-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz@
بين مدارس مكة والطائف وجدة تكونت مراحله التعليمية الأولى.. وفي الرياض اكتملت مرحلة النضوج بشهادته الجامعية في التجارة.. وبين استثمارات بدائية صغيراً ومهنة الطوافة وريثاً، كانت بدايات حياته العملية.. وبين وزارتي العمل والمالية موظفاً حكومياً محدود الدخل والقطاع الخاص تاجراً مؤثراً في الأسواق المالية، بدأت حياة تاجر استخلفه الله في الأرض.. إنه رجل الأعمال صالح كامل.

ومن مراجع حكومي ومستشار مالي أوائل الستينات إلى التجارة والثروة المعَززة بالاستثمارات الداخلية والخارجية.. ومن إنشاء مجموعة «دلة البركة» نهاية الستينات، إلى نقطة التحول في أول مغامرة تجارية بمشروع «البريد الطَّواف».. ومن المقاولات العامة في السبعينيات والثمانينيات، إلى تجربة استثنائية لصناعة الإعلام والترفيه بداية التسعينيات.


حين سبق فكره التجاري أقرانه وأوجد من القليل نجاحاً، طغت ألعاب البيع والشراء على اللعب مع أترابه صغيراً.. ولما تجذرت لديه التجارة، باع لزملائه ألعاباً بدائية صنعها من عظام الخِراف، وحرَّر لهم المجلات المدرسية.. وفي الجامعة اشترى طابعة لنسخ مذكرات الطلبة.. ومن لبنان اشترى ملابس الكشافة وسوَّقها على المدارس.. وبخبرة طاهي منزل والده أسس مطبخاً للمأكولات الشرقية.

وعند الإسهاب بين أهداب مسيرته التجارية وأهداف سيرته الإنسانية، هناك مواقف مُعزِّز ووقفات مُطوِّر وبصمات مُوثِّر.. وبين عصامية تاجر وعصارة مهني وخبرة إمبراطور، هناك منظومة اقتصادية ببرامج علمية وتجربة عملية توقظ أحلام جيل التجارة الجديد، لاكتشاف الفرص الاستثمارية وتطوير ريادة الأعمال.. ذلك ديدن التاجر الشيخ الذي لا يعرف الملل.

في تجربة تنويرية متوهجة يجب أن تتكرر بين استثماري التجارة والمجتمع، رسم بسمة على الأسر المنتجة بتعضيد مشروعاتها الناشئة حِرفاً وأعمالاً يدوية، وسند أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة بطيوف غادقة للخصَّابين.. ومن مسيرة سابقة لتوَّاق المنجز التجاري، طرح رؤيته لرواد الأعمال، وراهن عليهم في أن يكونوا على مستوى التحدي.

وعندما استثمر في الإعلام بوسائله الثلاث، كان الاتفاق عليه مختلفاً.. ولأن بعض الظن إثم، جنحوا إلى أنه من خارج الدائرة، فقلب الموازين وفاز بالحظ الأوفر من أصوات مجالس إداراتها.. وبين هذا وذاك مسافة مسكونة بالصمت بمفاجأة بداياته مع الصحافة قبل أن يتعلموا هم القراءة والكتابة، حين كان رئيساً لتحرير مجلة «ألوان» في نموذجية جدة الثانوية.

فتح أجواء الاقتصاد الإسلامي منذ زمن بعيد ورسم خريطته في ذاكرة الناس.. وبين ندوة البركة السنوية ومركزي أبحاث الاقتصاد في جامعتي الملك عبدالعزيز والأزهر، أثرى التجربة برؤية شرعية اقتصادية، يوم أن كان لا أحد يعرف معنى ذلك المفهوم.. وحين أينع الثمر باتت المجتمعات تدرك قيمة ذلك التوجه.