لن تعود أماكن العمل بعد نازلة كورونا مثلما كانت عليه قبلها. وتزداد أهمية ذلك في سياق تهافت الشركات الكبرى لاستئناف نشاطها التجاري الضخم، بعد قرار الدول الكبرى تخفيف تدابير الإغلاق، والحجر المنزلي، إثر موجة من الإصابات والوفيات التي ستبقى فصلاً مهماً في كتب التاريخ. وتقول بلومبيرغ إن الموظفين والعمال العائدين لأعمالهم لن يجدوا أماكن عملهم كما تركوها في أتون الجائحة. فقد انتشر بشكل متزايد استخدام إسوارة إلكترونية تطلق صافرة، في مصانع شركة تاتا لصناعات الصلب في بريطانيا، إذا اقترب العامل من نطاق جغرافي محدد يوجد فيه شخص مصاب بفايروس كورونا الجديد. واستعانت شركتا سانوفي وشنايدر إلكتريك بكاميرات حرارية في مكاتبهما بفرنسا، لكشف درجة حرارة كل من العاملين. وفي المولات والهايبرماركت ووسائل النقل العمومي في إسبانيا وفرنسا تستخدم أشعة ليزر غير مرئية لاكتشاف مصابين. كما لجأت شركات أخرى إلى استخدام أجهزة لتتبع موظفيها المصابين. وذكرت بلومبيرغ أن أماكن العمل، من البنوك إلى المكاتب، ومستودعات شركات التجارة الإلكترونية، والمصانع، والأندية الرياضية، والمطارات، أضحت مختلفة تماماً عن سابق عهدها، من خلال استخدام الكاميرات الحرارية، وأقنعة الوجه المزودة بخاصية كشف الفايروس. ورأت أن تفشي وباء كورونا فتح الباب واسعاً أمام تكنولوجيا الرصد والمراقبة، التي يتعين على الناس القبول بأنها وجدت لتبقى. وكانت الصين وسنغافورة وكوريا الشمالية سباقة إلى تطويع تكنولوجيا التعرف إلى الوجوه سلاحاً ضد الوباء، وتطبيقات التتبع التي ترى بلدان الاتحاد الأوروبي أنها تمثل انتهاكاً للخصوصية، والحريات الشخصية. لكن العلماء يرون أنه سيأتي وقت في المستقبل تتم فيه معالجة جميع القضايا المتعلقة بالخصوصية، وموازنتها بضرورة حماية صحة المجتمعات. ويشيرون إلى أن الشركات والمصانع تواجه هي الأخرى محنة، إذ إنها قد تتم مقاضاتها إذا لم توفر الحماية الكافية لموظفيها من الوباء. وأشارت دراسة نشرت في مايو الجاري إلى أن 23% من الشركات التي تم استطلاع آراء مديريها تدرس جدياً استخدام تطبيقات التتبع، لاتخاذ قرارات العودة للعمل بطاقاتها القصوى. وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة رومبت البلجيكية جون باكلمانز أن شركته صنعت إسوارة إلكترونية لا يزيد وزنها على 100 غرام، لمراقبة صحة وأداء الموظفين، وستقوم بتزويد 300 شركة بكميات منها خلال الأسابيع القادمة. وتقول شركة إيستيموت البولندية إنها تبيع أجهزة لتحقيق التباعد الجسدي للمصانع، والمستشفيات، ومراكز الأبحاث. وأضافت الشركة أن جهازها يتيح لتلك المؤسسات تتبع الاتصالات التي يقوم بها أي موظف مصاب بالفايروس. ويصدر الجهاز صوتاً إذا قضى الموظف أو العامل وقتاً طويلاً بالقرب من زميله.