الثقفي في مسابقة فنون جدة «إلا الوطن» مع الطلاب والطالبات وعدد من قيادات التعليم. (تصوير: فيصل الحارثي)
الثقفي في مسابقة فنون جدة «إلا الوطن» مع الطلاب والطالبات وعدد من قيادات التعليم. (تصوير: فيصل الحارثي)




عبدالله الثقفي
عبدالله الثقفي
-A +A
صالح شبرق (جدة) shabrag1@
مع قرع جرس اليوم الأول للعام الدراسي اليوم (الأحد)، تنتاب العبرة 500 ألف طالب وطالبة ومعلميهم، وهم يصطفون للاستماع للنصيحة الأولى، في ظل غياب ربان سفينة التعليم في جدة الراحل عبدالله الثقفي، الذي كان على رأس التعليم بالمحافظة منذ 13 سنة، وظل وفيا لمسيرة التعليم في السعودية على مدى أكثر من 3 عقود، حتى وفاته قبل نحو 3 شهور «تحديدا في 19/6/2019».

اليوم يستعيد الوسط التعليمي، الكلمات التحفيزية والتشجيعية التي لطالما تردد صداها في طابور الصباح، والنابعة من أثير الكلمات ووهج التغريدات التي كان يضعها الثقفي «رحمه الله»، لتصل إلى كل أبنائه الطلاب في كافة مدارسهم، وهو يوصيهم بالجد والاجتهاد، ويُعلي شأنهم ويعتز بهم ومعلميهم لنهضة البلاد، في رسائل أبوية خالصة، لازمته لأكثر من 35 عاما، وهي الفترة التي قضاها الراحل ما بين معلم ومشرف ومناصب قيادية، عمل فيها بكل حب وعطاء وهدوء الواثق، ليتربع داخل قلوب الوسط التعليمي طلابا وأساتذة.


ولا غرابة في أن يصل الراحل الثقفي إلى مربع التميز الإداري، إذ أضحى أنموذجاً للتعليم الواعي بفضل سياسته المعتدلة في التعامل مع كافة الأطياف المتصلة بالعملية التعليمية بدءا من تهيئة البيئة الجاذبة وتهيئة الكوادر المؤهلة وصولا إلى تواصله الدائم مع الأسر والمجتمع لتخريج جيل واع يعي أهمية وجوده في مجتمعه لينطلق إلى تطبيق سياسات الدولة والغاية من التعليم.

كان الثقفي رحمه الله في تواصل دائم مع المخلصين حتى في إجازته الرسمية ليضمن بداية جادة وفاعلة للعام الجديد وليكون انطلاقة حقيقية لبناء الإنسان وتشكيل هويته الوطنية التي تسهم في عمارة الأرض.

ولا يشكك أحد في أن الراحل كان وطنيا حتى النخاع لا يرضى بأنصاف الحلول، فلم يعرف عنه أنه وقف أمام أي مشروع للتطوير، بل كان يشجع ويهتم ويرفع للوزارة لإيمانه بأن العملية التعليمية عملية مشتركة وتحتاج إلى مبادرات ومقترحات لتسهم في تنفيذ سياسة المملكة التي تعتمد على أبنائها في المقام الأول، والتعليم في ذات الإطار.

وكان الثقفي رفيقاً دائما لمنصات التتويج، فلم يغب عن أي تميز وإبداع، حاملاً من الصفات أعذبها، متخلقاً بخلق القرآن، ومدافعاً عن تعليم جدة بقلبه المتعب دون أن يفصح عن تعبه على مدى 13 عاماً قضاها مديراً لتعليم مدينة جدة قبل أن ينال الثقة بتعيينه مديراً عاماً لإدارة تعليم منطقة مكة المكرمة، ما وضعه محط تقدير الجميع وعلى رأسهم منسوبو إدارته من تربويين وتعليميين وإداريين.

كما وضع الثقفي «التعليم التنافسي» رؤية لعمله، وحدد رسالته، مشدداً على أنه «من بوابة التعليم نصل إلى العالم الأول»، داعماً الموهوبين والموهوبات، مع تطوير البيئة التعليمية ودعم المعلم الكفء والمنهج، كما جعل مدينة جدة «بلا مبان مدرسية مستأجرة».

الثقفي الحاصل على درجة الماجستير في الإشراف التربوي 1423هـ، أكمل 37 عاما في خدمة التعليم، إذ بدأ مسيرته معلماً في 1403، ثم مشرفاً تربوياً بدءاً من 1412، فمديراً لمركز الإشراف التربوي 1415، حتى تم تعيينه مساعدًا لمدير عام التربية والتعليم بمحافظة جدة في 1420، ومديراً عاماً للتربية والتعليم في مكة المكرمة في 1427، ثم مديراً عاما للتربية والتعليم بمحافظة جدة في 1429 حتى وفاته، مع تكليفه بإدارة تعليم منطقة مكة المكرمة أخيراً.

العلاقة المثالية التي خلقها الثقفي مع منسوبي التعليم -بحسب من عاصره وعمل تحت إدارته- كانت نموذجية ومحل تقدير العاملين معه، كان يؤمن بأن شراكة النجاح تجيء من بيئة عملية مثالية وتكاملية، وكان ذا أفق واسع وثقافة عالية نجحت في استمالة رضا المجتمع التعليمي بشكل خاص، فضلاً عن جسور الوفاق والشفافية التي مدها مع رجال الفكر والثقافة والإعلام، إذ لم يكن يخشى النقد ولا يزعجه تقييم العمل، منطلقاً من قاعدة أن الانتقادات سبيل لمراجعة العمل وتطويره، دعم الثقفي الأنشطة الفنية والاجتماعية والإعلامية، وطور منظومات التعليم مذللاً كل العقبات، منطلقاً من رسالته في الماجستير التي كانت بعنوان «دراسة معوقات الأداء في التعليم».

ولم تمر على عبدالله الثقفي أعوام عمله في تعليم جدة مرور الكرام، بل حقق فيه عددا من الإنجازات؛ كان أهمها حصولة على المرتبة الـ14، وحصوله على جائزة التميز الوزاري على مستوى المملكة، وشخصية العام في مشروع مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، فضلاً عن عدد كبير من إنجازات الإدارة العامة بمختلف فروعها وإداراتها ومكاتبها وحصولهم على مراكز متقدمة على مستوى المملكة، خصوصا في ما يتعلق بمؤشرات الأداء الإشرافي.