-A +A
أحمد سكوتي (جدة) askoty@
لم تكن تحاليل الـ DNA وراء حل لغز اختفاء طفلين منذ ولادتهما (الأول قبل 23 سنة والثاني قبل 20 سنة)، إذ إن من الإنصاف القول إن القضية يجب أن ينظر لها من قالب تساؤلي، فكيف يمكن لهذه التحاليل التي لا شك في أنها تعد حاسمة في إثبات أو نفي النسب، أن تجد لها طريقا من النفاذ، لو لم يكن هناك شخص أو جهة فكت اللغز مسبقا، ووضعت أياديها على خيوط العنبكوت، واستعادتها من الأرفف بعدما اعتراها التراب والغبار، وجمعت وحللت لتصل في النهاية إلى القول الفصل، هذا هو خيط الجريمة.

وراء المكاتب المغلقة أناس يعملون في صمت، لا ينامون أحيانا، وإذا ناموا كان همهم استعادة الحق، أو فك الألغاز التي تتعلق بمصير أناس مظلومين، يبحثون عن العدالة سواء لهم أو لغيرهم.


وفي كل قضية يتحدث الإعلام ويركض وراء أطراف القضية، وينسى من نجحوا في أن تكون القضية حاضرة، وهم أساس ميلاد جديد لتلك القضايا.

وفي قضية الرضيع المختطف منذ 20 سنة الذي أسمته أسرته موسى علي الخنيزي، لم تكن التحاليل المخبرية قادرة على فضح السؤال الأهم فيما إذا كان من عثر عليه بحوزه سيدة خمسينية هو هذا الطفل المختطف، أم لا، لولا أن قيض الله تعالى له ولأسرته من يملك المقومات والقدرات والمؤهلات والإمكانيات، ليعرف "الخبيث من الطيب"، ويستطيع أن يفرق بين سيدة تبحث عن هوية لاثنين من الشباب يرافقانها علها تجبر السلطات الأمنية على الإذعان لرغبتها في وضعهما كابنين لها وإن كانا ليسا من رحمها، وبين أم متلهفة حملت 9 أشهر، وتأوهت بآلام المخاض، وجفت عيناها من البكاء على فقد ابن لها أرضعته مرة واحدة، وفقدته عقدين من الزمان.

قبل 6 سنوات، كان للمتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي تصريح شهير، ربما لم يأخذ حقه اعلاميا، إذ أكد أن "الجهات الأمنية لا تسجل أي قضية ضد مجهول، حتى إن تأخر الكشف عن منفذي هذه العمليات الإجرامية"، لافتا إلى أن رجال الأمن يتميزون بالاحترافية لضبط المجرمين، وتقديمهم للقضاء.

وبالأمس كان البيان بالعمل، إذ إن شرطة المنطقة الشرقية دللت على القول، بعدما فتحت ملفا كان يظنه البعض مغلقا، حتى أسرة الطفلين المختطفين، ربما حاولت كُرها تناسي القضية، وإن كانت في قلبها ذرة أمل معبرة عن قلب الأم وعاطفة الأب.

فاصل القول أن من طبع قبلة الحياة في فمي طفلين مختطفين منذ عقدين، يستحق أن نرفع له القبعات، ونضاعف له الدعوات، هم رجال يستحقون الذكر والتقدير، مع كل فرحة تعيشها الأسرتين السعيدتين بعودة ابنيها المختطفين بعد طول غياب.

تحية لمن التقط الخيط الأول في القضية، وتحية لمن رفع الأمر للسقف الأعلى، وتحية لأرشيف لم يهمل القضية، وتحية لمن وضع النقاط على الحروف، لينطق الشابان كلمتي ماما وبابا لمن يستحقهما لا لمن اختطفهما.