تعتبر قواعد الإتيكيت والبروتوكول في التعامل مع الآخرين من الأمور المهمة والمرتبطة بشكل كبير في حياتنا العملية والاجتماعية، ويعتبر فن الإتيكيت من الفنون التي تدرس أكاديمياً ويبنى على هذا النوع من الفنون نجاح صورة الكثير من الجهات المختلفة بمختلف توجهاتها وتخصصاتها، كما يراهن على نجاح أي علاقة تواصل مع الآخر اجتماعياً وعملياً على مدى وعيه بركائز التعامل، ومدى إيمانه بضرورة تطبيق مؤشرات الآداب العامة واللباقة والذوق العام وأوقات استخدام الكلمة المناسبة لكل مكان وزمان. “عكاظ” تفتح باب التواصل الفعال وأدبياته مع عدد من المختصين والمهتمين:
تحليل الخطاب ومهارات الاتصال
يؤكد المتخصص في تحليل الخطاب الدكتور عبدالله الخطيب أن مفهوم التواصل الفعَّال من المفاهيم المركزية عند المتخصصين في مهارات الاتصال، مشيراً إلى أن هذا لا يمنع من القول إن هناك تقاطعاً واضحاً يتعلق ببعض المفاهيم بين نظرية تحليل الخطاب ومهارات الاتصال، وزاد: يأتي «قانون المصداقية» كواحد من أهم قوانين الخطاب التي استعرضها دومينيك مانغنو في كتابه: «تحليل نصوص الاتصال» التي تشمل: قانون الملاءمة، وقانون المصداقية، وقانون الإبلاغ، وقانون الشموليَّة.
ولفت الخطيب إلى أن قانون المصداقية كما يشير أيضاً مانغنو يتضمَّن: التزام المتكلم تجاه فعل الخطاب الذي يتلفظ به؛ ومن ثَم فإن كل فعل من أفعال الخطاب مثل (يعد، يؤكد، يخبر، يأمر...) يتكئ على مجموعة من المعايير والشروط. وأضاف: بمعنى أننا -على سبيل المثال- عندما نخبر عن شيءٍ ما فإنه من المفترض أن نضمن لمن نخاطبهم صِدق ما نقوله. ونلاحظ عندما ننظر إلى هذا التعريف عن قُرب أنَّ المسألة تتعلق بفعل التزامٍ مركَّبٍ، يُحيل من جهة إلى الالتزام الأخلاقي مع الذات والعمل على ضمان صدق ما تصرح به هذه الذات، ومن جهة أخرى إلى الالتزام مع الآخر وفقاً لمبادئ التعاون البنَّاء والاحترام المتبادل التي تضمن لهذا الآخر (المتلقي) حقَّه في ألَّا نقول له إلا ما نعتقد بأنه الصواب أو (الحقيقة).
ونوه الخطيب إلى ضرورة التذكير بمسألة جوهرية (اشتغل عليها في سياق آخر كثير من المهتمين بسلوكيات الصدق والكذب) وهي أن التقيُّد بهذا الالتزام المركب لا يعني على الإطلاق أننا خارج دائرة الخطأ، وأننا من الممكن أن نكون أخلاقيين جداً وفي الوقت نفسه يقع لنا أن نقول أشياء خاطئة من منطلق اعتقادنا أنها صحيحة، أو نتيجة ظروف إنتاجها وتَلقِّينا لها فارتكاب الخطأ هنا مع النية في قول ما نعتقد صوابَه حتى لو كان ما نقوله خطأً يجعلنا تماماً خارج دائرة الكذب، ويعفينا من مسألة عدم الالتزام بقانون المصداقية.. موضحاً: «(التواصل ليس شيئاً آخر غير التعاون) كما يقول باقتدارٍ كبيرٍ فرانسسكو أكيسي. والمسألة كل المسألة تكمُن في ظني في الآليات التي من المفترض أن يسير وفقها هذا التعاون. فالتواصل الفعَّال هو عبارة عن عملية تشييد مستمرة. تشييد للمعنى مثلما أننا نُشيِّد صرحاً من الصروح بكل ما يحتمله هذا التشييد من متطلبات الصدق والتعاون والملاءمة وغيرها». وهذا التشييد في ظنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوكيات وأخلاقيات لغوية محددة يجتهد من خلالها المتخاطبون لتشييد علاقة تواصلية قائمة على استعمال ما تتيحه اللغة من إمكانيات من أجل التعاون البنَّاء والاحترام المتبادل بين هؤلاء المتخاطبين، على حد وصفه.
أزمة تواصل
ترى الأكاديمية في جامعة الملك سعود الدكتورة أريج الجهني أننا نعيش أزمة تواصل حقيقية، بل البعض لا يدرك حدوده الاجتماعية فتجده يقفز في صندوق الرسائل الخاصة وتارة يختلس رسائل الواتساب على حسب وصفها، تقول: «لعل السلوك الأكثر إزعاجاً، من يرسل لك رسالة مبهمة (السلام عليكم.. ويصمت)، أو من يرسل لك (قصة حياته) وأربعين رسالة متتالية دون أن يكترث لوقتك! البعض لديهم أنانية واضحة في التواصل، فهو حريص أن يفرغ ما في جعبته حتى على حساب الآخر، والبعض لا يخجل من مراسلتك في منتصف الليل أو نهاية الأسبوع (دون حاجة ماسة)».
وشددت الجهني على ضرورة وضع خارطة (اتصال) بحيث يستوعب الإنسان المسموح والممنوع في التواصل، وألا يغالي في ردات فعله، وزادت: «فمثلاً قد يبعث لك شخص ويراك متصلاً على التطبيق ويغضب لعدم ردك، قد يبدو هذا الأمر سهلاً، لكن في الحقيقة أن النفس تسأم من سوء الظن والتجني الذي يتبع هذا (الترصد الإلكتروني)، لعلها فكرة مخيفة ومقلقة بالفعل أننا أصبحنا مراقبين طوال الوقت ولا عجب إن اضطر الكثير من الناس لامتلاك أكثر من جهاز ورقم هاتف!».
وعزت الدكتورة أريج ذلك إلى أزمة التواصل التي لا تطرحها هنا من باب التذمر إنما من منطلق محاولة فهم الأسباب والعوامل الاجتماعية والاقتصادية ورصد التبعات وفرز النتائج لنضع تصوراً عملياً للتواصل بين البشر على حد قولها، وأضافت: «الإنسان كائن اجتماعي سواء كان يقبل أو يرفض هذه هي الحقيقة، ولا شك أن الوعي بالدور الاجتماعي يجعل الإنسان أكثر حساسية حينما يرى الغرباء يقفزون داخل دائرته الضيقة، ويحملون في أيديهم هذه الأجهزة وكأنها أسلحة. يستمرئ الكثير أن يجعلك تحت طائلة الاتهامات فقط إن كانت مكالمته (لم يرد عليها أحد)».
التواصل الصحي
يعزي الدكتور عبدالله غازي إلى أن أساس العلاقات الناجحة هو التواصل الصحي، مشيراً إلى أن التواصل الصحي هو الطريقة التي بإمكان الشخص من خلالها أن يوصل فكره ومشاعره للأشخاص المقربين منه، وأضاف: «بإمكان التواصل أن يغير مسار علاقات بأكملها، فقد تحسن عدد كبير من العلاقات بعد أن حرص طرفاها على تنمية مهاراتهم في التواصل، والعكس صحيح أيضاً، الكثير من العلاقات انهارت بعد أن أهمل طرفاها قنوات التواصل التي حرصوا عليها». ولفت الدكتور عبدالله إلى أنه بإمكان التواصل أن يخلق صورة ذهنية صحيحة عن الشخص نفسه والطرف الآخر، لأن التواصل الصحي به من الوضوح ما يقطع طرق سوء الفهم أو التصور المنقوص عن الشخص وبالتالي يقلل احتمالية التعامل السلبي بناءً عليها.
ينصح الدكتور عبدالله غازي الجميع بالحرص على التواصل الجيد مع من حولهم وإظهار الصورة التي تود أن يراها الناس عنك لكي لا يساء فهمك ولأن في ذلك مصلحتك.
نبرة الصوت والتواصل الفعال
يرى الدكتور مشعل العقيل المتخصص في الطب النفسي أن الكثير يجدون صعوبة في إيصال رسالتهم بالشكل المطلوب، ويعاني البعض من فهم الآخرين له بشكل خاطئ، ويتجنب الكثير المواجهة في الحديث ويلجأ لإيصال حديثه أو رسالته عن طريق رسالة أو البريد الإلكتروني، وآخرون يقع بينهم خلاف بسيط وسوء تفاهم ويصل إلى مشكلة كبيرة بسبب النقاش عن طريق الواتساب أو أحد التطبيقات الأخرى على حد وصفه، وقال: «يلاحظ البعض بأنه في المرحلة الجامعية كان ينجذب لبعض الدكاترة أكثر من آخرين قد يتفوقون علمياً، وكذلك نلاحظها بوضوح داخل العيادة في التعامل مع المراجعين وتأثرهم بتفاصيل التواصل ومهاراته ومدى تأثيرها النفسي عليهم سواء كانت المشكلة التي يعاني منها المريض عضوية أو نفسية، ولذلك نجد الكثير من كليات الطب تهتم بهذا الجانب في التدريب».
وأشار العقيل إلى وجود خلل في التواصل يؤدي بالشخص إلى الكثير من الصعوبات والمشاكل في حياته التي تؤثر عليه نفسيا أو سلوكيا أو اجتماعيا وأحيانا مهنيا، وتعود في معظمها إلى ضعف في مهارات التواصل الفعال التي تعتبر أحد المهارات الحياتية اليومية المهمة، وأضاف: «كثيرا ما ننجذب لحديث شخص بسبب إجادته لتلك المهارات وقد يكون محتوى كلامه مكرراً أو لا يضيف لنا شيئاً ولكن ما أحاط حديثه من مهارات جعل لكلماته جاذبية، والتواصل بشكل عام هو عملية يتم من خلالها إرسال أو استقبال أفكار أو مشاعر أو معلومات»، مضيفاً بأنه كلما تم استخدامها بشكل جيد كان لها أثر ايجابي على الطرف المقابل، كما أن استخدام تلك المهارات بشكل مبتذل يفقدها الأثر والمعنى وتتسبب في أثر عكسي من انطباع سلبي وعدم ارتياح الشخص المقابل لتلك المهارات المبتذلة أو الضعيفة، والكثير من هذه المهارات تعتبر مكتسبة من خلال الممارسة المستمرة واقتباسها من الاحتكاك بمن يجيدها أحياناً بوعي وأحياناً بدون، فنلاحظ بعض الأصدقاء المقربين يتشابهون في طريقة حديثهم.
ولفت العقيل إلى أنه ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها البعض تركيزه على ممارسة مهارات التواصل الفعال في بعض المواقف دون الأخرى مما يجعلها ضعيفة الأثر والفعالية، مشيراً إلى أن التواصل الفعال يعتمد على جوانب لفظية وغير لفظية، وقد يستغرب البعض عند معرفة بأن بعض الدراسات وجدت بأن 55% تقريبا يعتمد التواصل الفعال على الجانب غير اللفظي مثل تعابير الوجه وحركة الجسد والابتسامة والإنصات الجيد، وتعتمد أيضاً مهارات التواصل الفعال بشكل كبير على نبرة الصوت. وأضاف: «لعل البعض يعاني بأن الآخرين يسيئون فهمه بسبب نبرة صوته العالية التي اعتاد عليها في الحديث وخصوصاً لمن لا يعلم هذا الجانب عنه، والتعاطف مع المتحدث من أهم مهارات التواصل الفعال وله أثر كبير في النفس وذلك من خلال تفهم مشاعر من حوله، كما أن التواصل البصري من المهارات المهمة فمعظم الأوقات يفضل تطبيقها ولكن توجد بعض اللحظات أثناء الحديث يفضل تجنبها، وغير ذلك من مهارات التواصل الفعال التي قد يطول الحديث عنها».
وأكد العقيل أن إجادة التواصل الفعال تساهم بشكل كبير في سهولة إيصال رسالة الشخص وأفكاره إلى الآخرين وتقلل من الخلافات أثناء الحوار وتصل بالأشخاص إلى حل المشكلات، مما ينعكس وبشكل إيجابي على صحة الأفراد النفسية وتصبح علاقاتهم الاجتماعية أكثر استقراراً، وتحسين تلك المهارات الضرورية يتطلب بعض الوقت لتصبح تلقائية في حديثه وتحتاج إلى تقبل التغذية الراجعة التي تصله ممن حوله والتفكير فيها دون دفاعية وتبرير غير مناسب، ولكي نصل إلى تواصل أكثر فعالية نحتاج -بالإضافة إلى المهارات السابقة- لاختيار الوقت المناسب للطرفين فحاول التعرف على الحالة المزاجية للشخص قدر الإمكان قبل البدء في الحديث معه مما يسهل عليك اختيار الموضوع المناسب ويجنبنا بعض الخلافات قبل بدايتها.
تحليل الخطاب ومهارات الاتصال
يؤكد المتخصص في تحليل الخطاب الدكتور عبدالله الخطيب أن مفهوم التواصل الفعَّال من المفاهيم المركزية عند المتخصصين في مهارات الاتصال، مشيراً إلى أن هذا لا يمنع من القول إن هناك تقاطعاً واضحاً يتعلق ببعض المفاهيم بين نظرية تحليل الخطاب ومهارات الاتصال، وزاد: يأتي «قانون المصداقية» كواحد من أهم قوانين الخطاب التي استعرضها دومينيك مانغنو في كتابه: «تحليل نصوص الاتصال» التي تشمل: قانون الملاءمة، وقانون المصداقية، وقانون الإبلاغ، وقانون الشموليَّة.
ولفت الخطيب إلى أن قانون المصداقية كما يشير أيضاً مانغنو يتضمَّن: التزام المتكلم تجاه فعل الخطاب الذي يتلفظ به؛ ومن ثَم فإن كل فعل من أفعال الخطاب مثل (يعد، يؤكد، يخبر، يأمر...) يتكئ على مجموعة من المعايير والشروط. وأضاف: بمعنى أننا -على سبيل المثال- عندما نخبر عن شيءٍ ما فإنه من المفترض أن نضمن لمن نخاطبهم صِدق ما نقوله. ونلاحظ عندما ننظر إلى هذا التعريف عن قُرب أنَّ المسألة تتعلق بفعل التزامٍ مركَّبٍ، يُحيل من جهة إلى الالتزام الأخلاقي مع الذات والعمل على ضمان صدق ما تصرح به هذه الذات، ومن جهة أخرى إلى الالتزام مع الآخر وفقاً لمبادئ التعاون البنَّاء والاحترام المتبادل التي تضمن لهذا الآخر (المتلقي) حقَّه في ألَّا نقول له إلا ما نعتقد بأنه الصواب أو (الحقيقة).
ونوه الخطيب إلى ضرورة التذكير بمسألة جوهرية (اشتغل عليها في سياق آخر كثير من المهتمين بسلوكيات الصدق والكذب) وهي أن التقيُّد بهذا الالتزام المركب لا يعني على الإطلاق أننا خارج دائرة الخطأ، وأننا من الممكن أن نكون أخلاقيين جداً وفي الوقت نفسه يقع لنا أن نقول أشياء خاطئة من منطلق اعتقادنا أنها صحيحة، أو نتيجة ظروف إنتاجها وتَلقِّينا لها فارتكاب الخطأ هنا مع النية في قول ما نعتقد صوابَه حتى لو كان ما نقوله خطأً يجعلنا تماماً خارج دائرة الكذب، ويعفينا من مسألة عدم الالتزام بقانون المصداقية.. موضحاً: «(التواصل ليس شيئاً آخر غير التعاون) كما يقول باقتدارٍ كبيرٍ فرانسسكو أكيسي. والمسألة كل المسألة تكمُن في ظني في الآليات التي من المفترض أن يسير وفقها هذا التعاون. فالتواصل الفعَّال هو عبارة عن عملية تشييد مستمرة. تشييد للمعنى مثلما أننا نُشيِّد صرحاً من الصروح بكل ما يحتمله هذا التشييد من متطلبات الصدق والتعاون والملاءمة وغيرها». وهذا التشييد في ظنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوكيات وأخلاقيات لغوية محددة يجتهد من خلالها المتخاطبون لتشييد علاقة تواصلية قائمة على استعمال ما تتيحه اللغة من إمكانيات من أجل التعاون البنَّاء والاحترام المتبادل بين هؤلاء المتخاطبين، على حد وصفه.
أزمة تواصل
ترى الأكاديمية في جامعة الملك سعود الدكتورة أريج الجهني أننا نعيش أزمة تواصل حقيقية، بل البعض لا يدرك حدوده الاجتماعية فتجده يقفز في صندوق الرسائل الخاصة وتارة يختلس رسائل الواتساب على حسب وصفها، تقول: «لعل السلوك الأكثر إزعاجاً، من يرسل لك رسالة مبهمة (السلام عليكم.. ويصمت)، أو من يرسل لك (قصة حياته) وأربعين رسالة متتالية دون أن يكترث لوقتك! البعض لديهم أنانية واضحة في التواصل، فهو حريص أن يفرغ ما في جعبته حتى على حساب الآخر، والبعض لا يخجل من مراسلتك في منتصف الليل أو نهاية الأسبوع (دون حاجة ماسة)».
وشددت الجهني على ضرورة وضع خارطة (اتصال) بحيث يستوعب الإنسان المسموح والممنوع في التواصل، وألا يغالي في ردات فعله، وزادت: «فمثلاً قد يبعث لك شخص ويراك متصلاً على التطبيق ويغضب لعدم ردك، قد يبدو هذا الأمر سهلاً، لكن في الحقيقة أن النفس تسأم من سوء الظن والتجني الذي يتبع هذا (الترصد الإلكتروني)، لعلها فكرة مخيفة ومقلقة بالفعل أننا أصبحنا مراقبين طوال الوقت ولا عجب إن اضطر الكثير من الناس لامتلاك أكثر من جهاز ورقم هاتف!».
وعزت الدكتورة أريج ذلك إلى أزمة التواصل التي لا تطرحها هنا من باب التذمر إنما من منطلق محاولة فهم الأسباب والعوامل الاجتماعية والاقتصادية ورصد التبعات وفرز النتائج لنضع تصوراً عملياً للتواصل بين البشر على حد قولها، وأضافت: «الإنسان كائن اجتماعي سواء كان يقبل أو يرفض هذه هي الحقيقة، ولا شك أن الوعي بالدور الاجتماعي يجعل الإنسان أكثر حساسية حينما يرى الغرباء يقفزون داخل دائرته الضيقة، ويحملون في أيديهم هذه الأجهزة وكأنها أسلحة. يستمرئ الكثير أن يجعلك تحت طائلة الاتهامات فقط إن كانت مكالمته (لم يرد عليها أحد)».
التواصل الصحي
يعزي الدكتور عبدالله غازي إلى أن أساس العلاقات الناجحة هو التواصل الصحي، مشيراً إلى أن التواصل الصحي هو الطريقة التي بإمكان الشخص من خلالها أن يوصل فكره ومشاعره للأشخاص المقربين منه، وأضاف: «بإمكان التواصل أن يغير مسار علاقات بأكملها، فقد تحسن عدد كبير من العلاقات بعد أن حرص طرفاها على تنمية مهاراتهم في التواصل، والعكس صحيح أيضاً، الكثير من العلاقات انهارت بعد أن أهمل طرفاها قنوات التواصل التي حرصوا عليها». ولفت الدكتور عبدالله إلى أنه بإمكان التواصل أن يخلق صورة ذهنية صحيحة عن الشخص نفسه والطرف الآخر، لأن التواصل الصحي به من الوضوح ما يقطع طرق سوء الفهم أو التصور المنقوص عن الشخص وبالتالي يقلل احتمالية التعامل السلبي بناءً عليها.
ينصح الدكتور عبدالله غازي الجميع بالحرص على التواصل الجيد مع من حولهم وإظهار الصورة التي تود أن يراها الناس عنك لكي لا يساء فهمك ولأن في ذلك مصلحتك.
نبرة الصوت والتواصل الفعال
يرى الدكتور مشعل العقيل المتخصص في الطب النفسي أن الكثير يجدون صعوبة في إيصال رسالتهم بالشكل المطلوب، ويعاني البعض من فهم الآخرين له بشكل خاطئ، ويتجنب الكثير المواجهة في الحديث ويلجأ لإيصال حديثه أو رسالته عن طريق رسالة أو البريد الإلكتروني، وآخرون يقع بينهم خلاف بسيط وسوء تفاهم ويصل إلى مشكلة كبيرة بسبب النقاش عن طريق الواتساب أو أحد التطبيقات الأخرى على حد وصفه، وقال: «يلاحظ البعض بأنه في المرحلة الجامعية كان ينجذب لبعض الدكاترة أكثر من آخرين قد يتفوقون علمياً، وكذلك نلاحظها بوضوح داخل العيادة في التعامل مع المراجعين وتأثرهم بتفاصيل التواصل ومهاراته ومدى تأثيرها النفسي عليهم سواء كانت المشكلة التي يعاني منها المريض عضوية أو نفسية، ولذلك نجد الكثير من كليات الطب تهتم بهذا الجانب في التدريب».
وأشار العقيل إلى وجود خلل في التواصل يؤدي بالشخص إلى الكثير من الصعوبات والمشاكل في حياته التي تؤثر عليه نفسيا أو سلوكيا أو اجتماعيا وأحيانا مهنيا، وتعود في معظمها إلى ضعف في مهارات التواصل الفعال التي تعتبر أحد المهارات الحياتية اليومية المهمة، وأضاف: «كثيرا ما ننجذب لحديث شخص بسبب إجادته لتلك المهارات وقد يكون محتوى كلامه مكرراً أو لا يضيف لنا شيئاً ولكن ما أحاط حديثه من مهارات جعل لكلماته جاذبية، والتواصل بشكل عام هو عملية يتم من خلالها إرسال أو استقبال أفكار أو مشاعر أو معلومات»، مضيفاً بأنه كلما تم استخدامها بشكل جيد كان لها أثر ايجابي على الطرف المقابل، كما أن استخدام تلك المهارات بشكل مبتذل يفقدها الأثر والمعنى وتتسبب في أثر عكسي من انطباع سلبي وعدم ارتياح الشخص المقابل لتلك المهارات المبتذلة أو الضعيفة، والكثير من هذه المهارات تعتبر مكتسبة من خلال الممارسة المستمرة واقتباسها من الاحتكاك بمن يجيدها أحياناً بوعي وأحياناً بدون، فنلاحظ بعض الأصدقاء المقربين يتشابهون في طريقة حديثهم.
ولفت العقيل إلى أنه ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها البعض تركيزه على ممارسة مهارات التواصل الفعال في بعض المواقف دون الأخرى مما يجعلها ضعيفة الأثر والفعالية، مشيراً إلى أن التواصل الفعال يعتمد على جوانب لفظية وغير لفظية، وقد يستغرب البعض عند معرفة بأن بعض الدراسات وجدت بأن 55% تقريبا يعتمد التواصل الفعال على الجانب غير اللفظي مثل تعابير الوجه وحركة الجسد والابتسامة والإنصات الجيد، وتعتمد أيضاً مهارات التواصل الفعال بشكل كبير على نبرة الصوت. وأضاف: «لعل البعض يعاني بأن الآخرين يسيئون فهمه بسبب نبرة صوته العالية التي اعتاد عليها في الحديث وخصوصاً لمن لا يعلم هذا الجانب عنه، والتعاطف مع المتحدث من أهم مهارات التواصل الفعال وله أثر كبير في النفس وذلك من خلال تفهم مشاعر من حوله، كما أن التواصل البصري من المهارات المهمة فمعظم الأوقات يفضل تطبيقها ولكن توجد بعض اللحظات أثناء الحديث يفضل تجنبها، وغير ذلك من مهارات التواصل الفعال التي قد يطول الحديث عنها».
وأكد العقيل أن إجادة التواصل الفعال تساهم بشكل كبير في سهولة إيصال رسالة الشخص وأفكاره إلى الآخرين وتقلل من الخلافات أثناء الحوار وتصل بالأشخاص إلى حل المشكلات، مما ينعكس وبشكل إيجابي على صحة الأفراد النفسية وتصبح علاقاتهم الاجتماعية أكثر استقراراً، وتحسين تلك المهارات الضرورية يتطلب بعض الوقت لتصبح تلقائية في حديثه وتحتاج إلى تقبل التغذية الراجعة التي تصله ممن حوله والتفكير فيها دون دفاعية وتبرير غير مناسب، ولكي نصل إلى تواصل أكثر فعالية نحتاج -بالإضافة إلى المهارات السابقة- لاختيار الوقت المناسب للطرفين فحاول التعرف على الحالة المزاجية للشخص قدر الإمكان قبل البدء في الحديث معه مما يسهل عليك اختيار الموضوع المناسب ويجنبنا بعض الخلافات قبل بدايتها.