-A +A
فهيم الحامد (الرياض) falhamid2@
أضحت الشراكة الإستراتيجية بين المملكة واليابان نموذجاً مثالياً للشراكات الإستراتيجية إذ تعززت العلاقات بفضل تماهي الرؤية السعودية 2030 مع الرؤية اليابانية اللتين تمثلان إستراتيجية للتحول في القرن الواحد والعشرين، وهي تتناسب مع تطلعات اليابان، فالمملكة هي القاعدة الأنسب التي تتيح لليابان التوسع في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، إذ تتوافر كل المقومات والفرص بما يخدم المستثمرين نحو تحقيق أعلى معدلات الربحية بأقل مخاطرة من بيئة مناسبة وبنية تحتية متطورة، مع التحسين الدائم والتطوير المستمر للإجراءات والأنظمة.

وتم اقتراح الرؤية السعودية اليابانية 2030 لأول مرة في سبتمبر 2016 خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ وافق ولي العهد ورئيس الوزراء آبي على تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين من خلال إنشاء المجموعة المشتركة للرؤية السعودية اليابانية 2030 التي بشرت بعهد جديد من الشراكة بين البلدين «ومنحت آفاقاً جديدة بناء على رؤية مشتركة لـ 2030»، فقد أسهمت زيارات سمو ولي العهد لليابان في تحقيق قفزة نوعية في العلاقات التاريخية بين الرياض وطوكيو.


وبدافع من الأهمية التي تمليها قوة المصالح بين الدولتين، والتي أرستها العلاقات على مدار أكثر من 80 عاماً، يزور رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي المملكة حالياً، في خضم التوترات التي تشهدها المنطقة وتؤثر على إمدادات الطاقة؛ نتيجة الاعتداءات الإيرانية المتكررة على ناقلات النفط، ومن بينها ناقلات يابانية؛ الأمر الذي يُعد مصدر قلق كبير بالنسبة لليابان، التي تعتمد على منطقة الشرق الأوسط في استيراد النفط؛ إذ تشير الإحصاءات إلى استيرادها 87 % من احتياجاتها من النفط عام 2017 من الشرق الأوسط، وقد جاءت معظم الكمية من السعودية والإمارات، وجرى نقل أكثر من 80 % من النفط عبر مضيق هرمز.

وتتمحور زيارة «آبي» حول أولويات اليابان الحالية المتمثلة في ضمان إمداد مستقر للطاقة وسلامة السفن، التي دفعتها إلى إعطاء أوامر لقوة الدفاع الذاتي البحرية، لإرسال مدمّرة وطائرتي مراقبة من طراز «بي-3سي» إلى الشرق الأوسط؛ للقيام بأنشطة استخباراتية لتأمين المرور الآمن للسفن التجارية اليابانية في المسارات البحرية في المنطقة، خصوصاً خليج عمان وبحر العرب وخليج عدن. ويسعى «آبي» خلال زيارته إلى توضيح طبيعة مهمة تلك القوات، التي سيجري نشرها قريباً، إضافة إلى بذل المساعي الرامية إلى تهدئة التوترات وخفض التصعيد، الذي تشهده المنطقة لاسيما مقتل قاسم سليماني. وفي إطار إحلال الأمن والسلام في المنطقة تبذل المملكة مع اليابان جهوداً كبيرة لتحقيق السلام الدائم والشامل في منطقة الشرق الأوسط، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. كما أن اليابان تسعى إلى الاحتفاظ بعلاقات متميزة مع دول المنطقة، وتؤكد أنها صديق قديم للعالم العربي، وتطمح لبناء شراكة شاملة مع دول الشرق الأوسط، وخصوصاً المملكة التي تعدها شريكاً مهماً للغاية لأمن الطاقة في اليابان؛ لأن المملكة تحتل المرتبة الأولى في تزويد اليابان بالنفط الخام ومشتقاته، بما يشكل أكثر من ثلث إجمالي واردات اليابان من النفط.

وتتلاقى أولويات اليابان في تأمين إمدادات النفط والحفاظ على حرية الملاحة البحرية في الخليج العربي ومضيق هرمز مع مصالح السعودية التي تعمل منذ استهداف إيران لناقلات النفط في الخليج على تحقيق الأهداف ذاتها، كما تشترك الرياض وطوكيو في الرغبة في تعزيز الحوار الأمني، ليشمل الأوضاع الإقليمية والأمن البحري وأمن خطوط الملاحة البحرية وحظر الانتشار النووي ومكافحة الإرهاب

شراكة الرياض - طوكيو - الرؤية 2030.. تماهٍ.. تشابك مصالح.. وتأمين عصب العالم، وهو النفط.