مع دخول العالم الشهر السادس لتفشي فايروس كورونا، يبدو أنه بدأ يتجه إلى مرحلة التعايش مع الوباء، وهي المرحلة التي تقود إلى عودة الحياة تدريجيا مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة التحوط، وعدم الاستهتار،
واستمرار الإجراءات الاحترازية المتبعة لمنع معاودة الانتشار. وقد ظهر ذلك جليا عندما بدأت بعض دول العالم الدخول في مرحلة التعايش مع «كوفيد 19»، التي قد ترسم الجزء الأخير من رحلة الوباء الذي حول العالم إلى محجر صحي، وسجن كبير.
وبحسب خبراء ومراقبين، فإن أبرز علامات التعايش مع الوباء بدأت في عدد من الدول التي تفشى فيها، إذ أطلقت جملة من تخفيف الإغلاقات، ورفع القيود عن التجارة، وحرية الحركة. ومن بين الدول التي خففت الإجراءات ألمانيا، التي نجحت في احتواء الوباء نسبيا، لتعلن فتح المحلات التجارية والحدائق العامة والملاعب بشكل تدريجي، كما هو الحال مع الفرنسيين والإسبان الذين قتل الفايروس الآلاف منهم، وبدأوا يدخلون مرحلة التعايش وحماية أنفسهم.
كما شهدت عدة ولايات أمريكية أيضاً إعادة فتح المنشآت التجارية والمطاعم بعد شهرين من القتال العنيف ضد الوباء الذي كبد الاقتصاد العالمي خسائر فادحة وأدى إلى إرباك الملاحة الجوية والبحرية.
ومع زيادة الأزمات الاقتصادية التي بدأت في التهام الشركات والمؤسسات مثل «تسونامي»، شرعت عدة دول في وضع الخطط لإعادة الحياة التجارية والاقتصادية إلى طبيعتها حتى قبل القضاء بشكل كامل على «كورونا».
لقد اتخذت المملكة قرارا إستراتيجيا بتخفيف منع التجول وعودة الحياة جزئيا إلى طبيعتها مع استمرار التحوط والاحتراز المطلوبيْن في هذه المرحلة الحاسمة التي ينبغي على الجميع أن يكونوا أكثر التزاما، وأن يعوا أن إعلان المملكة تخفيف الإجراءات والتدابير الاحترازية المتعلقة لا يعني على الإطلاق التساهل، بل الالتزام الصارم نصاً وروحاً بالإجراءات، مع التأكيد على أن ما تحقق جاء تتويجاً للخطط والبروتوكولات المطبقة طيلة الشهرين الماضيين، وأن الانتصار الكامل مرهون بالالتزام الصارم بالتعليمات، وأن عودة بعض الأنشطة الاقتصادية للعمل تعكس رغبة الحكومة في إعادة إحياء شرايين الاقتصاد بشكل تدريجي، خصوصاً مع التقدم الحاصل في مستوى السيطرة على الفايروس الفتاك.
الخبراء يجاوبون على سؤال عكاظ:
لماذا فشلت «مناعة القطيع» ونجح «التباعد»؟
لماذا فشلت نظرية مناعة القطيع عالميا ونجحت نظرية التباعد والإغلاق في المملكة التي أدت لتخفيف قيود منع التجول وفتح المراكز التجارية؟.. سؤال نطرحه على عدد من الخبراء، ولكن قبل الحصول على الإجابة، يجب معرفة ماذا تعني استراتيجية «مناعة القطيع» وماهي فلسفتها؟؛ استراتيجية مناعة القطيع تعني ممارسة الحياة بشكل طبيعي، بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفايروس، وبالتالي تتعرف أجهزتهم المناعية على الفايروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مجددا. يقول الدكتور تركي الشهري: «يجب التوضيح أولاً أن تخفيف قيود منع التجول والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة مؤخراً لا تعنى جلاء الخطر تماماً، بل هو إجراء بعدما حصرت المملكة بؤر الوباء وحددت مناطقه». وأضاف أن القيادة الحكيمة تثق بمشاركة المواطن المسؤولية على نفسه ومن حوله هو اختبار حقيقي لمدى وعي المواطن.. ولهذا فإن مرحلة تخفيف منع التجول هي مرحلة لتقييم الوضع حتى 20 رمضان المبارك.
وتابع: «لقد ثبت في الفترة الأخيرة مدى التزام الشعب السعودي بتعليمات قيادته الحكيمة وهنالك مؤشرات ودراسات متواصلة من مركز التحكم والقيادة بوزارة الصحة التي ترفع تقاريرها وتوصياتها إلى القيادة الرشيدة التي تتابع أولا بأول مستجدات هذه الأزمة وبناءً عليها تخفف الإجراءات الاحترازية». وحول فشل استراتيجية مناعة القطيع قال الدكتور الشهري: إن هذه الاستراتيجية لا يمكن تطبيقها في المملكة كما أنها فشلت في عدة دول.
وحول لماذا نجح التباعد الاجتماعي والإغلاق في المملكة قال الدكتور الشهري إنه نظراً لطبيعة انتشار الفايروس السريعة مقارنة بالفايروسات الأخرى وطريقة انتقاله فالمخالطة الاجتماعية كانت من أكثر أسباب انتشار الفايروس.
وأضاف: بناءً على دراسات وتوصيات من منظمة الصحة العالمية ومن تجارب الدول التي سبقتنا في احتواء هذا الوباء مثل الصين، فالتباعد الاجتماعي هو من أهم الطرق الاحترازية في احتواء انتشار الأوبئة التنفسية.
وتابع قائلا: «المملكة تعد من أفضل الدول بالعالم بتطبيق هذه الإجراءات الاحترازية فتقليل المخالطة الاجتماعية فيها قلل نسبة الانتشار الطبيعية للفايروس لكل شخص من ٨ أشخاص إلى ١.١٢ شخص وهذه نسبة جيدة جداً».
محاصرة الوباء في مناطق محددة
من جهته، أوضح الخبير الاستراتيجي في العلوم الافتراضية والذكاء الاصطناعي الدكتور منشد ساطي في تصريحات لـ«عكاظ» أن المملكة تعتبر من الدول التي نجحت في احتواء الجائحة واتخذت قرارات مدروسة ومؤلمة منذ اليوم الأول نتج عنها محاصرة الوباء في مناطق محددة، الأمر الذي أدى لتخفيف الإجراءات تمهيدا للرفع الكلي.
وأضاف الدكتور ساطي أن مناعة القطيع فسلفة ظهرت في بريطانيا ولم تلق النجاح وهي استراتيجية غير فعالة في مواجهة فايروس كورونا، مرجعاً عدم نجاعة هذه الاستراتيجية إلى تطور الفايروس جينيا وتطوير سلوكه، الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته.
وقال إن سياسة التباعد الاجتماعي التي انتهجتها المملكةً نجحت في تحجيم نطاق الوباء جغرافيا وحصره في المناطق المكتظة، الأمر الذي أدى إلى تخفيف الإغلاق.
أما الكاتب الباكستاني شوكت براشا فقال إن لمفهوم مناعة القطيع وجهين، الواقعي منه هو: ابتكار مصل مضاد يوفر مناعة لنسبة كبيرة من الناس تمنع من تفشي المرض، أما الوجه النظري فهو إصابة عدد كبير من الناس بالمرض، وقدرة أجسامهم على توفير مناعة مضادة له مدى الحياة.
وأضاف أن المملكة عندما طبقت استراتيجية التباعد الاجتماعي فهي قرأت المشهد الطبي العالمي وكيفية تعامل العالم مع الوباء، وارتأت أن التباعد الاجتماعي هو أنجح السبل لاحتواء الجائحة..
المملكة التزمت بتوصيات منظمة الصحة العالمية نصا وروحا بمنع التجمعات، وتقليل الخروج إلى الشوارع، وارتداء الكمامات، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، والمسافة بين الأشخاص نحو مترين، والغسل المتكرر للأيدي وتعقيم الأسطح وإغلاق المدن ومنع التجول، ونجحت في إجهاض انتشار الفايروس بتنفيذ الإجراءات الاحترازية بصرامة، والتزام الجميع بتعليمات الوقاية بدقة.
لقد فشل العالم في تطبيق نظرية مناعة القطيع. ونجحت المملكة في التباعد والإغلاق.
زيادة ساعات التجول لا يعني التساهل
الالتزام = اجتثاث الجائحة
لم يكن قرار تخفيف منع التجول في المملكة سهلاً على الإطلاق، غير أن القرار اتخذ بعد رؤية عميقة عكست حرص القيادة الحكيمة على التخفيف عن المواطنين والمقيمين، مع دخول شهر رمضان، في ظل توفر العناصر المساعدة على اتخاذه، كونه انعكاساً للتقدم الإيجابي المحرز في جهود مواجهة «كورونا»، ونتيجة طبيعية لنجاح الجهود الاستباقية في هذا الإطار.
لقد ساهمت التقارير الصحية في إعطاء صناع القرار في المملكة تحديد وضعية الوباء وأماكن انتشاره في المناطق المكتظة، إذ تعاملوا مع أزمة الفايروس بكل احترافية وموضوعية، مقدمين صحة الإنسان وسلامته على ما عداها من اعتبارات، عبر قرارات وازنت بين مصالحه وحاجاته، ففرضوا منعاً عندما كانت الحاجة تقتضي ذلك، وتم رفعه بعد تهيئة الظروف المواتية، وبما لا يؤثر على صحة المواطنين والمقيمين.
ومن المؤكد أن الانخفاض الكبير في أعداد الوفيات في مقابل ارتفاع أعداد المتعافين أعطى صناع القرار مؤشراً لتتويج الجهود الناجحة والشجاعة والقياسية التي بذلتها الدولة وانعكست في سلامة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها الجهات الصحية المختصة، التي تميّز أداؤها بالكفاءة العالية والاحترافية.
كما أكد الشعب السعودي أنه على قدر كامل من المسؤولية، خصوصا في أوقات الأزمات مهما رافقتها من إجراءات حادة وصعبة، وهو ما كان له انعكاس كبير في التقدم الإيجابي لجهود مكافحة «كورونا» خلال فترة منع التجول. ولا تزال المسؤولية كبيرة على المواطنين والمقيمين للحفاظ على النتائج الإيجابية التي تحققت، بعدما دخلت الجائحة منعطفا خطيرا، لذا فإن التقدم في مواجهتها مرتبط بالتزام المواطنين والمقيمين بالتعليمات الصادرة من الجهات الصحية، والمرحلة القادمة ستكون حاسمة أيضا في الاستمرار في مواجهة «كورونا» حتى النهاية.
وأخيرا وليس آخرا، فإن التزام المواطنين والمقيمين بالإجراءات والتدابير الوقائية وتعليمات التباعد الاجتماعي من شأنه أن يسرع من جهود عودة النشاط الاقتصادي بشكل كامل ورفع منع التجول في حال أظهرت المؤشرات الصحية مزيداً من التقدم.
واستمرار الإجراءات الاحترازية المتبعة لمنع معاودة الانتشار. وقد ظهر ذلك جليا عندما بدأت بعض دول العالم الدخول في مرحلة التعايش مع «كوفيد 19»، التي قد ترسم الجزء الأخير من رحلة الوباء الذي حول العالم إلى محجر صحي، وسجن كبير.
وبحسب خبراء ومراقبين، فإن أبرز علامات التعايش مع الوباء بدأت في عدد من الدول التي تفشى فيها، إذ أطلقت جملة من تخفيف الإغلاقات، ورفع القيود عن التجارة، وحرية الحركة. ومن بين الدول التي خففت الإجراءات ألمانيا، التي نجحت في احتواء الوباء نسبيا، لتعلن فتح المحلات التجارية والحدائق العامة والملاعب بشكل تدريجي، كما هو الحال مع الفرنسيين والإسبان الذين قتل الفايروس الآلاف منهم، وبدأوا يدخلون مرحلة التعايش وحماية أنفسهم.
كما شهدت عدة ولايات أمريكية أيضاً إعادة فتح المنشآت التجارية والمطاعم بعد شهرين من القتال العنيف ضد الوباء الذي كبد الاقتصاد العالمي خسائر فادحة وأدى إلى إرباك الملاحة الجوية والبحرية.
ومع زيادة الأزمات الاقتصادية التي بدأت في التهام الشركات والمؤسسات مثل «تسونامي»، شرعت عدة دول في وضع الخطط لإعادة الحياة التجارية والاقتصادية إلى طبيعتها حتى قبل القضاء بشكل كامل على «كورونا».
لقد اتخذت المملكة قرارا إستراتيجيا بتخفيف منع التجول وعودة الحياة جزئيا إلى طبيعتها مع استمرار التحوط والاحتراز المطلوبيْن في هذه المرحلة الحاسمة التي ينبغي على الجميع أن يكونوا أكثر التزاما، وأن يعوا أن إعلان المملكة تخفيف الإجراءات والتدابير الاحترازية المتعلقة لا يعني على الإطلاق التساهل، بل الالتزام الصارم نصاً وروحاً بالإجراءات، مع التأكيد على أن ما تحقق جاء تتويجاً للخطط والبروتوكولات المطبقة طيلة الشهرين الماضيين، وأن الانتصار الكامل مرهون بالالتزام الصارم بالتعليمات، وأن عودة بعض الأنشطة الاقتصادية للعمل تعكس رغبة الحكومة في إعادة إحياء شرايين الاقتصاد بشكل تدريجي، خصوصاً مع التقدم الحاصل في مستوى السيطرة على الفايروس الفتاك.
الخبراء يجاوبون على سؤال عكاظ:
لماذا فشلت «مناعة القطيع» ونجح «التباعد»؟
لماذا فشلت نظرية مناعة القطيع عالميا ونجحت نظرية التباعد والإغلاق في المملكة التي أدت لتخفيف قيود منع التجول وفتح المراكز التجارية؟.. سؤال نطرحه على عدد من الخبراء، ولكن قبل الحصول على الإجابة، يجب معرفة ماذا تعني استراتيجية «مناعة القطيع» وماهي فلسفتها؟؛ استراتيجية مناعة القطيع تعني ممارسة الحياة بشكل طبيعي، بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفايروس، وبالتالي تتعرف أجهزتهم المناعية على الفايروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مجددا. يقول الدكتور تركي الشهري: «يجب التوضيح أولاً أن تخفيف قيود منع التجول والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة مؤخراً لا تعنى جلاء الخطر تماماً، بل هو إجراء بعدما حصرت المملكة بؤر الوباء وحددت مناطقه». وأضاف أن القيادة الحكيمة تثق بمشاركة المواطن المسؤولية على نفسه ومن حوله هو اختبار حقيقي لمدى وعي المواطن.. ولهذا فإن مرحلة تخفيف منع التجول هي مرحلة لتقييم الوضع حتى 20 رمضان المبارك.
وتابع: «لقد ثبت في الفترة الأخيرة مدى التزام الشعب السعودي بتعليمات قيادته الحكيمة وهنالك مؤشرات ودراسات متواصلة من مركز التحكم والقيادة بوزارة الصحة التي ترفع تقاريرها وتوصياتها إلى القيادة الرشيدة التي تتابع أولا بأول مستجدات هذه الأزمة وبناءً عليها تخفف الإجراءات الاحترازية». وحول فشل استراتيجية مناعة القطيع قال الدكتور الشهري: إن هذه الاستراتيجية لا يمكن تطبيقها في المملكة كما أنها فشلت في عدة دول.
وحول لماذا نجح التباعد الاجتماعي والإغلاق في المملكة قال الدكتور الشهري إنه نظراً لطبيعة انتشار الفايروس السريعة مقارنة بالفايروسات الأخرى وطريقة انتقاله فالمخالطة الاجتماعية كانت من أكثر أسباب انتشار الفايروس.
وأضاف: بناءً على دراسات وتوصيات من منظمة الصحة العالمية ومن تجارب الدول التي سبقتنا في احتواء هذا الوباء مثل الصين، فالتباعد الاجتماعي هو من أهم الطرق الاحترازية في احتواء انتشار الأوبئة التنفسية.
وتابع قائلا: «المملكة تعد من أفضل الدول بالعالم بتطبيق هذه الإجراءات الاحترازية فتقليل المخالطة الاجتماعية فيها قلل نسبة الانتشار الطبيعية للفايروس لكل شخص من ٨ أشخاص إلى ١.١٢ شخص وهذه نسبة جيدة جداً».
محاصرة الوباء في مناطق محددة
من جهته، أوضح الخبير الاستراتيجي في العلوم الافتراضية والذكاء الاصطناعي الدكتور منشد ساطي في تصريحات لـ«عكاظ» أن المملكة تعتبر من الدول التي نجحت في احتواء الجائحة واتخذت قرارات مدروسة ومؤلمة منذ اليوم الأول نتج عنها محاصرة الوباء في مناطق محددة، الأمر الذي أدى لتخفيف الإجراءات تمهيدا للرفع الكلي.
وأضاف الدكتور ساطي أن مناعة القطيع فسلفة ظهرت في بريطانيا ولم تلق النجاح وهي استراتيجية غير فعالة في مواجهة فايروس كورونا، مرجعاً عدم نجاعة هذه الاستراتيجية إلى تطور الفايروس جينيا وتطوير سلوكه، الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته.
وقال إن سياسة التباعد الاجتماعي التي انتهجتها المملكةً نجحت في تحجيم نطاق الوباء جغرافيا وحصره في المناطق المكتظة، الأمر الذي أدى إلى تخفيف الإغلاق.
أما الكاتب الباكستاني شوكت براشا فقال إن لمفهوم مناعة القطيع وجهين، الواقعي منه هو: ابتكار مصل مضاد يوفر مناعة لنسبة كبيرة من الناس تمنع من تفشي المرض، أما الوجه النظري فهو إصابة عدد كبير من الناس بالمرض، وقدرة أجسامهم على توفير مناعة مضادة له مدى الحياة.
وأضاف أن المملكة عندما طبقت استراتيجية التباعد الاجتماعي فهي قرأت المشهد الطبي العالمي وكيفية تعامل العالم مع الوباء، وارتأت أن التباعد الاجتماعي هو أنجح السبل لاحتواء الجائحة..
المملكة التزمت بتوصيات منظمة الصحة العالمية نصا وروحا بمنع التجمعات، وتقليل الخروج إلى الشوارع، وارتداء الكمامات، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، والمسافة بين الأشخاص نحو مترين، والغسل المتكرر للأيدي وتعقيم الأسطح وإغلاق المدن ومنع التجول، ونجحت في إجهاض انتشار الفايروس بتنفيذ الإجراءات الاحترازية بصرامة، والتزام الجميع بتعليمات الوقاية بدقة.
لقد فشل العالم في تطبيق نظرية مناعة القطيع. ونجحت المملكة في التباعد والإغلاق.
زيادة ساعات التجول لا يعني التساهل
الالتزام = اجتثاث الجائحة
لم يكن قرار تخفيف منع التجول في المملكة سهلاً على الإطلاق، غير أن القرار اتخذ بعد رؤية عميقة عكست حرص القيادة الحكيمة على التخفيف عن المواطنين والمقيمين، مع دخول شهر رمضان، في ظل توفر العناصر المساعدة على اتخاذه، كونه انعكاساً للتقدم الإيجابي المحرز في جهود مواجهة «كورونا»، ونتيجة طبيعية لنجاح الجهود الاستباقية في هذا الإطار.
لقد ساهمت التقارير الصحية في إعطاء صناع القرار في المملكة تحديد وضعية الوباء وأماكن انتشاره في المناطق المكتظة، إذ تعاملوا مع أزمة الفايروس بكل احترافية وموضوعية، مقدمين صحة الإنسان وسلامته على ما عداها من اعتبارات، عبر قرارات وازنت بين مصالحه وحاجاته، ففرضوا منعاً عندما كانت الحاجة تقتضي ذلك، وتم رفعه بعد تهيئة الظروف المواتية، وبما لا يؤثر على صحة المواطنين والمقيمين.
ومن المؤكد أن الانخفاض الكبير في أعداد الوفيات في مقابل ارتفاع أعداد المتعافين أعطى صناع القرار مؤشراً لتتويج الجهود الناجحة والشجاعة والقياسية التي بذلتها الدولة وانعكست في سلامة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها الجهات الصحية المختصة، التي تميّز أداؤها بالكفاءة العالية والاحترافية.
كما أكد الشعب السعودي أنه على قدر كامل من المسؤولية، خصوصا في أوقات الأزمات مهما رافقتها من إجراءات حادة وصعبة، وهو ما كان له انعكاس كبير في التقدم الإيجابي لجهود مكافحة «كورونا» خلال فترة منع التجول. ولا تزال المسؤولية كبيرة على المواطنين والمقيمين للحفاظ على النتائج الإيجابية التي تحققت، بعدما دخلت الجائحة منعطفا خطيرا، لذا فإن التقدم في مواجهتها مرتبط بالتزام المواطنين والمقيمين بالتعليمات الصادرة من الجهات الصحية، والمرحلة القادمة ستكون حاسمة أيضا في الاستمرار في مواجهة «كورونا» حتى النهاية.
وأخيرا وليس آخرا، فإن التزام المواطنين والمقيمين بالإجراءات والتدابير الوقائية وتعليمات التباعد الاجتماعي من شأنه أن يسرع من جهود عودة النشاط الاقتصادي بشكل كامل ورفع منع التجول في حال أظهرت المؤشرات الصحية مزيداً من التقدم.