تبادل الوجبات بين الجيران سمة رمضانية مفقودة هذا العام.
تبادل الوجبات بين الجيران سمة رمضانية مفقودة هذا العام.
-A +A
محمد الشهراني (الدمام) mffaa1@
لم يكن يمر شهر رمضان المبارك دون أن يتبادل أهالي الأحياء في مدن ومحافظات وقرى المملكة بشكل عام، الأطباق الرمضانية الشهيرة، فيما يسمى بـ«صينية الجيران»، أو ما يطلق عليه في مناطق أخرى «الطُعمة»، وهي عبارة عن صينية تحوي أصنافا من السمبوسة واللقيمات وبعض أنواع الحلوى الخاصة، إذ يحملها الأطفال قبل موعد الإفطار بدقائق معدودة راكضين هنا وهناك، باتجاه بيوت جيرانهم، مقدمين فيها ما لذ وطاب من صنع «البيت»، بينما لا يعودون خالي الوفاض، إذ يحملهم الجيران في طريق عودتهم لأسرهم أطباقا أخرى، تظل طوال الشهر في رحلة ذهاب وإياب لا تنقطع.

ولكن، ومع جائحة «كورونا» وما فرضته من التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي، تلاشت هذه العادة، فاختفت رائحة الطعام الزكية التي كانت تصل نكهاتها قبل الأطباق، محملة برائحة الألفة والمحبة والرحمة بين أبناء الحي الواحد، ورغم أنها عادة اشتهرت بها أنحاء المملكة، إلا أن أحياء المنطقة الشرقية كانت تشهدها بشكل مكثف وملفت للنظر. قبل أن تتبدل العادات الرمضانية، فيما التزم الجيران بالإجراءات الصحية والاحترازات الوقائية اتقاء لعدوى الفايروس المستجد.


ويقول زياد العمودي لـ«عكاظ»: كان تبادل الوجبات في رمضان بين الجيران له جوانب مهمة، أبرزها زيادة أواصر الألفة والمحبة بينهم، ناهيك عن أنها تحسب كأجر إفطار صائم، امتثالا لقول الرسول الكريم: «من فطّرَ صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا». وهذا دليل واضح على أن تبادل الوجبات أو ما يسمى «الطُعمة» عند أهالي الشرقية ليس مشاركة في الطعام فحسب، بل هو أجر عظيم عند الله.

بدورها، تعتبر هند الجاسم في حديثها لـ«عكاظ» أن تبادل الأطباق مع الجيران والأهل في شهر الصيام واجب وسبيل للتقارب والتآخي، وزيادة المحبة بين أبناء الحي الواحد، كما أنه فرصة لتذوق أصناف متنوعة من الطعام، إذ يحرص كل جار على أن يذوّق جاره وعائلته من الطعام الذي يأكله. كما اتفق معها محمد السهلي، الذي أوضح أن والدته وقبل دخول الشهر الكريم بأسبوع كانت تستعد بتجهيز مكونات الأطباق الشعبية والبدء في الطهي والتجهيز لها منذ أول أيام الشهر حتى نهايته، على أن تحسب حسابها لتوزيع جزء منه للجيران وجزء أكبر للمسجد الذي يتوسط الحي.