بدأ زعماء دول العالم يدرسون في حذر شديد اتخاذ خطوات لرفع تدابير «الإغلاق»، وتقليص الحجر المنزلي، والقيود التي اضطروا إلى فرضها لاتقاء شر جائحة كورونا. غير أن الخبراء الذين أوصى بعضهم أصلاً بتلك التدابير حذروا بشدة أمس (الاثنين) من أن تخفيف الإجراءات يحمل معه مخاطر اندلاع موجة وبائية ثانية من مرض كورونا المستجد. لكن القادة السياسيين بدوا متعجلين لاتخاذ قرار التحرر من القيود، ليس لأنهم تعاطفوا مع شعوبهم التي تاقت إلى الحرية؛ بل لأن نازلة كورونا دمرت الاقتصاد، وقفزت بأعداد العاطلين إلى مستويات غير مسبوقة منذ الكساد العظيم، الذي استبق اندلاع الحرب العالمية الثانية. وقال مدير معهد قياسات وتقويم الصحة التابع لجامعة واشنطن الدكتور كريستوفر موراي، الذي وضع النموذج الذي أقره البيت الأبيض للإغلاق بوجه الوباء، إن المساعي الرامية لإعادة الفتح «ستُترجم إلى مزيد من الإصابات والوفيات في غضون 10 أيام». وكانت فرنسا وإسبانيا خففتا القيود اعتباراً من أمس، فيما بدأ رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون ليل الإثنين خطوات خجولة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، على مراحل. وقال جونسون: «لن يدفعنا لذلك مجرد الأمل، ولا الضرورة الاقتصادية، وإنما سيقودنا العلم، والبيانات، والصحة العمومية». وكانت بريطانيا سجلت في الـ24 ساعة الماضية لكلمة جونسون 18 ألف إصابة جديدة! وقال أستاذ علوم الصحة البيئية بجامعة كولومبيا الأمريكية البروفيسور جيفري شامان إنه يتوقع ارتفاعاً في عدوى كوفيد-19، بسبب التعجيل برفع القيود. وأضاف أن البيانات المتعلقة بذلك لن تظهر قبل حلول نهاية مايو الجاري. وأعلنت الصين (الأحد) 14 إصابة مؤكدة بفايروس كورونا الجديد، وذلك للمرة الأولى منذ تخفيف الإغلاق قبل أكثر من شهر. وأعلنت السلطات في مدينة ووهان، التي انطلق منها الوباء في 2019، أمس (الإثنين) خمس إصابات مؤكدة، ما ضاعف مخاوف من موجة وبائية جديدة. وأكدت السلطات الصحية هناك أن عملها لا يزال يتواصل بجسارة لمنع تفشي الوباء. وأوضحت أن الإصابات الجديدة في الصين جميعها لأشخاص بلا أعراض. ولا يعرف عدد المصابين من هذا النوع في الصين، إذ لا يتم عدّهم ضمن المصابين إلا إذا ظهرت عليهم أعراض. لكن السلطات في ووهان تقول إنها تراقب هذا النوع من المصابين بدقة، منذ رفع التدابير الاحترازية في 8 أبريل الماضي. كما أعلنت بكين 3 إصابات جديدة أمس بمقاطعة شولان المجاورة لكوريا الشمالية، بعدما لم تكن هناك إصابات طوال الأيام الـ70 السابقة. وفي كوريا الجنوبية، التي كانت نموذجاً للنجاح في قهر كوفيد-19، أعلنت السلطات إغلاق جميع الملاهي الليلية في العاصمة سيول إلى أجل غير مسمى، في أعقاب تأكيد 40 إصابة جديدة. ويأتي الإجراء بعد 3 أيام فحسب من السماح للسكان ببدء «حياة جديدة متعايشة مع كوفيد-19». ونجحت كوريا الجنوبية في إبقاء اقتصادها مفتوحاً بفضل سياسة تعتمد على تكثيف الفحوصات، ما أتاح لها «تسطيح منحنى» الإصابات. وفي ألمانيا، حيث تم تخفيف القيود، أعلنت السلطات أن الإصابات الجديدة ارتفعت بنسبة 1.1، ما أثار مخاوف من موجة عدوى ثانية. وكانت ألمانيا هي الأخرى قصة نجاح مدوٍّ في العالم، بعدما استطاعت السيطرة على التفشي، وإبقاء معدل الوفيات منخفضاً بواقع 7549 وفاة، في مقابل 31587 وفاة في بريطانيا. وتشير التحليلات إلى أن عودة الإصابات ناجمة عن التسرع في رفع التدابير الاحترازية. وكان معدل الإصابات الجديدة قبل رفع الإغلاق (الأربعاء) لا يتجاوز 0.65، ثم ارتفع (الجمعة) إلى 0.81، وإلى 1.1 بحلول السبت الماضي. ويعني الرقم 1 أو أكثر أن كل مصاب سيعدي على الأقل شخصاً آخر، ما يضمن استمرار التفشي. لكن دوائر حكومية في برلين تعتقد أن من الأفضل التريث بضعة أيام لمعرفة السبب الحقيقي في عودة التفشي.