-A +A
فهيم الحامد (الرياض)
عندما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن ميزانية المملكة لعام 2020 أمس الأول بقيمة 1020 مليار ريال، والتي تعتبر الميزانية الأكبر في تاريخ المملكة، فإنه وضع في أولوياته عدة محاور أبرزها: دعم النمو الاقتصادي، رفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق الاستدامة والاستقرار المالي، ضمن أهداف رؤية المملكة 2030، فضلا عن تعزيز مسيرة التنمية والتأكيد على استمرار عزم الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، ورفع كفاءة وشفافية الإنفاق الحكومي. وهذا ما أكد عليه خطاب خادم الحرمين الشريفين أيضا عندما قال: «إن الإصلاحات تسير بخطى ثابتة واستمرار المملكة في منظومة الإصلاح ورفع كفاءة الاقتصاد والنمو الاقتصادي».

وما يثير الاهتمام في الميزانية هو التركيز على الإفصاح والشفافية والحوكمة المالية من خلال الأمر الواضح لتعزيز أدوار الهيئات الرقابية ومعاقبة كل من لا يلتزم، وتضمن الخطاب الملكي توضيح الصلاحيات والتزامات وأدوار وزير المالية ووزير الخدمة المدنية بشكل واضح مما يعزز الحوكمة المالية والهيكلية وحوكمة الوظائف للدولة والتأكيد على الالتزام بكل ما تضمنته الميزانية من برامج ومبادرات مما يعني الالتزام بمبادئ الحوكمة والكفاءة المالية. ومن النقاط الإيجابية التي تمحورت عليها الميزانية هو الحفاظ على رفاهية المواطن والالتزام لتحقيق متطلباته، إلى جانب أمر خادم الحرمين الشريفين باستمرار صرف بدل غلاء المعيشة للموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والضمان الاجتماعي والطلاب والطالبات لمدة عام مالي واحد.


وتشير البيانات التي طرحتها الميزانية إلى نمو الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي مدفوعاً بمعدلات إيجابية للقطاعات غير النفطية الرئيسيّة، 5.3٪؜ نمو في الصناعات التحويلية، أما قطاع النشاطات التعليمية والتحذيرية فلقد بلغ 4.4٪؜ لنفس الفترة، كما سجلت الخدمات في قطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال نموا حقيقيا بمعدل 3.2% والخدمات الحكومية سجلت نموا بـ 4.1٪؜. ولقد أوضح وزير المالية محمد الجدعان أن من المتوقع أن يبلغ الإنفاق الفعلي لعام 2019، 1.048 مليارريال، وإجمالي إيرادات فعلية بنحو 917 مليار ريال، والعجز عند 131 مليار ريال (4.7% من الناتج المحلي الإجمالي). وتؤكد أرقام الميزانية على حرص الحكومة على مواصلة تنفيذ خطط الإنفاق الرئيسة، وتنفيذ المشاريع الكبرى، وبرامج تحقيق الرؤية، وتطوير البنية التحتية، وبرامج شبكة الحماية الاجتماعية، وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين وفق رؤية المملكة 2030، كما تواصل ميزانية 2020 التركيز على قطاعيّ الصحة والتعليم، إذ بلغ ما تم تخصيصه لقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية حوالى 167 مليار ريال، ولقطاع التعليم حوالى 193 مليار ريال، بما يمثل نسبة 35% من إجمالي الإنفاق المعتمد.

وأظهر البيان المالي للميزانية، أن النمو الاقتصادي المتوقع في 2019 يبلغ 2.6%، وأن يبلغ عجز الميزانية 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يصل رصيد الدين العام إلى 678 مليار ريال (180.8 مليار دولار) ليمثل 22% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 25% بحلول عام 2021. أما النفقات على مستوى القطاعات فقد كانت النسبة الأكبر لقطاع التعليم بـ193 مليار ريال بمعدل تغير سنوي 6-٪؜ تضمنت المبالغ المخصصة لتحقيق برامج الرؤية والمقدرة بـ5 مليارات ريال، إضافة إلى مخصص مبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية الذي سيعلن عنه لاحقاً وبعض المشاريع القائمة للمجمعات التعليمية والمدارس والمعامل والمختبرات والبنى التحتية وتقنية المعلومات للجامعات والمعاهد وكليات التدريب واستمرار الصرف على المشاريع الحالية من مدارس وكليات، ويليه القطاع العسكري بـ191 مليارا بمعدل تغير سنوي 12-٪؜.

إن أرقام ميزانية التريليونية، بعد بكل المعايير مؤشر قوي على النمو المالي وزيادة الحراك الاقتصادي والاستثماري وتعزيز الحوكمة وتحسين التواصل بين الجهات الحكومية وتعزيز الشفافية مدعوما بالنفقات التوسعية.

ويلاحظ من خلال الأرقام المعلنة أن الإنفاق الأضخم في مسيرة التوسع الحكومي في الإنفاق سيبلغ نحو 1.1 تريليون ريال وبنسبة عجز بلغت 128 مليار ريال، أي بتراجع ملحوظ بنسبة 33% عن العجز المقدر في موازنة 2018 والبالغ نحو 195 مليار ريال، وهذا يظهر بكل تأكيد انعكاس هذه الموازنة على دورة الاقتصاد الفعلية، التي من المهم أنها تشجع وتدعم القطاع الخاص، وتوفر آلاف الفرص الواعدة للمواطنين بما يحقق ويحسن بيئة الأعمال، وزيادة معدلات الاستثمار، ورفع مستوى التنمية. ميزانية ٢٠٢٠ اعتمدت على الشفافية.. رفع الكفاءة، وتنويع مصادر الدخل.