علي مروان
علي مروان
-A +A
«عكاظ» (الباحة) okaz_online@
الظروف لم تكن مواتية شأنها اليوم، فحياة الناس متواضعة ومستوياتهم متقاربة، والاعتماد بعد الله على الأرض وما تجود به، والماشية وما توفر من حليب وصوف، وليس هناك فرد من أفراد العائلة مستثنى من الواجبات اليومية.

توقظني أمي قبل الفجر لتناول ما تيسر مما يقيم الأود، ومع مغالبة النوم المسيطر على عيني طفل لم يتجاوز العاشرة يتم تزويدنا بالمهام التي تؤكد الانتماء وتعزز الرجولة.


يناولني أبي المرجمة فأسرح مع بداية النهار لأتصدى لهجمات الطير على أشجار العنب وعذوق الذرة ونرفع الصوت ليتردد صداه في جنبات الوادي فيأتي الرد من مزرعة مجاورة لنشعر بشيء من الطمأنينة.

نتماسك بما احتفظت به أجسادنا حتى الضحى ومع حموة الشمس ينتابنا الظمأ، ويبدأ الامتحان الحقيقي، وهناك من ينجح وهناك من يخفق.

وأمام إغراء الثمار وخرير الماء تضعف النفس ونحاول الصمود والصوم بما يتناسب مع قدراتنا، وللهروب من الاستسلام للفكرة نلجأ لصيد العصافير بالطرق التقليدية التي تتطلب جهداً إضافياً فننسى الجوع والعطش وتغمرنا السعادة مع زوال الشمس للغروب، وبانحسار ضوء النهار واقتراب وقت الإفطار نكلف بالترقب لصوت المؤذن، فنخرج للساحات لإتاحة الفرصة لكبار السن أن يتناولوا إفطارهم ثم ننطلق مع «الله أكبر»، مرددين «تراه أذّن»، فنجتمع على مائدة الإفطار العامرة بما تيسر من التمر وبعض الأكلات الشعبية آنذاك. ولم يكن الصوم يومياً بل يوم ويوم، والأقران في هذه السن جميعهم على هذه الحال.

علي مروان الغامدي