الصحة خط أحمر
الصحة خط أحمر
-A +A
فهيم الحامد (الرياض) okaz_online@
متى ينتهي كابوس كورونا الذي أحدث هلعا على كوكب الأرض، بعدما كانوا حتى الأمس القريب يتمتعون بإحساس موحد بالتفوق على جميع من سبقهم من شعوب وحضارات؟

لم يجرؤ أحد حتى الآن على الإجابة على هذا السؤال، وباعتبار أن المملكة جزء من العالم؛ تحركت منذ اليوم الأول من بدء انتشار الفايروس الذي فرض تغييراً جذرياً للحياة على كوكب الأرض، الذي تحول لقرية عالمية مفتوحة، فتحول بين ليلة وضحاها إلى معازل ومحاجر مسيجة بالأبراج والحواجز والأسلاك الشائكة، تفوح منها روائح التعقيم، ويرتدي سكانها ثياباً أشبه ببدلات رواد الفضاء.


لقد انتهجت المملكة في إجراءاتها الاحترازية للتعامل مع «كورونا المستجد» الحرص على سلامة مواطنيها في الداخل والخارج حتى لا يكونوا سببا في انتقال العدوى إلى أسرهم والمخالطين لهم، وكذلك تكرس جهودها في سبيل حماية المقيمين على أراضيها من الإصابة بالفايروس.

ويتجسد الحرص بالاتسام بالشفافية والوضوح والتدرج، تبعاً لدرجة الخطورة وانتشار الفايروس، وهو ما يؤكد أن الموضوع حظي بعناية واهتمام ومتابعة للمستجدات منذ الأيام الأولى وحتى اليوم، إذ اتخذت السلطات السعودية المزيد من الإجراءات الوقائية والاحترازية، وذلك في إطار تطويرها المستمر لجهود منع انتقال العدوى بالفايروس ومحاصرته والقضاء عليه.

ففي الوقت الذي بدت فيه العديد من العواصم والمدن شبه مهجورة مع اتخاذ الحكومات إجراءات قاسية لاحتواء فايروس كورونا، تماهى المجتمع السعودي مع الإجراءات التي أعلنتها المملكة واصطف مع الجهات المختلفة لمواجهة الفايروس الكوني مع مطالبة منظمة الصحة العالمية كل الحكومات ببذل المزيد من الجهود، في حين يواصل الفايروس انتشاره بأنحاء العالم.

المشكلة عالميّة وليست سعودية فقط، ولهذا حشدت المملكة كافة مواردها الصحية من أطبّاء وطبيبات وممرّضين وممرّضات، الذين يتصدّون للوباء بكل مهنية وبامتياز تخفيفا للآلام.

وتمثل الصحة العامة بين المواطنين والمقيمين في السعودية «خطاً أحمر» لا يقبل أي تراخٍ أو تهاون أو مجاملة، ومع ظهور خطورة الفايروس في الدول التي سجلت حالات إصابة، كان لزاماً على السلطات السعودية انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقها اتخاذ المزيد من الإجراءات الاحترازية المشددة.

عندما أطل فايروس كورونا على العالم جاء حاملا القلق والإزعاج لجميع الدول بلا استثناء، فالفايروس واحد، ولكن تعامل الدول معه كان مختلفا ومتباينا، وهو ما يكشف الكثير مما خفي علينا.

قد تكون شهادتنا مجروحة في تعامل المملكة مع هذه الأزمة العالمية، ولكن عندما نعلم أن جميع الدول أشادت بهذا التعامل ندرك أننا أمام تجربة تستحق كل تقدير واحترام، وندرك أيضاً أن الصحة هي خط أحمر، ما ينبئ بأننا سنتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر، لست هنا لتقييم تعامل المملكة مع الفايروس، والإشادة بما اتخذته من إجراءات احترازية، أقل ما توصف به أنها «صارمة وقوية»، ولكن للمقارنة بكيف تعاملت المملكة مع الفايروس باحترافية عالية، وخبرات متراكمة، اكتسبتها من تعاملها مع الفايروس في نسخته القديمة، فنجد أنها بدأت في اتخاذ سلسلة الإجراءات قبل ظهور المرض على أراضيها، وكأنها لم تشأ أن تراهن على صحة المواطن أو المقيم أو زوار الحرمين الشريفين، ومن هنا كان القرار الصعب.