الشيخ الشريم يلقي خطبة عيد الأضحى من المسجد الحرام.
الشيخ الشريم يلقي خطبة عيد الأضحى من المسجد الحرام.
-A +A
«عكاظ» (المشاعر المقدسة) okaz_online@
أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم في خطبة صلاة العيد أمس، أن في تجمع الحج العظيم يتجلى معنى سامٍ من معاني الوحدة والتلاحم والتآلف، وأن الدين الإسلامي يجمع ولا يفرق، يؤلف ولا ينفر، وأن اختلاف الألسن والألوان والأنساب والأعراف لم يكن قط مانعا من اجتماع ذويه على صعيد واحد، لا فضل لعربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بما يحمله في قلبه من تقوى خالقه، فالاجتماع على الحق رحمة كله، والفرقة شقاء كلها، والأمة الرابحة هي من تعي ذلكم الحمل العظيم، فتجعل من أولوياتها تحصيل ما يجمع ونبذ ما يفرق، وتأطر نفسها على قبول اختلاف التنوع بينها وتحمله، ما لم يكن اختلاف تضاد يتعذر الاجتماع معه.

وأضاف الشريم أن نسك الحج اجتمعت فيه حرمتان؛ حرمة زمان وحرمة مكان، فزمانه شهر حرام، ومكانه بلد حرام، وفي الحرمتين قوام معنى الأمن والاستقرار، فزمن النسك وعرصات المشاعر ينبذان كل شعار غير شعار التهليل والتلبية والتكبير، وقال مخاطبا المصلين: رأيتم بأبصاركم وبصائركم وأنتم تؤدون مناسك الحج في عرصات البلد الحرام حاجة الأمة إلى الاستقرار في المجتمعات، وما يثمره ذلكم الاستقرار من أمن جسدي ومالي وفكري وغذائي وصحي، حيث إن جميعَ شؤون الحياة مرهونةٌ به وجودا وعدَما، فلا تمام لطاعة يعتريها خوف، ولا صفاء لعيش تنغصه فوضى، ولا تقدما إيجابيا وسط صراع، إنه الاستقرار الذي يُقابِلُ الشَّغَبَ والاختلالَ، وإنه الانتظام الذي يُقابِلُ الفوضى والاستِهتار، فبالاستقرار يسودُ الأمنُ، وبالأمن يؤدِّي المرءُ أمرَ دينه ودنياه بيُسرٍ وسهولةٍ.


وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله نهى حجاج بيته العتيق عن الوقوع في الجدال الممقوت حال تلبسهم بنسك الحج العظيم، وأبان أن من تأمل ما في مناسك الحج من أجر لمحسن النسك، وما فيه من جزاء للمخطئ فيه فليدرك بحق أثر الثواب والعقاب في توازن المجتمعات والأفراد كما هو في العبادات، وأنه لا ينبغي لأي مجتمع مسلم أن يغفل عن تحقيق ذلكم المبدأ العظيم في أوساطه، وعلى كافة أحواله، في عباداته ومعاملاته وتربيته وفكره وأسرته وبيئته واقتصاده وإعلامه وحقوقه، على الذكر والأنثى، والشريف والوضيع، والغني والفقير.

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام على عدم غض الطرف عن عقاب المخطئ لأن من أَمِنَ العقوبة أساء الأدب، وأن من لم يستحِ فسيصنع ما شاء متى شاء، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر في أمر الثواب، فإن الشكر موصول لكل من أسدى إلى الحجاج معروفا في نسكهم خدمة لهم وعونا وتيسيرا، منذ قدومهم إلى عرصات البلد الحرام حتى عودتهم إلى بلادهم سالمين، متمثلا ذلكم المعروف في إمام هذه البلاد المباركة وولي أمرها خادم الحرمين، وفي عضيده ونائبه ولي عهده، وعموم قطاعاتها خدمية كانت أو أمنية أو تطوعية فلهم منا جميعا الشكر والثناء، والدعاء لهم بأن يجعل ما قدموه خدمة لحجاج بيت الله العتيق في موازين أعمالهم، فقد أكرم الله بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية بشرف القيام بشؤون وفود بيت الله الحرام حجاجا ومعتمرين وفادة وسقاية وعمارة، وإنها لتفخر بذلكم أيما فخر قيادة وشعبا في كل ما من شأنه تسهيل السبل وتهيئة أداء المناسك، ناهيكم عن عمارة الحرمين الشريفين وتوسعتهما حينا بعد آخر بصورة فريدة ماثلة للعيان أمام القاصي والداني.