سرد عبدالعزيز أبو لسه حكاية رمضان الأول في جهة من الجنوب الغربي من الروح، حيث كان التكوين الأول والخطوة الأولى، وكانت الأم الأولى والأخيرة، في قرية على شكل أجفان العين، تنتثر في جنباتها مدرجات زراعية صغيرة فيها «المسقوي والعثري»، تشترك في صياغتها الأكف والأقدام لإنتاج يوم قروي كامل الوجع والفتنة والجمال، كنت الابن الأول الذي عاش لأمي بعد 4 أخوات جميلات، حظيت بكل الحب من أمي بأكثر مما أحتاج، كانت تظللني بأهدابها، بل إنها من فرط حبها تتمنى أن أمشي على راحتيها الطاهرتين ولا أمشي على الأرض. أتذكرني في محاولات صيام رمضان الأول وكنت في الـ10 من عمري تقريبا، كانت عليها رحمة ربي ترتب معي لتهب لي طعاما بعيدا عن عيون الرقباء والرقيبات، وهي تقول «ما تطيق تصوم فديت روحك» ولن يعلم أحد بأنك لست صائما حتى الطير الطائر، وعند ظهور أول سمبوسة في بيتنا في ظرف استثنائي كانت إحداها من نصيبي، تساءلت ما هذا الكائن المثلث الذي تفوح منه رائحة تجعلني أفقد توازني؟
قامت أمي بعملية إخلاء برّي لتلك الحبة من السمبوسة وهمست في أذني قائلة «كُلْها ومسّح مشادقك لا أحد يرْوحها».
هكذا مضى ذلك الرمضان بلا موعد ثان، ومضت معه أجمل اللحظات وغادرني وجه أمي الذي لا يستعاد، وغادرتني تلك الأمكنة التي لا تتكرر.
قامت أمي بعملية إخلاء برّي لتلك الحبة من السمبوسة وهمست في أذني قائلة «كُلْها ومسّح مشادقك لا أحد يرْوحها».
هكذا مضى ذلك الرمضان بلا موعد ثان، ومضت معه أجمل اللحظات وغادرني وجه أمي الذي لا يستعاد، وغادرتني تلك الأمكنة التي لا تتكرر.