في زحمة العمل والكتابة والبحث، كثيرا ما أنسى أسماء خليجية لامعة يجب أن نرفع لها القبعة وأن نسلط الضوء على مسيرتها العلمية والمهنية ونقدمها للأجيال الجديدة، كنموذج للعصامية والإنسانية وللكد والدأب المتواصل في مجال تخصصها.
لا أدري كيف غاب عن بالي الكتابة مبكرا عن استشارية القلب والأوعية الدموية الكويتية الدكتورة فريدة الحبيب رغم أنها كانت زوجة لأحد أعز أصدقائي الكويتيين، وهو رجل العلم والسياسة أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة الكويت الإنسان النبيل د. أحمد بشارة، الذي ربطتني به علاقة فكرية وإنسانية منذ مشاركاتنا السنوية في منتدى التنمية الخليجي.
تعتبر الدكتورة الحبيب بحق نموذجا وضاء للمرأة الكويتية العاملة المتنورة الأنيقة ذات الخلق الرفيع واللمسات الإنسانية والطموح اللامحدود، مما يجعلها مفخرة لوطنها الكويتي وقدوة لمواطناتها وللمرأة الخليجية بصفة عامة.
ولدت فريدة محمد علي الحبيب بالكويت في أواخر خمسينات القرن العشرين لعائلة مكونة ــ إضافة إليها ــ من أربع فتيات وأربعة أولاد، كان ربها محمد الحبيب من أوائل الكويتيين الذين دخلوا مجال البناء والإنشاءات من خلال شركة أطلق عليها اسم «شركة التعهدات المعمارية». هذه الشركة، التي يتذكرها الكويتيون من جيل ما قبل الاستقلال نفذت الكثير من المناقصات الحكومية كشارع فهد السالم والمباني الخاصة لعلية القوم.
ومن المفارقات التي تحدثت عنها الحبيب أخيراً في حوار بثته محطة تلفزيون الكويت أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وأخاه عبدالمنعم كانا يعملان لدى والدها في شركته الإنشائية، وأن أحد البيوت التي قاما ببنائها للتاجر رشيد البدر إنهار أحد جدرانه، فقام الأخير بتقديم شكوى لدى الشيخ عبدالله الأحمد الصباح (رئيس دائرة الأمن العام) ضد الشركة دون أن يتمكن عرفات من إيجاد تسوية بشأنها. وتفاديا للدخول في نزاعات قضائية قام والدها بإعادة بناء الجدار المنهار بسرعة، مستخدما لأول مرة الطوب الجيري الأردني بدلا من الطين. وتمر السنون ويصبح عرفات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية ويأتي إلى الكويت بصفته الرسمية وتقام على شرفه المآدب، ويُدعى محمد الحبيب إلى إحداها ليقابل فيها عرفات ويسأله باستنكار «كيف ستستطيع حل قضية فلسطين المعقدة وأنت الذي فشلت في تسوية قضية انهيار جدار؟».
نشأت الحبيب في بيت كان القول الفصل فيه لجدتها التي كانت تمارس الطب البديل وتتميز بالتدين والصرامة، وهي صفات غرستها في حفيداتها ومنهن فريدة، التي قالت إن جدتها كانت توقظها قبل طلوع الشمس لتأدية صلاة الفجر وتغرس فيها قيم الصدق والمثابرة والإيمان. هذه التربية الصارمة معطوفة على نمط الدراسة المنضبطة على يد ثلة من خيرة المدرسات الفلسطينيات في تلك الحقبة جعلتا منها مغرمة منذ طفولتها بكتابة الأبحاث العلمية. فمثلا كانت تنتهز عطلتها المدرسية في المرحلة الإعدادية لكتابة أبحاث عن الذرة والسرطان وأمراض القلب والسكري ونظرية دارون وغيرها. وفي المرحلة الثانوية كانت على الدوام من الأوائل على صفها.
الاغتراب في القاهرة
بعد إكمالها لتعليمها الأساسي في مدارس الكويت، بدأت رحلة الاغتراب من أجل التحصيل الجامعي وهي في سن الثامنة عشرة تقريبا، فكانت محطتها الأولى مصر التي التحقت فيها بجامعة القاهرة لدراسة الطب بدعم وتشجيع من والدها المقاول «بوسيف». في القاهرة أنهت دراستها بجد والتزام وحصلت في عام 1982 من جامعتها على بكالوريوس الطب والجراحة العامة لتتبعه بالالتحاق بجامعة القاهرة الأمريكية من أجل الحصول على شهادة المعادلة المعروفة باسم ECFMG. وهذه الشهادة هي التي فتحت لها آفاقا جديدة مكنتها من العمل والتدرب الميداني المتقدم في الولايات المتحدة، وتحديدا في مستشفى جاكسون مموريال في ميامي خلال عامي 1984 و 1985، ثم مستشفى كيمبرج التابع لجامعة هارفارد في بوسطن خلال عامي 1985 و 1986.
من أرض المعركة
بعد فترة من انتهاء عملها في الولايات المتحدة وتزودها بخبرات عملية رفيعة عادت الحبيب إلى الكويت لتمارس تخصصها، لكن لم تمض سوى سنوات قليلة إلا ووجدت بلدها محتلا من الجار العراقي وشعبها مشردا في المنافي. في تلك الأيام العصيبة من عام 1990 لم تهاجر للعمل المريح في الخارج كما فعل أطباء كويتيون كثر، وإنما قررت أن تلعب دورا في معركة تحرير بلدها، فكانت الطبيبة الكويتية الوحيدة التي عاشت على حدود الكويت مع مدينة الخفجي السعودية لمعالجة النازحين من بلدها، كما كانت الطبيبة الكويتية الوحيدة التي أسست الساحة العسكرية لمقاومة الحرب الكيماوية بالتعاون مع الجيش الأمريكي. إلى ذلك جازفت ــ دون بهرجة إعلامية ــ بعبور الصحراء من أجل دخول بلدها المحتل لإيصال الدواء والمال للمرابطين، وإخراج الوثائق الرسمية للدولة.
الحنين بعد الكابوس
وما أن انتهى كابوس الاحتلال العراقي سنة 1991، إلا وشعرت بالحنين إلى مقاعد الدرس مجددا، فشدت رحالها هذه المرة إلى بريطانيا، حيث التحقت بـ «إمبريال كولج» التي منحتها درجة الماجستير في أمراض وجراحة القلب سنة 1991، واتبعت ذلك بنيل شهادة الدكتوراه في أمراض القلب الإكلينيكية من الكلية الملكية البريطانية سنة 1995. وقد أتيحت لها في بريطانيا فرص أخرى لتعزيز علمها وخبرتها، فعملت بوظيفة مسجل بأجر مدفوع من الحكومة البريطانية لمدة 5 سنوات بمستشفى «هامر سميث» حيث تدربت على يد الدكتور «غراهام ديفيز» في تركيب بطاريات القلب وقسطرة الشرايين التاجية والتداخلية، كما عملت بوظيفة مسجل أول في مستشفى «هيرفيلد» مع جراح القلب الأشهر البروفيسور مجدي يعقوب في عمليات زرع القلب كل يوم جمعة وسبت وأحد. وخلال سنواتها البريطانية نشرت العديد من الأوراق العلمية في المجلات الطبية المحكمة. وكانت أولى هذه الأوراق في مجال قسطرة القلب ونشرتها لها مجلة Lancet المرموقة عام 1994، لتتلوها أوراق علمية أخرى بلغ مجموعها 45 ورقة حكمها كبار أطباء القلب من شتى أرجاء العالم. وفي هذا السياق قالت في إحدى مقابلاتها التلفزيونية إن «أي طبيب ليست لديه أوراق علمية يوثق فيها أبحاثه ليس طبيبا»، مضيفة أن الطب مهنة شاقة جدا لكنها تحتاج إلى الشغف كي يستمر الطبيب في عمله، وهذا الشغف هو الذي يجعل الطبيب خلاقا ومبدعا.
وهكذا حينما عادت إلى الكويت متوجة بكل ما سبق من إنجازات، كانت ثالث طبيب وجراح قلب في تاريخ الكويت بعد الدكتور عبدالمحسن العبدالرزاق والدكتور ناصر حيات، والأنثى الكويتية الأولى في هذا المجال. وعندما تمّ إدخال الدعامات في مجال القسطرة القلبية استمرت في التدريب مع البروفيسور «ماركو دجين فاجديه» في مدينة تولوز الفرنسية والدكتور «أوغستس» في نيويورك إلى أن حصلت سنة 2006 على زمالة الكلية العالمية للقسطرة التداخلية؛ وهي زمالة توثق التعليم والتدريب. مقولة إن للنجاح أعداء كثرا متربصين تنطبق على الحبيب. فهذه الناجحة الخلوقة المحبوبة من الكل لما قدمته لوطنها في أحلك الظروف، والتي حملت المبضع في يد علاجا لأصحاب القلوب المعطوبة والقلم في يدها الأخرى سلاحا بتارا تدافع به عن حقوق بنات جنسها المسلوبة تكشف به الفساد والمفسدين (من خلال مقالات ساخنة منتظمة بجريدة القبس الكويتية)، سرعان ما تصدى لها الفاشلون وذوو النفوس المريضة من زملائها الكويتيين والعرب ومسؤولي وزارة الصحة ونواب البرلمان من خلال شكاوى كيدية أو استجوابات نيابية أو ادعاءات تشكك في علمها وأحقيتها بالمراكز التي تولتها. بعض هؤلاء انطلق من منطلق الغيرة والحسد والحقد، والبعض الآخر انطلق من منطلقات أيديولوجية أو طائفية بغيضة، والبعض الثالث انطلق من منطلق أنها أنثى، ناهيك عن أنها ليبرالية التوجهات وغير محجبة.
كل هذه العوامل اجتمعت وتضافرت مع بعضها البعض لتفضي في النهاية إلى قرار وزاري بنقلها تعسفا إلى وظائف أدنى مما تستحق، للعمل تحت يد أطباء لا يملكون عشر معشار ما تملكه من شهادات وخبرات وأبحاث راكمتها على مدى عقدين من الاغتراب والتحصيل. غير أن شمس الحقيقة التي لا تغيب سرعان ما بزغت بقرارات وفتاوى قانونية شجاعة من قبل ديوان الخدمة المدنية لتعود الحبيب إلى موقعها الأصلي. ففي عام 2012 أكدت هيئات قانونية أن القرارات التي اتخذها وزير الصحة السابق د. علي العبيدي بشأن نقلها من رئاسة مركز الشيخ صباح الأحمد للقلب جاءت بشكل تعسفي ولا تستند إلى أي سند قانوني، وفيه إساءة استعمال للسلطة والأصل فيها هو الانتقام والتنكيل وشفاء الغل بعيدا عن الصالح العام، وذلك حسب المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 20/1981، ما يعني إلغاء قرارات الوزير السابق وعودة الحبيب إلى منصبها. كما جاء في فتوى صادرة عن ديوان الخدمة المدنية أن «القرارات الخاصة بتبعية كيان مستقل كمركز صباح الأحمد لقسم مستحدث للقلب بالمستشفى الأميري، وندب الدكتور محمد الجارالله لرئاسة ذلك القسم، بدلا من الدكتورة الحبيب، لا يستند إلى سند قانوني كون الطبيب المذكور لم يشغل وظيفة اختصاصي أول أو استشاري، ناهيك عن أنه طبيب متخصص في سونار القلب، وبالتالي كيف يكلف برئاسة مركز قسطرة القلب والقلب المفتوح وهو الذي لم يتقلد منصب رئيس وحدة»؟
الدفاع عن الحبيب
ولعل أقوى دفاع عن الحبيب ذلك الذي قرأته في إحدى المدونات، ونستعرضه هنا لما فيه من سرد لجهودها الطبية تجاه وطنها بعد عودتها من بريطانيا. تقول المدونة، بعد تعداد شهادات الحبيب وأبحاثها وخبراتها، أنها حينما لاحظت عدم وجود مركز للقسطرة القلبية في المستشفى الأميري، وما يكابده المرضى من مضاعفات وقت نقلهم من ذلك المستشفى إلى المستشفى الصدري فكرت في إيجاد حل، فكانت مبادرتها بإنشاء أول مركز للقسطرة التداخلية في مستشفى دار الشفاء في القطاع الخاص (عملت به لمدة أقل من عام واحد) ثم أول مركز مماثل في مستشفى القوات المسلحة بدعم من الشيخ صباح السالم الصباح، قبل أن تتفرغ لتنفيذ فكرة إنشاء “مركز صباح الأحمد للقلب” ليغطي منطقة العاصمة الصحية. حيث استجاب أمير البلاد للفكرة وسلمها قطعة أرض لتقيم عليها المركز في مايو 2010، وخلال سبعة أشهر من العمل المتواصل كان المركز مكتملا بتجهيزاته وأقسامه لاستقبال المرضى بفضل جهود الحبيب وتعاون فريق متميز من وزارة الصحة والديوان الأميري. وقد تم تعيينها رئيسة للمركز بمجرد افتتاحه في فبراير 2010 فراحت توجه كل جهدها ووقتها لإرساء إستراتيجيات العلاج التي وثقت إيجابيا من قبل لجنة من مستشفى سانت لوك التابع لجامعة كولومبيا في نيويورك، حيث راقب رئيس قسم القسطرة التداخلية في ذلك المستشفى عمل أول مائة حالة على يد د. الحبيب، تلتها ما يقرب من 3500 عملية قسطرة تداخلية من تلك التي تُجرى دون أي تخدير. ومضى المركز يعمل بكفاءة مستقبلا نحو عشرة آلاف مريض في مختلف وحداته. وتمضي المدونة قائلة ما مفاده أن بعض الوشاة من الأطباء العرب تسببوا في قرار نقلها من الصرح الذي أسسته وروته بعرقها، إلى مركز حصة العبدالرزاق في مستشفى الصباح حيث لا شاغر يناسب مؤهلاتها.
بعدها راحت المدونة تطرح أسئلة بصيغة استنكارية فقالت (بتصرف): “هل من العدالة أن تنقل طبيبة استشارية كويتية مؤسسة لمركز أجرت فيه 3500 عملية قسطرة (ليصبح إجمالي الحالات التي عالجتها منذ عودتها من بريطانيا 9540 حالة في الكويت وحدها؟، هل من العدالة أن يأتي من يقيّم عمل طبيبة ليس في سجلها أية حالة وفاة أو مضاعفات أدت للوفاة طوال فترة عملها في بريطانيا أو في الكويت؟، أهكذا تعامل من تغربت سنوات طوالا من أجل العلم، ونجحت بجدارة، ونشرت بحوثا، وتحدثت في المؤتمرات والمحافل الطبية الدولية باسم الكويت؟ أهكذا تعامل عضو مجلس إدارة جمعية القلب الكويتية وعضو مجلس إدارة اتحاد جمعيات القلب العالمية ونائبة رئيس رابطة القلب لمنطقة آسيا والباسيفك؟ أهكذا تعامل من أثرت الحقل الطبي بإصدارات علمية واستقدمت للكويت كبار علماء القلب ضيوفا في مؤتمرات علمية موثقة، ودأبت على إصدار إرشادات لمرضى القلب في الصحف اليومية؟ أهكذا تعامل من أسست ثلاثة صروح طبية في هذا الوطن في مجال تخصصها وهي قسم القلب والقسطرة في المستشفى العسكري (2000)، ومركز القسطرة في مستشفى دار الشفاء (2007) ومركز صباح الأحمد للقلب (2010)؟”.
تشاء الأقدار أن تنتقل الحبيب من طبيبة إلى مريضة بل وتصاب بنفس الأمراض التي تخصصت فيها وعالجت منها الآلاف من مواطنيها. ففي عام 2019 وأثناء رحلة لها إلى لندن برفقة إحدى زميلاتها الطبيبات شعرت باللهاث وفقدان التوازن لتكتشف بعد عرض نفسها على أطباء بريطانيين في لندن كلينك أنها مصابة بجلطة قلبية لكن التشخيص لم يكن دقيقا فأخذت رأيا طبيا آخر في مشكلتها، كما أنها اتصلت بالبروفيسور مجدي يعقوب الذي كان متواجدا وقتذاك في موريتانيا فنصحها بسرعة السفر إلى نيويورك لتـُخبر هناك بحدوث انشطار في صمامات قلبها. وفي هذا السياق قالت في برنامج «ع السيف» التلفزيوني إن ما أصابها لم يكن ناجما عن أي تقصير في حياتها، فهي خفيفة الوزن وغير شرهة في الأكل ولا تدخن ومؤمنة بأن الموت قدر كل إنسان، لكنها تحب الحياة وتردد دوما بيت شعر أبو القاسم الشابي «ومن لا يعانقه شوق الحياة.. تبخر في جوها واندثر»، مضيفة أن ما أصابها فجأة قد يكون ناجما عن انفطار قلبها حزنا على والدتها التي توفيت قبل تاريخ الإصابة بخمسة أشهر.
كانت محنتها هذه بمثابة استطلاع شعبي غير مقصود لتبيان مدى شعبيتها في أوساط الكويتيين والكويتيات، الذين بعثوا لها بعشرات الآلاف من رسائل الاستفسار عن صحتها وتمنياتهم لها بالشفاء العاجل والسؤال عن موعد عودتها، دعك من العديد من مواطنيها المقتدرين الذين سافروا إلى نيويورك للبقاء إلى جانبها ورفع معنوياتها. كما كانت المحنة التي تعرضت لها فرصة لتجرب بنفسها الهواجس التي تصاحب مرضى القلب حين تسليم قلوبهم لأيادي الأطباء، تخديرا وشقا وخياطة.
أفصحت الحبيب في أكثر من لقاء تلفزيوني أن في الكويت كفاءات طبية على مستوى عال، مما لا يستدعي إرسال المصابين بأمراض القلب والشرايين للعلاج في الخارج إلا في حالة عمليات زراعة القلب التي لا تتوفر في الكويت أو أي دولة من دول الجوار الخليجي بسبب تكلفتها العالية من جهة، ومن جهة أخرى حاجتها إلى فرق طبية عديدة تكمل بعضها البعض ونظام عمل مؤسساتي مثل الجاهزية على مدار الساعة ونقطة التقاء وتجمع مركزية للفرق المختصة بإجراء الجراحة.
كما أفصحت في تلك اللقاءات عن أن ما نسبته 25% من سكان الكويت يعانون من أمراض القلب والسكري والضغط بسبب العادات الغذائية السيئة وقلة الحركة وممارسة الرياضة، مضيفة، أن ما ينقص الكويت هو وجود دستور صحي أو سيستم يطبق على الجميع من القاعدة إلى القمة ويحمي القطاعات الصحية من التراجع، موضحة أن نواب الأمة تسببوا كثيرا في حدوث بعض التراجعات، أضف إلى ذلك تغير حاملي حقيبة الصحة باستمرار بكل ما يعني ذلك من إتيان كل وزير جديد بفريق مختلف ليخلف سابقه أو الإتيان بمسؤولين جدد يضعهم في مراكز لا تناسب مؤهلاتهم.
وحينما قررت الكويت قبل بضع سنوات إعطاء نسائها حقوقهن السياسية في التوزير صدرت إحدى الصحف المحلية بمناشيت استفهامي يقول «هل تكون الحبيب أول وزيرة؟» فكان تعليقها «أنا وزيرة أينما كنت باعتباري مواطنة أخدم في حقلي بإخلاص ولا أحتاج لمنصب سياسي كي أنفذ ما يدور في عقلي وفكري»، مشيرة في ردها إلى قول المنفلوطي «من يخطئ في تقدير قيمته مستعليا خير ممن يخطئ في تقديرها متدنيا».
لا أدري كيف غاب عن بالي الكتابة مبكرا عن استشارية القلب والأوعية الدموية الكويتية الدكتورة فريدة الحبيب رغم أنها كانت زوجة لأحد أعز أصدقائي الكويتيين، وهو رجل العلم والسياسة أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة الكويت الإنسان النبيل د. أحمد بشارة، الذي ربطتني به علاقة فكرية وإنسانية منذ مشاركاتنا السنوية في منتدى التنمية الخليجي.
تعتبر الدكتورة الحبيب بحق نموذجا وضاء للمرأة الكويتية العاملة المتنورة الأنيقة ذات الخلق الرفيع واللمسات الإنسانية والطموح اللامحدود، مما يجعلها مفخرة لوطنها الكويتي وقدوة لمواطناتها وللمرأة الخليجية بصفة عامة.
ولدت فريدة محمد علي الحبيب بالكويت في أواخر خمسينات القرن العشرين لعائلة مكونة ــ إضافة إليها ــ من أربع فتيات وأربعة أولاد، كان ربها محمد الحبيب من أوائل الكويتيين الذين دخلوا مجال البناء والإنشاءات من خلال شركة أطلق عليها اسم «شركة التعهدات المعمارية». هذه الشركة، التي يتذكرها الكويتيون من جيل ما قبل الاستقلال نفذت الكثير من المناقصات الحكومية كشارع فهد السالم والمباني الخاصة لعلية القوم.
ومن المفارقات التي تحدثت عنها الحبيب أخيراً في حوار بثته محطة تلفزيون الكويت أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وأخاه عبدالمنعم كانا يعملان لدى والدها في شركته الإنشائية، وأن أحد البيوت التي قاما ببنائها للتاجر رشيد البدر إنهار أحد جدرانه، فقام الأخير بتقديم شكوى لدى الشيخ عبدالله الأحمد الصباح (رئيس دائرة الأمن العام) ضد الشركة دون أن يتمكن عرفات من إيجاد تسوية بشأنها. وتفاديا للدخول في نزاعات قضائية قام والدها بإعادة بناء الجدار المنهار بسرعة، مستخدما لأول مرة الطوب الجيري الأردني بدلا من الطين. وتمر السنون ويصبح عرفات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية ويأتي إلى الكويت بصفته الرسمية وتقام على شرفه المآدب، ويُدعى محمد الحبيب إلى إحداها ليقابل فيها عرفات ويسأله باستنكار «كيف ستستطيع حل قضية فلسطين المعقدة وأنت الذي فشلت في تسوية قضية انهيار جدار؟».
نشأت الحبيب في بيت كان القول الفصل فيه لجدتها التي كانت تمارس الطب البديل وتتميز بالتدين والصرامة، وهي صفات غرستها في حفيداتها ومنهن فريدة، التي قالت إن جدتها كانت توقظها قبل طلوع الشمس لتأدية صلاة الفجر وتغرس فيها قيم الصدق والمثابرة والإيمان. هذه التربية الصارمة معطوفة على نمط الدراسة المنضبطة على يد ثلة من خيرة المدرسات الفلسطينيات في تلك الحقبة جعلتا منها مغرمة منذ طفولتها بكتابة الأبحاث العلمية. فمثلا كانت تنتهز عطلتها المدرسية في المرحلة الإعدادية لكتابة أبحاث عن الذرة والسرطان وأمراض القلب والسكري ونظرية دارون وغيرها. وفي المرحلة الثانوية كانت على الدوام من الأوائل على صفها.
الاغتراب في القاهرة
بعد إكمالها لتعليمها الأساسي في مدارس الكويت، بدأت رحلة الاغتراب من أجل التحصيل الجامعي وهي في سن الثامنة عشرة تقريبا، فكانت محطتها الأولى مصر التي التحقت فيها بجامعة القاهرة لدراسة الطب بدعم وتشجيع من والدها المقاول «بوسيف». في القاهرة أنهت دراستها بجد والتزام وحصلت في عام 1982 من جامعتها على بكالوريوس الطب والجراحة العامة لتتبعه بالالتحاق بجامعة القاهرة الأمريكية من أجل الحصول على شهادة المعادلة المعروفة باسم ECFMG. وهذه الشهادة هي التي فتحت لها آفاقا جديدة مكنتها من العمل والتدرب الميداني المتقدم في الولايات المتحدة، وتحديدا في مستشفى جاكسون مموريال في ميامي خلال عامي 1984 و 1985، ثم مستشفى كيمبرج التابع لجامعة هارفارد في بوسطن خلال عامي 1985 و 1986.
من أرض المعركة
بعد فترة من انتهاء عملها في الولايات المتحدة وتزودها بخبرات عملية رفيعة عادت الحبيب إلى الكويت لتمارس تخصصها، لكن لم تمض سوى سنوات قليلة إلا ووجدت بلدها محتلا من الجار العراقي وشعبها مشردا في المنافي. في تلك الأيام العصيبة من عام 1990 لم تهاجر للعمل المريح في الخارج كما فعل أطباء كويتيون كثر، وإنما قررت أن تلعب دورا في معركة تحرير بلدها، فكانت الطبيبة الكويتية الوحيدة التي عاشت على حدود الكويت مع مدينة الخفجي السعودية لمعالجة النازحين من بلدها، كما كانت الطبيبة الكويتية الوحيدة التي أسست الساحة العسكرية لمقاومة الحرب الكيماوية بالتعاون مع الجيش الأمريكي. إلى ذلك جازفت ــ دون بهرجة إعلامية ــ بعبور الصحراء من أجل دخول بلدها المحتل لإيصال الدواء والمال للمرابطين، وإخراج الوثائق الرسمية للدولة.
الحنين بعد الكابوس
وما أن انتهى كابوس الاحتلال العراقي سنة 1991، إلا وشعرت بالحنين إلى مقاعد الدرس مجددا، فشدت رحالها هذه المرة إلى بريطانيا، حيث التحقت بـ «إمبريال كولج» التي منحتها درجة الماجستير في أمراض وجراحة القلب سنة 1991، واتبعت ذلك بنيل شهادة الدكتوراه في أمراض القلب الإكلينيكية من الكلية الملكية البريطانية سنة 1995. وقد أتيحت لها في بريطانيا فرص أخرى لتعزيز علمها وخبرتها، فعملت بوظيفة مسجل بأجر مدفوع من الحكومة البريطانية لمدة 5 سنوات بمستشفى «هامر سميث» حيث تدربت على يد الدكتور «غراهام ديفيز» في تركيب بطاريات القلب وقسطرة الشرايين التاجية والتداخلية، كما عملت بوظيفة مسجل أول في مستشفى «هيرفيلد» مع جراح القلب الأشهر البروفيسور مجدي يعقوب في عمليات زرع القلب كل يوم جمعة وسبت وأحد. وخلال سنواتها البريطانية نشرت العديد من الأوراق العلمية في المجلات الطبية المحكمة. وكانت أولى هذه الأوراق في مجال قسطرة القلب ونشرتها لها مجلة Lancet المرموقة عام 1994، لتتلوها أوراق علمية أخرى بلغ مجموعها 45 ورقة حكمها كبار أطباء القلب من شتى أرجاء العالم. وفي هذا السياق قالت في إحدى مقابلاتها التلفزيونية إن «أي طبيب ليست لديه أوراق علمية يوثق فيها أبحاثه ليس طبيبا»، مضيفة أن الطب مهنة شاقة جدا لكنها تحتاج إلى الشغف كي يستمر الطبيب في عمله، وهذا الشغف هو الذي يجعل الطبيب خلاقا ومبدعا.
وهكذا حينما عادت إلى الكويت متوجة بكل ما سبق من إنجازات، كانت ثالث طبيب وجراح قلب في تاريخ الكويت بعد الدكتور عبدالمحسن العبدالرزاق والدكتور ناصر حيات، والأنثى الكويتية الأولى في هذا المجال. وعندما تمّ إدخال الدعامات في مجال القسطرة القلبية استمرت في التدريب مع البروفيسور «ماركو دجين فاجديه» في مدينة تولوز الفرنسية والدكتور «أوغستس» في نيويورك إلى أن حصلت سنة 2006 على زمالة الكلية العالمية للقسطرة التداخلية؛ وهي زمالة توثق التعليم والتدريب. مقولة إن للنجاح أعداء كثرا متربصين تنطبق على الحبيب. فهذه الناجحة الخلوقة المحبوبة من الكل لما قدمته لوطنها في أحلك الظروف، والتي حملت المبضع في يد علاجا لأصحاب القلوب المعطوبة والقلم في يدها الأخرى سلاحا بتارا تدافع به عن حقوق بنات جنسها المسلوبة تكشف به الفساد والمفسدين (من خلال مقالات ساخنة منتظمة بجريدة القبس الكويتية)، سرعان ما تصدى لها الفاشلون وذوو النفوس المريضة من زملائها الكويتيين والعرب ومسؤولي وزارة الصحة ونواب البرلمان من خلال شكاوى كيدية أو استجوابات نيابية أو ادعاءات تشكك في علمها وأحقيتها بالمراكز التي تولتها. بعض هؤلاء انطلق من منطلق الغيرة والحسد والحقد، والبعض الآخر انطلق من منطلقات أيديولوجية أو طائفية بغيضة، والبعض الثالث انطلق من منطلق أنها أنثى، ناهيك عن أنها ليبرالية التوجهات وغير محجبة.
كل هذه العوامل اجتمعت وتضافرت مع بعضها البعض لتفضي في النهاية إلى قرار وزاري بنقلها تعسفا إلى وظائف أدنى مما تستحق، للعمل تحت يد أطباء لا يملكون عشر معشار ما تملكه من شهادات وخبرات وأبحاث راكمتها على مدى عقدين من الاغتراب والتحصيل. غير أن شمس الحقيقة التي لا تغيب سرعان ما بزغت بقرارات وفتاوى قانونية شجاعة من قبل ديوان الخدمة المدنية لتعود الحبيب إلى موقعها الأصلي. ففي عام 2012 أكدت هيئات قانونية أن القرارات التي اتخذها وزير الصحة السابق د. علي العبيدي بشأن نقلها من رئاسة مركز الشيخ صباح الأحمد للقلب جاءت بشكل تعسفي ولا تستند إلى أي سند قانوني، وفيه إساءة استعمال للسلطة والأصل فيها هو الانتقام والتنكيل وشفاء الغل بعيدا عن الصالح العام، وذلك حسب المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 20/1981، ما يعني إلغاء قرارات الوزير السابق وعودة الحبيب إلى منصبها. كما جاء في فتوى صادرة عن ديوان الخدمة المدنية أن «القرارات الخاصة بتبعية كيان مستقل كمركز صباح الأحمد لقسم مستحدث للقلب بالمستشفى الأميري، وندب الدكتور محمد الجارالله لرئاسة ذلك القسم، بدلا من الدكتورة الحبيب، لا يستند إلى سند قانوني كون الطبيب المذكور لم يشغل وظيفة اختصاصي أول أو استشاري، ناهيك عن أنه طبيب متخصص في سونار القلب، وبالتالي كيف يكلف برئاسة مركز قسطرة القلب والقلب المفتوح وهو الذي لم يتقلد منصب رئيس وحدة»؟
الدفاع عن الحبيب
ولعل أقوى دفاع عن الحبيب ذلك الذي قرأته في إحدى المدونات، ونستعرضه هنا لما فيه من سرد لجهودها الطبية تجاه وطنها بعد عودتها من بريطانيا. تقول المدونة، بعد تعداد شهادات الحبيب وأبحاثها وخبراتها، أنها حينما لاحظت عدم وجود مركز للقسطرة القلبية في المستشفى الأميري، وما يكابده المرضى من مضاعفات وقت نقلهم من ذلك المستشفى إلى المستشفى الصدري فكرت في إيجاد حل، فكانت مبادرتها بإنشاء أول مركز للقسطرة التداخلية في مستشفى دار الشفاء في القطاع الخاص (عملت به لمدة أقل من عام واحد) ثم أول مركز مماثل في مستشفى القوات المسلحة بدعم من الشيخ صباح السالم الصباح، قبل أن تتفرغ لتنفيذ فكرة إنشاء “مركز صباح الأحمد للقلب” ليغطي منطقة العاصمة الصحية. حيث استجاب أمير البلاد للفكرة وسلمها قطعة أرض لتقيم عليها المركز في مايو 2010، وخلال سبعة أشهر من العمل المتواصل كان المركز مكتملا بتجهيزاته وأقسامه لاستقبال المرضى بفضل جهود الحبيب وتعاون فريق متميز من وزارة الصحة والديوان الأميري. وقد تم تعيينها رئيسة للمركز بمجرد افتتاحه في فبراير 2010 فراحت توجه كل جهدها ووقتها لإرساء إستراتيجيات العلاج التي وثقت إيجابيا من قبل لجنة من مستشفى سانت لوك التابع لجامعة كولومبيا في نيويورك، حيث راقب رئيس قسم القسطرة التداخلية في ذلك المستشفى عمل أول مائة حالة على يد د. الحبيب، تلتها ما يقرب من 3500 عملية قسطرة تداخلية من تلك التي تُجرى دون أي تخدير. ومضى المركز يعمل بكفاءة مستقبلا نحو عشرة آلاف مريض في مختلف وحداته. وتمضي المدونة قائلة ما مفاده أن بعض الوشاة من الأطباء العرب تسببوا في قرار نقلها من الصرح الذي أسسته وروته بعرقها، إلى مركز حصة العبدالرزاق في مستشفى الصباح حيث لا شاغر يناسب مؤهلاتها.
بعدها راحت المدونة تطرح أسئلة بصيغة استنكارية فقالت (بتصرف): “هل من العدالة أن تنقل طبيبة استشارية كويتية مؤسسة لمركز أجرت فيه 3500 عملية قسطرة (ليصبح إجمالي الحالات التي عالجتها منذ عودتها من بريطانيا 9540 حالة في الكويت وحدها؟، هل من العدالة أن يأتي من يقيّم عمل طبيبة ليس في سجلها أية حالة وفاة أو مضاعفات أدت للوفاة طوال فترة عملها في بريطانيا أو في الكويت؟، أهكذا تعامل من تغربت سنوات طوالا من أجل العلم، ونجحت بجدارة، ونشرت بحوثا، وتحدثت في المؤتمرات والمحافل الطبية الدولية باسم الكويت؟ أهكذا تعامل عضو مجلس إدارة جمعية القلب الكويتية وعضو مجلس إدارة اتحاد جمعيات القلب العالمية ونائبة رئيس رابطة القلب لمنطقة آسيا والباسيفك؟ أهكذا تعامل من أثرت الحقل الطبي بإصدارات علمية واستقدمت للكويت كبار علماء القلب ضيوفا في مؤتمرات علمية موثقة، ودأبت على إصدار إرشادات لمرضى القلب في الصحف اليومية؟ أهكذا تعامل من أسست ثلاثة صروح طبية في هذا الوطن في مجال تخصصها وهي قسم القلب والقسطرة في المستشفى العسكري (2000)، ومركز القسطرة في مستشفى دار الشفاء (2007) ومركز صباح الأحمد للقلب (2010)؟”.
تشاء الأقدار أن تنتقل الحبيب من طبيبة إلى مريضة بل وتصاب بنفس الأمراض التي تخصصت فيها وعالجت منها الآلاف من مواطنيها. ففي عام 2019 وأثناء رحلة لها إلى لندن برفقة إحدى زميلاتها الطبيبات شعرت باللهاث وفقدان التوازن لتكتشف بعد عرض نفسها على أطباء بريطانيين في لندن كلينك أنها مصابة بجلطة قلبية لكن التشخيص لم يكن دقيقا فأخذت رأيا طبيا آخر في مشكلتها، كما أنها اتصلت بالبروفيسور مجدي يعقوب الذي كان متواجدا وقتذاك في موريتانيا فنصحها بسرعة السفر إلى نيويورك لتـُخبر هناك بحدوث انشطار في صمامات قلبها. وفي هذا السياق قالت في برنامج «ع السيف» التلفزيوني إن ما أصابها لم يكن ناجما عن أي تقصير في حياتها، فهي خفيفة الوزن وغير شرهة في الأكل ولا تدخن ومؤمنة بأن الموت قدر كل إنسان، لكنها تحب الحياة وتردد دوما بيت شعر أبو القاسم الشابي «ومن لا يعانقه شوق الحياة.. تبخر في جوها واندثر»، مضيفة أن ما أصابها فجأة قد يكون ناجما عن انفطار قلبها حزنا على والدتها التي توفيت قبل تاريخ الإصابة بخمسة أشهر.
كانت محنتها هذه بمثابة استطلاع شعبي غير مقصود لتبيان مدى شعبيتها في أوساط الكويتيين والكويتيات، الذين بعثوا لها بعشرات الآلاف من رسائل الاستفسار عن صحتها وتمنياتهم لها بالشفاء العاجل والسؤال عن موعد عودتها، دعك من العديد من مواطنيها المقتدرين الذين سافروا إلى نيويورك للبقاء إلى جانبها ورفع معنوياتها. كما كانت المحنة التي تعرضت لها فرصة لتجرب بنفسها الهواجس التي تصاحب مرضى القلب حين تسليم قلوبهم لأيادي الأطباء، تخديرا وشقا وخياطة.
أفصحت الحبيب في أكثر من لقاء تلفزيوني أن في الكويت كفاءات طبية على مستوى عال، مما لا يستدعي إرسال المصابين بأمراض القلب والشرايين للعلاج في الخارج إلا في حالة عمليات زراعة القلب التي لا تتوفر في الكويت أو أي دولة من دول الجوار الخليجي بسبب تكلفتها العالية من جهة، ومن جهة أخرى حاجتها إلى فرق طبية عديدة تكمل بعضها البعض ونظام عمل مؤسساتي مثل الجاهزية على مدار الساعة ونقطة التقاء وتجمع مركزية للفرق المختصة بإجراء الجراحة.
كما أفصحت في تلك اللقاءات عن أن ما نسبته 25% من سكان الكويت يعانون من أمراض القلب والسكري والضغط بسبب العادات الغذائية السيئة وقلة الحركة وممارسة الرياضة، مضيفة، أن ما ينقص الكويت هو وجود دستور صحي أو سيستم يطبق على الجميع من القاعدة إلى القمة ويحمي القطاعات الصحية من التراجع، موضحة أن نواب الأمة تسببوا كثيرا في حدوث بعض التراجعات، أضف إلى ذلك تغير حاملي حقيبة الصحة باستمرار بكل ما يعني ذلك من إتيان كل وزير جديد بفريق مختلف ليخلف سابقه أو الإتيان بمسؤولين جدد يضعهم في مراكز لا تناسب مؤهلاتهم.
وحينما قررت الكويت قبل بضع سنوات إعطاء نسائها حقوقهن السياسية في التوزير صدرت إحدى الصحف المحلية بمناشيت استفهامي يقول «هل تكون الحبيب أول وزيرة؟» فكان تعليقها «أنا وزيرة أينما كنت باعتباري مواطنة أخدم في حقلي بإخلاص ولا أحتاج لمنصب سياسي كي أنفذ ما يدور في عقلي وفكري»، مشيرة في ردها إلى قول المنفلوطي «من يخطئ في تقدير قيمته مستعليا خير ممن يخطئ في تقديرها متدنيا».