شهدت العلاقات السعودية - الروسية منذ عام 1926 تطوراً ملحوظاً جعلها تسير في تناسب طردي عبّر عنه حجم الزيارات المتبادلة بين قيادات وكبار المسؤولين في البلدين التي كانت ذات أثر إيجابي في دفع العلاقات إلى المزيد من التعاون المشترك في المجالات: السياسية، والاقتصادية، والعلمية، والثقافية، وغيرها.
وأعطت الزيارات المتبادلة دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن تجدّد عهدها في 17 سبتمبر1990 عبر صدور بيان مشترك أعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما على أسس ومبادئ ثابتة.
يأتي ذلك في ما يتواصل التفاهم المشترك بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية ويتطور إلى مراحل متقدمة دعمتها الشراكة الدولية التي جمعتهما في مجموعة العشرين التي تضم 20 دولة من أقوى اقتصادات العالم، إذ حرص البلدان على استثمارها في إجراء المزيد من التشاور نحو الارتقاء بالعلاقات المتبادلة، مثل ما جرى في قمة مجموعة العشرين في مدينة أنطاليا التركية عام 2015، حيث التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واستعرضا مجالات التعاون بين البلدين وما يتعلق بتطورات الأحداث في المنطقة.
وحاز ملف الإرهاب والتطرف على اهتمام قيادتي البلدين، واتفقا سوياً على الوقوف ضد الإرهاب وتجفيف منابعه بسبب خطورته على الأمن العالمي واقتصاده، في الوقت الذي كانت فيه المملكة أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر مايو 2000، وكانت سبّاقة في حض المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في العديد من المحافل الإقليمية والدولية أهمية التصدي لآفة الإرهاب، ومن ذلك دعوته في أحد خطاباته الدوليّة إلى ضرورةِ مُضاعفةِ المُجتمعِ الدولي لجهودهِ لاجتثاثِ هذه الآفةِ الخطيرةِ ولتخليصِ العالمِ مِن شُرورها التي تُهدِدُ السِلمَ والأمنَ العالميينِ وتُعيقُ الجهود في تعزيزِ النموِ الاقتصادي العالميِ واستدامته.
وتؤمن روسيا الاتحادية بأهمية الدور السعودي في تحقيق الأمن في المنطقة بحسب ما قالت رئيسة مجلس الاتحاد للجمعية الفدرالية الروسية فلينتينا ماتفييكو التي استقبلها الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في الرياض في 16 أبريل 2017، إذ ثمّنت ماتفييكو في سياق حديث صحفي دور المملكة في تعزيز الأمن والسلم الدولي، والجهود الحثيثة التي تبذلها لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته.
وفي كل الأحداث، تتبادل المملكة وروسيا الموقف الموحد في التصدي للإرهاب بمختلف صوره، كما بادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في برقية بعث بها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر ديسمبر 2016، حيث أدان فيها الاعتداء الإرهابي الذي أودى بحياة السفير الروسي في أنقرة، وجدّد موقف المملكة الثابت في رفض الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وأهمية العمل على مواجهته والتصدي له.
وفي موقف آخر، أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في برقية عزاء بعث بها في 3 أبريل 2017 إلى الرئيس الروسي عن استنكاره لحادث التفجير الإجرامي الذي وقع في مترو سان بطرسبورغ في شهر أبريل 2017، كما عبّر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية واستنكارها الشديدين لحادث الطعن الإرهابي الذي وقع في مدينة سورجوت الروسية.
واستمراراً للتشاور بين البلدين، تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 13 يونيو 2017 اتصالاً هاتفياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جرى خلاله تناول العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين وفرص تطويرها في جميع المجالات، وبحث الأوضاع في المنطقة والتعاون المشترك لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب سعياً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
واستطاع البلدان بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقريب وجهات النظر تجاه العديد من قضايا المنطقة من خلال تفهم ظروف كل قضية، وموقف كل بلد تجاهها.
وفي 29 سبتمبر 2016، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لبلدان الشرق الأوسط ودول أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، متانة العلاقة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال في تصريح له: إن البلدين يعملان طيلة هذه السنوات على تطوير العلاقة الودية التقليدية بين الشعبين الصديقين وبناء علاقات على أساس الاحترام المتبادل واحترام السيادة واستقلالية القرارات في الرياض وموسكو، مؤكداً أن هنالك آفاقاً واعدة لتوسيع التعاون الثنائي متبادل المنفعة في المجالات السياسية والتجارية والاستثمارية وفي مجال الاتصالات الإنسانية والدينية.
وتأكيداً على الحرص المتبادل بين البلدين على التنسيق المستمر حول الموضوعات التي تهمهما والأوضاع في المنطقة، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 10 سبتمبر 2017 بمكتبه بقصر السلام في جدة، وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف الذي نقل لخادم الحرمين الشريفين تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معرباً عن ارتياحه للتعاون القائم بين المملكة وروسيا والتحرك المشترك.
وفي 4 أكتوبر 2017 بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود زيارة دولة لروسيا الاتحادية استجابة للدعوة المقدمة من الرئيس فلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية.
وعبر خادم الحرمين الشريفين عن سعادته بزيارة روسيا الاتحادية، وعن تطلعه لأن تحقق هذه الزيارة ما يطمح له البلدان من تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون المشترك لما فيه خير وصالح البلدين والشعبين الصديقين وخدمة الأمن والسلم الدوليين.
واستقبل الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حيث أقيمت لخادم الحرمين الشريفين مراسم استقبال رسمية.
وعقد خادم الحرمين الشريفين ورئيس روسيا الاتحادية لقاءً ثنائياً بحثا خلاله العلاقات الثنائية، وسبل تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة بالمناسبة، جاء فيها: «إننا على قناعة تامة بأن هناك فرصاً كبيرة تسهم في تنويع وتوسيع قاعدة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وإيجاد أرضية اقتصادية وتجارية واستثمارية قادرة على زيادة استغلال وتقوية الميزات النسبية لصالح البلدين، ودفع عجلة التبادل التجاري بكل محاوره وفقاً لرؤية المملكة 2030».
وشهد خادم الحرمين الشريفين ورئيس روسيا الاتحادية مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج التعاون الموقعة بين حكومتي المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية.
واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مقر إقامته بالعاصمة الروسية موسكو وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، واستعرض مع مجالات التعاون العسكري بين المملكة وروسيا، كما استقبل أعضاء مجلس الأعمال السعودي الروسي.
وفي 6 أكتوبر 2017 عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جلسة مباحثات مع دولة رئيس وزراء روسيا الاتحادية ديميتري ميدفيديف.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة قال فيها: «نحن عازمون على الدفع بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب، وفي هذا الإطار نود الإشادة بالمباحثات المثمرة مع الرئيس فلاديمير بوتين، التي تم فيها الاتفاق على تعزيز التعاون بين بلدينا في شتى المجالات».
وأضاف: «تعيش المملكة العربية السعودية مرحلة تاريخية ومفصلية من التطور الشامل، وقد ترجمت هذه المرحلة في رؤيتها 2030، ونتطلع إلى مشاركة دولتكم الصديقة في التعاون لتنفيذ برامج هذه الرؤية بما يخدم مصالحنا المشتركة».
وتابع: «لقد أثمرت جهود بلدينا في مجال البترول إلى التوصل لاتفاقية خفض الإنتاج، وتحقيق التوازن بين مصالح المستهلكين والمنتجين، ونؤكد حرصنا على استقرار السوق العالمي للنفط».
وشهدت الزيارة كذلك تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، وذلك خلال تشريفه حفل جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية بهذه المناسبة.
وأبدت وزيرة التعليم والعلوم الروسية أولغا فاسيليفا اعتزاز الجامعة بتشريف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وحضوره حفل الجامعة، مؤكدة أن هذه الزيارة التاريخية لروسيا الاتحادية ستسهم في التقارب بين البلدين وتنمية مسارات التعاون بينهما، منوهةً باهتمام المملكة البالغ بتنمية التعليم والأبحاث العلمية والصحة.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة جاء فيها: «يُسعدني أن أكون بينكم اليوم وسط هذا الجمع المميز من أهل العلم والمعرفة في هذا الصرح العلمي في روسيا الصديقة، التي يقدم شعبها الصديق إسهامات مهمة في ميادين العلم والمعرفة وفي تطور الحضارة الإنسانية، وأود أن أعرب عن شكري وتقديري لمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية على منحي شهادة الدكتوراة الفخرية، والتي يسعدني قبولها من هذا الصرح العلمي، الذي يمثل بسجله المميز منارة علمية مشرقة».
كما استقبل خادم الحرمين الشريفين خلال زيارته، المفتي الأعلى رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا الشيخ طلعت تاج الدين، يرافقه عدد من أبرز الشخصيات الإسلامية في روسيا.
وقد أكد خادم الحرمين الشريفين خلال الاستقبال أهمية العمل على التواصل والحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة لتعزيز مبادئ التسامح، ومكافحة الغلو والتطرف، وتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
وشهدت الزيارة انطلاق أعمال منتدى الاستثمار السعودي الروسي الأول تحت عنوان «الاستثمار نحو بناء شراكة قوية» الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية والمجلس السعودي الروسي المشترك.
وقال وزير التجارة والاستثمار في كلمته خلال المنتدى إن المملكة العربية السعودية في ظل رؤيتها 2030 حريصة على تنمية وتشجيع الاستثمار ومساهمة القطاع الخاص وتذليل التحديات التي تواجهه لنفاذ السلع والخدمات في ظل انفتاح الأسواق ووجود الأنظمة التي تحمي المستثمرين لتعزيز وتنمية علاقاتها التجارية والاستثمارية التي تتلاقى مع التوجهات الحالية والمستقبلية للاقتصاد الروسي.
وعد إقامة هذا المنتدى إحدى آليات دعم وتطوير التجارة والاستثمار بين البلدين الصديقين وأحد ممكنات اللجنة السعودفية الروسية المشتركة ومجلس الأعمال السعودي الروسي لتحقيق المصالح المشتركة.
وأعرب عن تطلعه أن يحقق هذا المنتدى الأهداف التي عقد من أجلها ومنها إيجاد الفرص التجارية والاستثمارية ذات القيمة المضافة وإيجاد تحالفات من قبل رجال وسيدات الأعمال السعوديين والروس لبناء شراكات ناجحة.
وعلى هامش الزيارة، شارك نائب رئيس مجلس إدارة «سابك» الرئيس التنفيذي يوسف بن عبدالله البنيان في حلقة النقاش التي عقدت خلال أعمال منتدى الاستثمار السعودي الروسي تحت عنوان «تعزيز الاستثمار الاستثنائي»، مسلطا الضوء على أبرز فرص الاستثمار في المملكة العربية السعودية في ضوء رؤية المملكة 2030.
وأوضح أن شركة «سابك» بوصفها لاعباً رئيساً في الجهود الرامية إلى تمكين التنويع في مجال الصناعات التحويلية، تحرص على الالتزام التام بالرؤية الطموحة، وتعمل على الاستفادة من مواردها الحالية، ووضع برامج جديدة لتحقيق الأهداف الطموحة التي حددتها الرؤية.
وأشار إلى أن روسيا تقدم فرصاً مهمة للشركات العالمية مثل «سابك»، وفي الوقت ذاته، توفر المملكة عدداً من الفرص الاقتصادية المتاحة للمستثمرين الأجانب، في إطار الأهداف الطموحة التي حددتها «رؤية 2030»، معرباً عن تقديره للعلاقات التجارية مع السوق الروسية التي تسهم في تعزيز التجارة الثنائية بين البلدين.
وبناء على ما توصلت إليه حكومتا المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية من اتفاق على توريد عدد من أنظمة التسليح، أعلنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية توقيع مذكرة تفاهم وعقد الشروط العامة مع شركة «روزوبورن اكسبورت» وهي شركة تصدير الأسلحة والمنتجات العسكرية التابعة لروسيا الاتحادية، وبتوجيه من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وقع الجانبان على هذه الاتفاقيات التي من المتوقع أن تقوم بدور محوري في نمو وتطوير قطاع صناعة الأنظمة العسكرية والأسلحة في المملكة.
وتعنى مذكرة التفاهم بشكل رئيس بتوطين صناعة واستدامة أسلحة نوعية ومتقدمة جداً في المملكة بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030، وتشمل هذه المذكرة نقل تقنية صناعة أنظمة «Kornet-EM» وهو نظام صاروخي متطور مضاد للدبابات إضافة إلى نقل تقنية صناعة منظومة راجمة الصواريخ «TOS-1A» وراجمة القنابل «AGS-30».
كما اشتملت مذكرة التفاهم على أن يتعاون الطرفان لوضع خطة لتوطين صناعة واستدامة أجزاء من نظام الدفاع الجوي المتقدم «S-400»، بينما يعنى عقد الشروط العامة بتوطين صناعة سلاح «الكلاشينكوف AK- 103» وذخائره في المملكة العربية السعودية، ما سيسهم في رفع المحتوى المحلي وتعزيز الاكتفاء الذاتي بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
إضافة إلى ذلك، فقد اشتملت هذه الاتفاقيات على برامج لتعليم وتدريب الكوادر الوطنية في مجال الصناعات العسكرية بما يضمن استدامة وتطور هذا القطاع في المملكة العربية السعودية.
وشهدت الزيارة إقامة فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي في روسيا التي ضمت العديد من الأنشطة المتنوعة واشتملت على عروض فلكلورية، ومقاطع موسيقية بألحان سعودية، ومعرض الفن السعودي، إضافة إلى عرض لبعض المأكولات الشعبية التي تشتهر بها مختلف مناطق المملكة.
ووجدت الفعاليات التي اشتملت على إقامة ندوة مفتوحة عن آفاق العلاقات السعودية الروسية، وأمسية للأفلام السينمائية السعودية، تفاعلًا كبيرًا من الشعب الروسي الصديق الذين حرصوا على الوقوف على هذه الأنشطة، والمشاركة في العروض الفلكلورية التي أبهجت الحضور.
وعلى هامش الزيارة أيضًا وقع رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين بن حسن الناصر، 5 مذكرات تفاهم مع كبرى شركات الطاقة الروسية، وذلك خلال أعمال منتدى الاستثمار السعودي الروسي الأول الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، والصندوق الروسي للاستثمار المباشر في العاصمة الروسية موسكو.
وشملت هذه الاتفاقيات مذكرة تفاهم ثلاثية الأطراف مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، والصندوق الروسي للاستثمار المباشر للاستثمار في قطاعي خدمات الطاقة والتصنيع.
وتمهد هذه المذكرة الطريق أمام تطوير الأعمال الجديدة عبر سلسلة القيمة للطاقة، وخدمات حقول النفط والتصنيع، ومجمع الصناعات البحرية في رأس الخير، والشراكات المرتقبة في مدينة الطاقة الصناعية التي طورتها أرامكو السعودية.
كما وقعت الشركة مذكرة تفاهم مع رائدة شركات الغاز في روسيا «غازبروم» تمكِّنها من تطوير محفظة أعمال كبيرة تُعنَى بالتنقيب عن الغاز وإنتاجه على الصعيد الدولي، فضلًا عن المساعدة على ظهور موردين جُددٍ في السوق السعودية.
وتضم مذكرة التفاهم عدة موضوعات منها تجارة الغاز الطبيعي المسال، وسلسلة القيمة للغاز الطبيعي المسال، والتنقيب والتطوير، وتخزين المنتجات.
ووقعت أرامكو مذكرة تفاهم مع شركة ليتاسكو التي تتخذ من سويسرا مقرًا رئيسياً لها، وتعد الذراع التسويقية والتجارية الدولية لشركة لوك أويل إحدى أكبر شركات النفط الروسية والنافذة التي تصل من خلالها أرامكو السعودية والمملكة إلى مصافي البحر الأبيض المتوسط الذي يشهد توسعًا كبيرًا للشركات الروسية هناك، علماً أن قرب البحر الأبيض المتوسط من البحر الأحمر يمثل نقطة إمداد مهمة إستراتيجيًا للمملكة.
وأبرمت مذكرة تفاهم مع شركة «غازبروم» نفط في التعاون في مجال التقنيات والبحوث والتطوير وهي (الشركة التابعة لشركة غازبروم الروسية، ورابع أكبر شركة روسية في إنتاج النفط) وتهدف المذكرة إلى التعاون في مجال التقنيات والبحوث والتطوير والتدريب.
ووقعت كذلك أرامكو مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، وشركة سيبور الروسية (التسويق الإستراتيجي للبتروكيماويات) تمكن جميع الأطراف من الاشتراك في تقييم الفرص المحتملة للتعاون في قطاع البتروكيماويات، بما في ذلك تسويق المنتجات البتروكيميائية في كل من روسيا والمملكة العربية السعودية.
ووقعت أثناء الزيارة مذكرة تفاهم للتعاون العلمي الجيولوجي بين كل من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والمؤسسة الجيولوجية الروسية القابضة بهدف تطوير التعاون بين البلدين في المجال العلمي الجيولوجي على أساس المساواة وتبادل المنافع، وإيجاد إطار لتبادل المعرفة العلمية والفنية وزيادة المقدرات الفنية الجيولوجية.
وتشمل المذكرة التنقيب الجيولوجي وتقويم الموارد، والتنقيب الجيوفيزيائي عن المعادن والمياه الجوفية، وتطبيق نمذجة للمياه الجوفية، والجيولوجيا البحرية، ودراسات جيولوجية وتعدينية وبيئية، وتطبيقات نظائرية لعلوم الأرض، ونظم المعلومات الجغرافية.
وأقيمت في العاصمة الروسية موسكو ندوة بعنوان «آفاق التعاون الثقافي والإنساني بين المملكة وروسيا» ضمن برنامج فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي في روسيا.
ودارت رحى الندوة حول العلاقات بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية والزيارات الأخيرة التي تمت بين القيادتين في البلدين خلال العامين الماضيين ومنها زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لروسيا الاتحادية، ولقاؤه الرئيس الروسي.
وتطرقت الندوة أيضًا إلى الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تمت بين البلدين حيث ستفتح آفاقا جديدة في العلاقات بين البلدين.
كذلك تم التحاور حول الثقافة الروسية ومعهد الترجمة ومشروع المكتبة الروسية ووصول الإسلام لروسيا في القرن السابع الميلادي ومتحف موسكو التاريخي الذي يضم معروضات وتحف وتقنيات تبرز مكانة موسكو التاريخية.
وعند زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمملكة في شهر فبراير عام 2007، التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «عندما كان أميرًا للرياض» عشية جولته في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وعدد من الأمراء.
وخرجت زيارة الرئيس الروسي للمملكة بتوطيد أكثر للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن أثمر عنها توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادية، وثقافية، وإعلامية، وفي مجال خدمات النقل الجوي.
وأكدت الأحداث الدولية حرص المملكة وروسيا على تعزيز العلاقات القائمة بينهما على مبدأ احترام القوانين الدولية، والسيادة، علاوة على تطابق وجهات النظر الثنائية تجاه العديد من الملفات المعقدة على المستويين الإقليمي والدولي، ومنها ملف الاقتصاد الدولي، بوصفهما قطبي الاقتصاد النفطي اللذين أسهما بشراكتهما الإستراتيجية في استقرار أسعار النفط، وإيجاد توجه إيجابي في السوق النفطي.
واهتم البلدان في العديد من المناسبات الثنائية والدولية بتبادل الآراء حول أزمات سوق النفط العالمي، مثل ما جرى على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في الصين 2016 التي شاركت فيها المملكة بوفد رأسه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إذ أكدت المملكة وروسيا في اجتماع ثنائي على هامش القمة أهمية التعاون المشترك أو بالتعاون مع منتجين آخرين لبحث أوضاع السوق النفطي من خلال تشكيل فريق عمل مشترك لمراقبة ومراجعة أساسيات سوق النفط، وتقديم توصيات بالتدابير والإجراءات المشتركة التي تؤمِّن استقرار أسعاره وتجعلها قابلة للاستشراف، وأثمر هذا التفاهم في تطور التعاون بين منظمة «أوبك» وروسيا بشكل متسارع.
وزاد التقارب السعودي - الروسي خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تحقيقًا لمصلحة البلدين المشتركة وأمن المنطقة، فبناءً على توجيهه واستجابة لدعوة الحكومة الروسية زار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع روسيا في 18 يونيو 2015.
والتقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في مقر إقامته بسان بطرسبيرغ بعدد من المسؤولين الروس، منهم: رئيس مجلس الأعمال الروسي السعودي فلاديمير يفتو شكوف، والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديميتروف، ورئيس شورى المفتين لروسيا، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية الشيخ راوي عين الدين، وبحث معهم آفاق التعاون بين المملكة وروسيا في مختلف المجالات.
وخلال هذه الزيارة جرى توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين المملكة وروسيا تختص بالمجالات العسكرية المختلفة، وإعداد برنامج تنفيذي لتنفيذ اتفاقية التعاون البترولي، والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان، ومذكرة النوايا المشتركة في مجال الفضاء.
وفي إطار التواصل بين البلدين، التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -رئيس وفد المملكة في قمة دول مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة هانغتشو الصينية عام 2016- الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي 30 مايو 2017، زار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز روسيا استجابة للدعوة المقدمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لبحث العلاقات الثنائية، وتعزيز أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
والتقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحث الجانبان تعزيز التوافق السعودي الروسي حول الاتفاق النفطي الذي قادته المملكة إذ يضمن لأول مرة في تاريخ المنظمة تعاون الدول المنتجة للنفط من خارج «أوبك»، وعلى رأسها روسيا، كما بحثا فرص تحفيز هذا الاتفاق وتفعيله لتحقيق عوائد إيجابية لتحقيق الاستقرار في أسواق البترول.
واستعرض مع الرئيس الروسي التعاون السعودي الروسي في مجال الصناعات البتروكيماوية وعدداً من الصناعات النفطية، بالإضافة إلى موضوع الشراكة وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف بما في ذلك آسيا الوسطى، واتفقت المملكة وروسيا على عدد من القضايا الإقليمية.
وبالقدر والأهمية التي توليها المملكة لتطوير العلاقات الثنائية مع روسيا في جميع المجالات، لا تُغفل اهتمامها بأكثر من 20 مليون مسلم روسي، إذ تحرص دائماً على رعايتهم أثناء قدومهم لأداء فريضتي الحج والعمرة، علماً أن عدد الحجاج الروس يبلغ سنويًا ما بين 16- 20 ألف حاج، إضافة إلى آلاف المعتمرين على مدار العام.
وفي 28 أغسطس 2017 أعرب النائب الأول لرئيس مجلس الشيوخ للجمعية الفدرالية لروسيا الاتحادية مستشار الرئيس الروسي إلياس أوماخانوف عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على الاهتمام الذي يحظى به حجاج روسيا الاتحادية منذ وصولهم وحتى مغادرتهم بعد أداء نسكهم.
وأشار إلى أن الخدمات والجهود الجبارة والمتطورة التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين للحجاج أسهمت بشكل كبير في أداء الحج بكل يسر وسهولة من خلال منظومة عمل متكاملة بين جميع الجهات المعنية للوصول إلى النجاح المتميز الذي تسعى المملكة إلى تحقيقه كل عام، وبالتطور العمراني والتنظيم في المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين والتعاون من الجميع لخدمة الحجاج وتقديم كل ما يحتاجونه بإخلاص وتفان.
ولم يكن اهتمام المملكة بالحجاج عامة وحجاج روسيا خصوصا حديث العهد، بل أسس هذا النهج القويم الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، ولا أدل على ذلك من البيان الذي أصدره وفد مسلمي روسيا في 15 / 7 / 1926 خلال المؤتمر الإسلامي الأول الذي عقد في مكة المكرمة، إذ شكروا فيه الملك عبدالعزيز على مواقفه الإسلامية المشرفة، وعلى اهتمامه باستتباب الأمن في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة بشكل لم يُعرف مثيله قبل قرون عديدة من عهده -رحمه الله-، ونُشر هذا البيان في العدد 83 من صحيفة «أم القرى».
يذكر أن متانة العلاقات السياسية بين المملكة وروسيا تجسدت منذ قديم الأزل، وعبرت عن هذه المتانة الزيارات والاتصالات المستمرة بين قيادتي البلدين على مر السنين من أجل دعم العلاقات الثنائية في جميع المجالات، وقد رصد التاريخ أول زيارة سعودية رسمية إلى روسيا عام 1932 للملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- الذي زارها بتوجيه من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- حينما كان نائبًا له في الحجاز.
كما زارها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في شهر سبتمبر عام 2003 عندما كان ولياً للعهد، وأسفرت زيارته -رحمه الله- عن التوقيع على اتفاقية تعاون في قطاع النفط والغاز، ومذكرة تفاهم للتعاون العلمي والتقني وعدد من الاتفاقيات الأخرى.
وزار روسيا كذلك الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بتاريخ 21 نوفمبر 2007، وأثمرت الزيارة عن زيادة التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وزيادة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية والنقل، في حين أسفرت زيارات الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- إلى روسيا عن الكثير من النتائج الإيجابية في تعزيز التنسيق بين البلدين تجاه العديد من القضايا، إضافة إلى دعم العلاقات الثنائية.
وخاضت المملكة تجربة تعاون جديدة مع روسيا بخلاف التعاون السياسي والاقتصادي، حيث وجهت بوصلة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي إلى أعرق الجامعات الروسية المعروفة في العالم يدرسون بتخصصات علمية وطبية دقيقة بإشراف سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى روسيا ممثلة في الملحقية الثقافية من أجل متابعة مسيرتهم الدراسية، وتلمس حاجاتهم حتى يعودوا إلى أرض الوطن متسلحين بالعلم والمعرفة.