-A +A
فهيم الحامد (جدة) falhamid2@
قُضي الأمر، وانخرست ألسن المغرضين، وانخرعت أنفس المتربصين، ومات الحاقدون بغيظهم، ولاذ ثالوث الفتنة والإرهاب بالفرار إلى جحورهم، هذا هو حال المتآمرين الذين اصطادوا في الماء معتقدين أن العلاقة بين الرياض وأبوظبي -بزعمهم- من ورق، وأصبحوا يجرون أذيال الخيبة والعار.. إنها شراكة «العضيد والشقيق»، علاقة كتبت في اللوح بالقلم، ولهذا فإن هذه الشراكة هي أعمق من المحيط وتعانق السماء.. لقد حققت الشراكة السعودية - الإماراتية اختراقات إيجابية في مسار إرساء دعائم العلاقات الثنائية، وهي تستقي قوتها ومتانتها من الرغبة الحقيقية والأكيدة للقيادتين والشعبين الشقيقين في بناء شراكة إستراتيجية تكاملية طويلة المدى.

وعندما صدر البيان المشترك من وزارتي الخارجية في السعودية والإمارات أمس، فإنه أرسل رسائل إستراتيجية للشرفاء والمحبين مفادها أن لدى قيادتي البلدين الحكيمتين نضجاً ووعياً وإرادة سياسية صلبة، ولن تسمحا لأي جهة كانت المساس بمصالح البلدين الإستراتيجية باعتبار أن أمن السعودية هو أمن الإمارات والعكس صحيح، هما يمثلان عمقاً إستراتيجياً لبعضهما البعض والأمتين العربية والإسلامية؛ لأنهما ركيزتان أساسيتان لإرساء الأمن والسلام في المنطقة، وخط الدفاع الأول للمنظومة الأمنية الخليجية والعربية، والرادع للتمدد الإيراني الطائفي، والمدافع عن حقوق الأمة الإسلامية في المحافل الدولية.


كما أرسل البيان رسالة أكثر قوة وموجعةً لثالوث الفتنة والإرهاب (نظام الحمدين وأذرعه ونظام خامنئي الإرهابي ووكلائه، والنظام التركي وعملائه الإخونجية) أن استهداف الإمارات خط أحمر، والرياض وأبوظبي ترفضان وتستنكران معاً الاتهامات وحملات التشويه التي تستهدف الإمارات على خلفية أحداث عدن.

ومن ينكر فهو جاحد.. لقد قالها ولي عهد أبوظبي سمو الشيخ محمد بن زايد بعد لقائه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر منى بمكة أخيراً: «المملكة هي الركيزة الأساسية لأمن المنطقة واستقرارها وصمام أمانها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها، لما تمثله المملكة من ثقل وتأثير كبيرين على الساحتين الإقليمية والدولية».

وتماهت هذه الشراكة من خلال سياسات البلدين؛ إذ ظهر التعاون والانسجام إلى أعلى مستوى للحفاظ على الكيان الخليجي العربي والإسلامي، ودعم القضايا العربية وإيجاد حلول عادلة لقضايا الأمة الإسلامية.. وأخذت هذه الشراكة منعطفاً إستراتيجياً إيجايباً متقدماً ظهر في أرقى صوره مع التضحيات التي قدمها شهداء البلدين فوق أرض اليمن العربية التي عاث فيها الحوثيون المدعومون من النظام الإيراني الفساد، إذ امتزجت دماء القوات السعودية بدماء القوات الإماراتية دعماً للشرعية اليمنية، وتعزيزاً للأمن والاستقرار في المنطقة، ورفضاً للعبث والطاغوتية الإيرانية.. ومن المؤكد أن السعودية والإمارات ستسمران في سعيهما الكامل للمحافظة على الدولة اليمنية ومصالح الشعب اليمني وأمنه واستقراره واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه تحت قيادة الرئيس الشرعي لليمن، وللتصدي لانقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران والتنظيمات، مع تأكيد ضرورة الالتزام التام بالتعاون مع اللجنة المشتركة التي شكلتها قيادة تحالف دعم الشرعية لفض الاشتباك، وإعادة انتشار القوات في إطار المجهود العسكري لقوات التحالف، والانخراط في حوار (جدة) الذي دعت له المملكة لمعالجة أسباب وتداعيات الأحداث التي شهدتها بعض المحافظات الجنوبية.

والمطلوب الآن من كافة الأطراف والمكونات السياسية تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين باليمن وشعبه من المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران والتنظيمات الإرهابية الأخرى الذين أوقدوا نار الفتنة ويحاولون زرع ونشر الفوضى.. وكما قال نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان إن العلاقة الأخوية الراسخة بين المملكة والإمارات، وقيادتيهما، والتعاون الوثيق بين البلدين حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة ورخائها، أمام مشاريع التطرف، والفوضى، والفتنة، والتقسيم.

إن الاحتراب والاقتتال الداخلي يصب في مصلحة النظام الإيراني فقط ؛ ولهذا فإن توحيد الصف وجمع الكلمة والحوار بين الأطراف هي الأدوات المؤثرة لمواجهة التهديد الإرهابي سواء الحوثي المدعوم إيرانياً أو تنظيمي القاعدة وداعش، وتقديم الدعم للشعب اليمني هو احتياج إستراتيجي حتى يسود الأمن والاستقرار كافة أرجاء اليمن وتحقق الأجواء لعقد الحوار الذي دعت إليه السعودية في جدة لتوحيد صفوف أبناء الشعب اليمني الشقيق، وتجاوز أي اختلافات عبر الحوار، للحفاظ على الدولة ومؤسساتها، والاستمرار في تقديم جميع أنواع الدعم السياسي والعسكري والإغاثي والاقتصادي والتنموي لخدمة الشعب اليمني الشقيق وتحقيق أمنه واستقراره. إن شراكة الرياض - أبوظبي شراكة الشقيق والعضيد، وهي أعمق من المحيط وتعانق السماء.