وزير الشؤون الإسلامية ملقيا كلمته في الندوة
وزير الشؤون الإسلامية ملقيا كلمته في الندوة
-A +A
عبدالله الداني (جدة) aaaldani@

أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، أن المملكة العربية السعودية لم تتراخ في اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تحفظ صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، ولن تتراخى في حفظ الأنفس والأرواح، مشيرا إلى أنها أصدرت قرارات تنظيمية معتبرة فيها صحة الحجاج والمعتمرين، وجعلت ذلك على رأس اهتماماتها وأولوياتها، وإن أدى ذلك إلى تعليق العمرة أو تحديد أعداد الحجاج في هذا العام.

وقال خلال افتتاح ندوة الحج الكبرى التي أقيمت عبر الوسائط التقنية اليوم (الاثنين): من هذا المنطلق أتى هذا التنظيم الدقيق الاستثنائي لموسم حج هذا العام، والذي يحقق إقامة شعيرة الحج، ويحفظ للحجاج صحتهم وسلامتهم.

وقد تضافرت جهود الجهات المعنية في حكومة خادم الحرمين الشريفين للاستعداد لخدمة ضيوف الرحمن في هذا العام، وكانت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ضمن هذه الجهات التي تتشرف بخدمة الحجاج.

فبتوجيهات القيادة الحكيمة في المملكة العربية السعودية قامت الوزارة بإعداد خططها وتأطير أعمالها بما يتوافق مع التنظيمات والإجراءات الاحترازية التي تحفظ للحجاج صحتهم وسلامتهم، فقد هيأت وزارة الشؤون الإسلامية مسجد نمرة ومسجد المشعر الحرام لحجاج بيت الله الحرام وفق التنظيمات المعتمدة صحياً، والتي تحقق التباعد الاحترازي، وتم تهيئة وتشغيل أنظمة تنقية الهواء داخل مسجد نمرة، وكذلك تم تحديد المسارات للحجاج بملصقات إرشادية وبألوان مختلفة تساعد الحجاج على تنظيم دخولهم وخروجهم للمساجد، كذلك جُهز المسجدان بالمعقمات وجميع ما يحقق الاشتراطات الصحية.

كذلك قدمت الوزارة مجموعة من البرامج الدعوية والتوعوية لحث حجاج بيت الله الحرام على القيام بالنسك على الوجه الشرعي مع التقيد بالأنظمة والتعليمات التي تحفظ لهم أمنهم وسلامتهم وصحتهم، فاستخدمت الوزارة في مجال التوعوية هذا العام عدداً من الوسائل التقنية كالتطبيقات الإلكترونية والهاتف المجاني الذي يخدم ثمان لغات عالمية، والشاشات التفاعلية، وكلفت الوزارة عدداً من أصحاب الفضيلة لمرافقة الحجاج وتوعيتهم، وجميع هذه الأعمال، وأعمال قطاعات الجهات الحكومية المشاركة في خدمة ضيوف الرحمن الهدف منها أن يقوم ضيوف الرحمن بتأدية حجهم بسلام وأمان.

وأضاف: الشريعة الإسلامية شريعة كاملة حكيمة، ومن كمالها وحكمتها أنها جعلت حفظ الأنفس وسلامتها من الضرر عند أداء العبادات والقيام بالواجبات أمر له اعتباره، ولهذا أباحت للحاج ارتكاب محظورات الإحرام خشية أذى متوقع، وأباحت الفطر في رمضان عند الخوف على النفس، بل إن فقهاء الإسلام استنبطوا من قول الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) جواز ترك استعمال الماء عند الخوف على النفس من استعماله، كحال البرد الشديد أو الجرح أو نحوه.

والمتأمل للنصوص الآمرة بالح ليجد أنها علقت حكم الحج بالاستطاعة، فلا يجب الحج على كل الناس، وإنما على المستطيع، قال الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، وإن من الاستطاعة المعتبرة عند فقاء الإسلام من كل مذهب: أمن الطريق، وسلامة النفس في سفر الحج وعند أداه، اعتبروا أيضاً كان المسلمون يعانونه في قرون سالفة من الخوف عند سلوك الطريق إلى مكة، فكان يترتب على اختلال أمن الطريق في ما مضى: زيادة أعباء يتحملها الحاج لتوفير أمن الطريق، فلابد أن يكون عنده مال يبذله لحمايته وسلامته وحفظ نفسه في طريقه، وانتهى كل ذلك بعد أن أنعم الله تعالى على المسلمين بقيام الدولة السعودية، إذ أمنت سبل الحج وطرقه، وزال الخوف المتوقع في صحاري الجزيرة العربية.

وشدد وزير الشؤون الإسلامية على أن ملوك الدولة السعودية المباركة أخذوا على عواتقهم حفظ أمن الحجيج وصحتهم وسلامتهم، وجدوا واجتهدوا في توفير ما يكفل سلامة الحاج في بدنه وماله عند أداء فريضة الحج وشهد التاريخ والقاصي والداني للدولة السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل طيب الله ثراه إلى هذا العصر الذهبي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والمملكة كانت ولا زالت تعتني بالحرم الشريف والمشاعر المقدسة وقاصديها، عناية مرتكزة على ما اعتنت به الشريعة الإسلامية من حفظ الضروريات الخمس التي في مقدمتها حفظ النفس بعد حفظ الدين، ولهذا سعت سعياً حثيثاً في هذا الشأن، وفي وقاية الحجيج من كل أذى متوقع، أو ضرر مظنون، وأنفقت الأموال والجهود في توسعة المسعى والمسجد الحرام وساحاته، وكذلك جسر الجمرات ومساجد المشاعر المقدسة، والطرق المؤدية إلى المسجد الحرام، وكل ذلك في سبيل حفظ أرواح الحجيج وسلامتهم.

وتابع: إننا في موسم الحج هذا العام ومع هذه جائحة ووباء كورونا نعيش في حال مختلفة وجديدة، وهذه الحال أثرت على أحكام بعض التصرفات، فما كل ما كان مباحاً قبل بقي مباحاً مع جائحة وباء كورونا، خصوصاً بعد ما أفاد أهل الاختصاص بأن الاجتماع والتقارب الجسدي سبب رئيسي لنقل العدوى، وأوصوا بالبقاء في البيوت وعدم الخروج إلا للضرورة، ووجهوا بأخذ أسباب التحرز عند الخروج.

وأضاف: المملكة العربية السعودية ترصد المتغيرات، وتراقبها، وتسعى جاهدة مستعينة بالله لمقاومة هذا الوباء، وينعكس ذلك على أداء الواجب تجاه حجاج بيت الله الحرام، وتستشعر واجب حفظ الأنفس الذي أولته الشريعة اهتماماً بالغاً.

وأردف قائلا: إذا كانت الشريعة الإسلامية تعلّق أحكام بعض تصرفات الفرد في صلاته التي هي عمود الإسلام على حكم الطبيب المختص الثقة، بحيث تجيز له ترك ركن السجود في الصلاة، وتجيز ترك القيام في الصلاة مع القدرة لنهي الطبيب الثقة له إن كان في ذلك ضرر عليه، وتأذن له بالفطر في رمضان بناءً على حكم الطبيب، فإن المملكة العربية السعودية تقيّم المخاطر على صحة حجاج بيت الله الحرام، والمخاطر المتوقعة التي قد يحملونها إلى بلدانهم وأهليهم ومن حولهم بسبب سرعة تفشي وباء كورونا، ولهذا أصدرت قراراتها وتنظيماتها لحج هذا العام معتبرة في ذلك ما اعتبرته الشريعة الإسلامية من حفظ الأنفس ووقايتها من الأخطار التي ربما تودي بها.