أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم أن التعصب تعارف يدفع التناكر وتآلف يدفع التخالف، وأن الله لم يجعل الناس شعوبا وقبائل ليبغي بعضهم على بعض ولا ليذيق بعضهم بأس بعض ولا ليلعن بعضهم بعضا، ولم يجعل لغاتهم سببا في اجتماعهم ولا ألوانهم ولا أراضيهم، وإنما جعل لهم دينا يجمعهم ولا يفرقهم، ويصلحهم ولا يفسدهم وينفي العصبية عنهم كما ينفي الكير خبث الحديد، إلا أن ثمة أقواما يفسرون الأمور وفق ما يريدون لا وفق حقيقتها، مشيراً إلى أن التعصب يولّد في نفس صاحبه احتقار من ليس في فلكه ولا هو من لونه ونسبه وكفى بذلكم إثما مبينا وشرا مستطيرا. وأوضح الشيخ الشريم أن التعصب يفتك بصاحبه فتكا حتى يجعل صدره ضيقا حرجا لا يرى معه إلا نفسه ومن كان في دائرة عصبيته، بخلاف السماحة التي تجعل صدر صاحبها دوحة واسعة الظل ينعم بظلها كل أخ له في الدين مهما كان بينهما من فروق اجتماعية أو اختلاف تنوع لا تضاد فيه ولا يبتر الأصول الجامعة بينهما تحت راية الدين العادلة، كما أنه ما من متعصب إلا كان رائده الهوى والهوى يعمي ويصم وما رؤي متعصب قط عرف بالعدل والإنصاف ولا متعصب متحل بالحلم والأناة ولا متعصب وسطي وإنما المتعصب إمعة مقلد عاصب عينيه خلف هواه ومن هو معجب به وهو دون ريب داء معدٍ ونتاج عداوة أصابت المتعصب بالاضطراب تجاه الصواب، فيرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع المعترض في عينه ويعيب على غيره ما هو واقع في أسوأ منه. وأضاف الشريم، إنه ما من امرئ إلا لديه نقص من وجه مهما بلغ في علمه وجاهه ونسبه ومذهبه، وكثيرون ممن يتجاهلون نقصهم يجعلون دونه ستار التعصب ليخفوا من ورائه ما لا يريدون محله إلا الكمال الزائف.