يقولون «الفن يجمع الفرقاء»، ولكنه الليلة جمع الغرباء أيضا، فقد قادت أنغام العود التي كان يدندن عليها سعيد مجموعة من الشباب الذين لا يعرفون بعضهم، قضوا أكثر من ساعة في أحد الطرقات القريبة من شاطئ جدة يعزفون على أوتار العود وعلى أنغام صداقة عابرة قد لا يلتقون على رصيفها مرة أخرى. عزف طرزه طقس العروس الممزوج بنسمات الحرية.
الأمسية الفنية جمعت سعيد، وأبو طلال، وفراس، هكذا بلا ألقاب، ولا قرابة ولا تفاصيل أخرى، وعابرين لا نعرفهم أخرجهم شتاء جدة وجذبهم الفن لهذه الأمسية الطارئة.
مرة يغنون لفيروز ومرة يتذكرون ألحان بليغ حمدي ثم يعودون لأغاني الفنان الراحل طلال مداح، أكثر من ساعة متواصلة لم يتوقفوا عن الغناء، مستذكرين المقامات ومسترجعين للذاكرة كلمات الأغاني العربية الأصيلة.
لتنتهي الليلة دون أن نعرف بعضنا أكثر من ذلك.
يقول سعيد: «كثيرا ما جمعنا الفن مع أناس لا نعرفهم، وكثيرا ما صنعت أنغام العود مثل تلك اللقاءات السريعة، فما أن يستقر صوته على مسامع العابرين حتى تجذبهم إليه، وهكذا هو الفن يقرب المسافات البعيدة ويذيب الخلاف ويوحد الشعوب».