أكد عدد من الأكاديميين والمهتمين بالعمل التطوعي أهمية تدريب الكوادر التطوعية لمواجهة الأزمات. واعتبروا جائحة كورونا فرصة لإعادة النظر لاستدراك ما فات، والتكيف مع الوضع بما يستحقه، ومحاولة تأمل الفرص المتاحة والعمل بشكل طارئ، على إعداد المتطوعين بتنوع الاختصاص والاهتمامات للتعامل بإيجابية.
قال وكيل عمادة الموارد البشرية بجامعة الملك خالد، منسق مبادرة نشامى عسير بإمارة منطقة عسير الدكتور ناصر آل قميشان: قبل تأهيل المتطوعين للمواجهة لا بد أن نعلم أن الأزمة شيء طارئ، لم نعتد عليه، ولم نفكر في الاستعداد له، وهذا تقصير كبير لا بد أن نعترف به، غير أن أزمة كبيرة مثل أزمة كورونا كشفت لنا أهمية الاستعداد وتدريب الكوادر التطوعية لمواجهة الأزمات، وأعتقد أن الأزمة الحالية فرصة كبيرة لاستدراك ما فات والتكيف مع الوضع بما يستحقه، ومحاولة تأمل الفرص المتاحة والعمل بشكل طارئ على إعداد المتطوعين بتنوع الاختصاص والاهتمامات للتعامل بإيجابية معها، ولا نتوقع أن يكون الأداء كما هو مأمول في ظل ضعف التهيئة، ولكن حين تنكشف الأزمة سنجد أننا قد اكتسبنا الخبرات، وتعرضنا للتجربة التي ستجعل التخطيط لأي أزمة قادمة أفضل وأجدر.
ولأهمية التطوع في مواجهة الأزمات أكّد آل قميشان أن الأزمة تحتاج لأي جهد وفكر ومال، وبالتالي تعاضد الجهود الحكومية والمجتمعية التطوعية أمر ضروري لتجاوز الأزمة بسلام؛ لأن الجهد الحكومي مهما بلغ لن يكون قادراً على تحقيق الوصول المجتمعي كما يقوم به المجتمع المتطوع نفسه المتواجد في كل مكان، كما أن تعدد خبرات المتطوعين واهتماماتهم تشكل تكاملاً مهماً في تجاوز الأزمة، ومن الضروري كذلك أن يقوم المتطوعون بدور إيجابي ليتفرغ الكادر الحكومي في تقديم خدمات أكبر بكفاءة أعلى.
وأضاف: لا توجد أزمة لها احتياج واحد فقط، بل تتعدد وتتنوع وتؤثر في كافة مناحي الحياة، وأضرب مثالًا على أزمة كورونا، إذا يتوقع أنها أزمة صحية مرضية فقط، والصحيح أنها أثرت على أمور أخرى اقتصادية واجتماعية وتعليمية وأمنية ونفسية، وبالتالي الحاجة لتعدد اختصاصات التطوع مهم جداً لتكامل الجهود.
من جانبه أكّد أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة الملك خالد بأبها الدكتور عبدالله بن علي آل كاسي أن المجتمع السعودي بطبيعته وتدينه ورغبته في الخير وحبه لنفع الآخرين ورجاء ما عند الله يسعى دائماً إلى التطوع متى ما دعت الحاجة لذلك، وتعتبر هذه ظاهرة صحية ومبادرة إيجابية وعمل خيري يُؤجر عليه في الأخرة ويجد بركته في الدنيا، ومع كل هذا إلاّ أن الحاجة ماسة لتوزيع هذه الطاقات، واستثمار هذه العواطف لتوظيفها التوظيف المناسب واستثمارها الاستثمار الأمثل كل حسب تخصصه ووفق إمكاناته وقدراته، ولعل من أهداف الرؤية 2030 العناية بقضيه الخدمة المجمعية وزيادة عدد المتطوعين، ورغم حب الخبر لدى الناس ورغبتهم في التطوع، إلاّ أن ليس كل شخص قادراً وصالحاً لإنجاز أي عمل ففاقد الشيء لا يعطيه، وعليه فإن الفرد سواء كان ذكراً أو أنثى يجب أن يختار مجال التطوع المناسب له ولإمكاناته وتخصصه، وعليه أن يبادر بالتواصل مع الجهات ذات الاختصاص.
مُشيراً إلى أنه عندما تحل الأزمات وتتفاقم المشكلات، تأتي أهمية وجود الصف الثاني من المتطوعين والباذلين لأنفسهم والمساندين للجهات الحكومية أمنية كانت أو صحية، وهذا أقل الواجبات وأول الأولويات لرد بعض الجميل لهذا البلد المبارك، وهذه القيادة التي وفرت كل سبل الراحة للمواطن ليعيش الحياة الرغيدة الآمنه، وما نراه هذه الأيام مع أزمة كورونا من تسابق أبناء الوطن وبناته للتطوع والمساندة في كافة المجالات ظاهرة تثلج الصدر وتبشر بالخير.
وعن مدى الحاجة لمتطوعين مؤهلين في تخصصات متنوعة قال الكاسي: الحاجة للتطوع والمتطوعين مسلّمة لا يختلف عليها اثنان، ولكن هل كل متطوع يستطيع أن يقوم بالعمل الموكل له أو المكلف به، وإجابة هذا السؤال تلقي بالمسؤولية على كافة الجهات الحكومية والخاصة لإنشاء إدارة أو وحده تعنى بتأهيل المتطوعين في مجال اختصاصها؛ لأن العمل غير المتقن والمتطوع غير المتخصص يؤديان لنتائج سلبية وعكسية، ومثال ذلك ما يقوم به المتطوعون لإنقاذ وإسعاف المصابين في حوادث السيارات، وما يترتب على ذلك من مضاعفات قد تودي بحياة المصاب لا سمح الله، وعليه فإن تأهيل المتطوع المتخصص يضمن وجود قاعدة بيانات لعدد من المؤهلين لدى كافة الجهات وفي كافة المناطق تسهّل الوصول إليهم عند الحاجة وبأسهل الطرق، وتجنّب الجهات عملية الارتجال والبحث عن متطوعين في أوقات الأزمات وعند الحاجة.
ودعا لإنشاء منصة وطنية إلكترونية للتطوع تعنى بالراغبين في التطوع في المجالات كافة وفي المناطق كلها، يتم تصنيفهم وفق التخصصات والرغبات.
وقسّم مدير فرع المؤسسة الخيرية لرعاية الايتام إخاء عسير، مستشار إدامة لتأسيس أدوات التطوع وتأهيل المتطوعين علي بن حسن عسيري إلى قسمين: عاجل أثناء الأزمات وهذا يحتاج إلى برامج طارئة ومستعجلة تلبي متطلبات الأزمات، وممكن عقدها عن طريق الأون لاين، وغير العاجل كتصميم دبلومات في الجامعات تُسهم في تأهيل المتطوعين للقيام بدورهم المهم في المجتمع.
وأشار إلى أن أهمية التطوع تزداد بحصول الكوارث والأزمات، ومما يوضح أهميته أن أفراد المجتمع عندما يتطوعون فإنهم يشاركون في تحديد الاحتياج وتصميم الحلول المجتمعية التي تلائم المجتمع من حيث الكثافة والعادات والاحتياجات.
ويؤكّد مدى حاجتنا للمتطوعين المؤهلين في تخصصات متنوعة بوجود إدارات تطوع في الكيانات الحكومية والخاصة والأهلية، لتوجيه وتسكين المتطوعين وفق اختصاصاتهم وتصميم الفرص التطوعية وفق الحاجة، وعدم استنفاد جهد المتطوعين المتخصصين في فرص تطوعية عامة يستطيع القيام بها غيرهم، بمعنى الاستخدام الأمثل للمتطوعين وفق الفرص المتاحة التي يتطلبها الوضع أثناء الأزمات، مما يحقق جودة أعلى بجهد وتكلفة أقل.
مبيناً ضرورة أن يتم تبنّى التطوع باحترافية عالية، وأن نستفيد من تجارب الآخرين في ذلك لإدارة المتطوعين، في جميع مناحي ومجالات الحياة لتحقيق جودة حياة أعلى.