بعد يومين فحسب من ظهوره جنباً إلى جنب الرئيس دونالد ترمب ليل الأحد الماضي في واشنطن، للإعلان عن صدور موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدام «بلازما النقاهة» لمعالجة وباء كوفيد-19؛ تراجع رئيس الهيئة ستيفن هان عن ادعائه أمام ترمب أن بلازما الدم «توفر فائدة مثيرة» لمرضى كوفيد-19. وقال هان، في تغريدة ليل الثلاثاء «لقد وُجهت انتقادات للتصريح الذي أدليت به الأحد في شأن فوائد بلازما النقاهة. ذلك الانتقاد مبرر كلياً». وكان ترمب وصف ذلك التطور بأنه «تاريخي حقاً». وأثار الإعلان الأمريكي بشأن جدوى بلازما النقاهة، التي تؤخذ من متعاف لتعطى لمصاب، لمنع تدهور حاله الصحية، انقساماً كبيراً وسط علماء العالم. ففي حين اعتبرها بعضهم تشجيعاً لمساعي إيجاد دواء ناجع يوقف الجائحة؛ عدّها آخرون احتفاء بعلاج لم تثبت جدواه فعلياً، وقد لا يثبت أية نجاعة في دحر كوفيد-19. وأدى الإعلان الأمريكي إلى تراجع أسعار أسهم الشركات الدوائية التي تعكف على تطوير لقاحات واعدة، بعدما تعلقت أنظار المتعاملين بالبلازما التي يمكن أن تفعل فعل السحر لحل هذه الأزمة غير المسبوقة. وانخفضت أسهم شركتي نوفافاكس وإنوفيو (الإثنين) بأكثر من 15%. وهما من بين نحو 30 شركة بدأت تجارب سريرية على لقاحات توصل إليها علماؤها. وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 130 شركة أدوية حول العالم تجري تجارب على الحيوانات المخبرية، تمهيداً لإنتاج اللقاح المنشود. وخلص علماء بارزون إلى أن إعلان هيئة الغذاء والدواء في شأن بلازما النقاهة يؤكد «تسييس» ماراثون ابتكار مصل أو علاج شاف من كوفيد-19، خصوصاً أن الإعلان صدر قبل أقل من شهرين من إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية. وقالت مجموعة «المواطن العام» التي تعنى بحماية المستهلك إن من شأن مثل هذه الإعلانات أن تلحق ضرراً جسيماً بمصداقية هيئة الغذاء والدواء، التي يفترض أن الحقائق العلمية هي وحدها أساس العمل الذي تقوم به. وذكر المحلل المتخصص في التكنولوجيا البيولوجية يارون ويربر أن من أخطر مشكلات بلازما النقاهة أنها لا توجد منها إمدادات كافية. وزاد أن استخدامها لن يقلل الطلب على اللقاح، في حال ظهوره. وفي الهند، أعلن علماء معهد التكنولوجيا الهندي أنهم قرروا الانسحاب من المشاركة في تطوير لقاح لكوفيد-19، قائلين إنه ليس آمناً إجراء أبحاث بهذا الإيقاع السريع، ومن دون بيانات وافية. وقال العالم الهندي البارز دالجيت سينغ إن 2% فقط من مرضى كوفيد-19 يحتاجون لرعاية حرجة، بينما مطلوب من اللقاح حماية جميع السكان ليكون ناجعاً. وزاد: مطاردة 2% من السكان بدواء مضمون بنسبة 98% فيه احتمالات نجاح أكبر من مطاردة 98% من السكان بلقاح لا تتجاوز مأمونيته وفعاليته 2%. غير أن ذلك لن يوقف عجلة الجهود المتسارعة لإنتاج لقاح خاص بالهند، إلى جانب اتفاقاتها مع دول أخرى للإفادة من لقاحات واعدة توصل اليها علماء تلك الدول. وفي ضربة جديدة لمساعي ابتكار لقاح ناجع لكوفيد-19، حذر علماء لقاحات من أنه في حال ظهور اللقاح، فقد لا يوفر حماية تذكر لبدناء الولايات المتحدة، وعامة سكانها. وكانت الأبحاث السابقة أكدت عدم نجاعة لقاحي الإنفلونزا والتهاب الكبد الوبائي (ب) لدى البدناء البالغين، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض، واحتمال تردي حالاتهم المرضية، وصولاً إلى الوفاة. ويرى هؤلاء العلماء أن ذلك يعزى إلى أن ثمة خللاً في أجسامهم يعتري خلايا T التي يوكل إليها الرد على أي تطعيم يتعرض له الجسم. وحتى لو كان اللقاح ناجعاً، فقد لا يقوم بدور فاعل في حماية البدين. وطبقاً لأرقام المركز الأمريكي للحد من الأمراض، فإن 42.2% من الشعب الأمريكي يعانون البدانة، كذلك 18.5% من أطفال الولايات المتحدة.