-A +A
أحمد سكوتي (جدة) askoty@
فور دخولك في الصالة الرئيسية لمرور جدة، الكائن في حي الصحافة، ترقب شرطية تحمل الشارة مثل أقرانها الرجال، تخاطب الجمهور بما تعلمته من فن التعامل مع الجمهور، تتلقى المعاملات، وتضع تأشيرتها على بعضها، وتنفذ بعضها الآخر، فيما تحدد الناقص في البعض الآخر.

تغير المشهد سواءً فيمن يدخل الصالة للمراجعة، أو من يجلس على مكاتب الخدمات، فبعدما كان دخول الصالة مقتصرا على الرجال فقط، وإن لم يكن مضمون هذا الشعار منسوخا على لافتة معلقة في أي من جدران الصالة، إلا أنها كانت مطبقة على أرض الواقع منذ سنوات عدة.


فلم يعتد الرجال من المراجعين أن يروا سيدة تدخل تلك الصالة أو تراجع نوافذ المراجعة والخدمات، لكنها اليوم أضحت في موقع متقدم لا يخولها فحسب المراجعة لتنفيذ خدمة ما تختص بالمركبات أو برخص القيادة والسير، بل باتت من تحمل على عاتقها تنفيذ المعاملات.

«كيف ترون أداءها؟!»

سؤال ربما يحسم كثيرا من علامات الاستفهام، حول قدرة المرأة في العمل الشرطي من خلال ما أتيح لها من تمكين وما وضع لها من تدريب وتأهيل، لكن الإجابة التي ترتسم على الوجوه ربما تكون أسرع من الصوت، فحسب الوجوه المعبرة، نالت الشرطيات الجدد شهادة الأداء بارتياح، فهي «قادرة ومتمكنة ومؤهلة»، ولا يشك أحد نهائيا أن هذا النوع من العمل كان غريبا عليها، في ظل القناعة التامة أنها لم تمارسه بالفعل منذ سنوات فحسب بل منذ عدة شهور.

لم تتغير إشارات المرور في صالة المراجعين، بل كانت أكثر انضباطا، فالتقنية وقفت أيضا في صف العمل لتوحيد الاتجاه، إذ سهلت الكثير من المعاملات، فبات الدخول إلى الصالة والخروج منها يتم في أسرع وقت، ربما هي ذات المسافة الزمنية الفاصلة بين تبدل الشارات الضوئية في اللوحة المرورية، ما بين الأحمر إلى الأصفر إلى الأخضر، ثم يأتي العبور بسلام.

مرت المرأة السعودية داخل المرور بالسرعة الكافية والمهارة اللازمة، بعدما عرفت كيف تعبر الطريق وعيونها تعبر عن مشاعرها، ما كان مستحيلا أصبح واقعا.

اليوم تتجدد الخطى في مديرية الدفاع المدني بالرياض، لتتولى 60 سيدة المهمة الأولى في العمل بمختلف تخصصات الأمن والسلامة والتفتيش، من المؤكد أنها ستعبر ذات الطريق الذي عبرته شرطية المرور في حي الصحافة بجدة.

صحيح أن المسافة بين الرياض وجدة تزيد على 1000 كيلومتر، لكن الأصح أن ما يربط هاتين المدينتين المتباعدتين ليس فقط وسائط النقل المختلفة من طيران إلى مركبات وحافلات، ولكن التناغم الرائع الذي بات أسرع من سرعة الطائرة التي تستغرق ساعتين لتجاوز المسافة الفاصلة بين المدينتين.

هناك الرياض والدفاع المدني، وهنا جدة والمرور، والنساء بين هذا وذاك يرفعن شارة التحية العسكرية لمن وضعهن في صف المقدمة، واقعا لا حلما، منذ بدء إعلان دخول النساء شرطيات مرور في مارس 2019، مرت سنة تقريبا، وفي الذكرى الأولى جاء صدى النساء بالتحية «عاش الملك للعلم والوطن».