أعضاء اتحاد أطباء العرب أفكارا كثيرة يرغبون في تطبيقها، ولكن يبدو أنه ينقصهم الدعم المادي كما ينقصهم النظام الإداري والطاقات المتفرغة، ولهذا أعتقد أن الإنجازات قليلة». وشخص الدكتور السنوسي واقع المكاتب الاستشارية التي تهدف إلى الربح المادي، بقوله: «بحسب القائمين عليها، بعضهم ساهموا في حلول مشاكل كثيرة أسرية وشخصية والبعض منهم لم يقدم شيئا مفيدا للمجتمع لكونهم غير مؤهلين بما يكفي ليؤدوا دورهم باحترافية ومهنية».