نظمت الجمعية السعودية للطب الباطني (SSIM) بجامعة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع إحدى الشركات، أخيراً، القمة السعودية الأولى لمكافحة السرطان بعنوان «إعادة التعريف.. رعاية سرطان النساء»، وذلك عبر الإنترنت، وبمشاركة 441 خبيراً في علاج الأورام السرطانية من داخل وخارج المملكة. وناقشت القمة دور الفريق متعدد التخصصات (MDT) في إدارة الرعاية الصحية للأورام النسائية المختلفة، والتعريف بأحدث التطورات في علاج (سرطان المبيض) و(سرطان الثدي) في المملكة العربية السعودية.
وتضمن المؤتمر 3 جلسات رئيسية، شملت الجلسة العامة التي تطرقت إلى الموضوعات المتعلقة بسرطان المبيض وسرطان الثدي، إضافة إلى جلستين منفصلتين لكل نوع. وهدف المؤتمر إلى تحقيق أهداف إستراتيجية رئيسية تتمثل في دور الفريق متعدد التخصصات في التعامل مع السرطانات النسائية (المبيض والثدي)، وتعزيز المبادرات المشتركة بين مختلف المؤسسات ذات العلاقة وإثراء دعوة الخبراء الرئيسيين لدينا في المملكة العربية السعودية، والتعرف على آخر المستجدات في علاجات السرطانات النسائية (المبيض والثدي) وأثرها على هذه الممارسة في السعودية، إضافة إلى استعراض الحالات الحرجة والمعقدة وتبادل الخبرات.
ويستهدف المؤتمر أعضاء الفريق متعدد التخصصات الذين يعالجون سرطانات النساء وسرطان الثدي (طب الأورام، طب الأورام النسائية، الجراحة، علاج الأورام بالإشعاع وعلم أمراض الدم والباثولوجي). وسلّط الخبراء والاستشاريون من داخل وخارج المملكة الضوء على أحدث التطورات في إدارة وعلاج سرطان المبيض والثدي، إذ أثبتت التجارب السريرية فعالية أدوية مثبطات إنزيمات (PARP) التي تسهم في إضعاف الخلايا السرطانية، وتستخدم علاجاً مبكراً لسرطان المبيض، إذ تقلل هذه الفئة من الأدوية من فرص عودة المرض مرة أخرى، كما تستخدم لعلاج النساء اللواتي عاد إليهن سرطان المبيض. فقد أشار الأطباء إلى أن مثبطات إنزيمات (PARP) تعتبر من العلاجات الثورية التي تم تطويرها لتمديد حياة النساء اللواتي يعانين من هذا المرض.
وأكد رئيس المؤتمر استشاري الأورام الأستاذ المساعد في الطب الباطني والأورام بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور شادي الخياط، أن الأورام السرطانية تعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات وتمثل هاجساً لكثير من الناس، لافتاً إلى أن فئة السيدات تُعد من أكثر الفئات المعرضة للإصابة بالأورام مثل أورام الثدي وأورام المبيض. وأوضح الدكتور الخياط أن الهدف من تنظيم هذا المؤتمر هو مناقشة المستجدات لعلاج هذه الأورام وبحث التوصيات الوطنية للطرق العلاجية لها، مشدداً على أن علاج هذه الأورام من الأمور التي تتطور دوماً، وقدم الخياط الشكر للجمعية السعودية للطب الباطني بجامعة الملك عبدالعزيز لرعايتها لهذا المؤتمر.
من جانبه، لفت رئيس الجمعية السعودية للأورام استشاري طب الأورام بمركز الأميرة نورة للسرطان - مستشفى الحرس الوطني بجدة، أستاذ مساعد بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بجدة الدكتور متعب الفهيدي أنه شارك في المؤتمر نخبة من الخبراء في علاج الأورام من داخل وخارج المملكة لإلقاء الضوء على هذه المستجدات وتبادل الخبرات بين المراكز المختلفة، مبيناً أن هذا المؤتمر هو المؤتمر السعودي الأول للأورام النسائية، مؤكداً حرص الجمعية على أن يكون تنظيم هذا المؤتمر سنوياً لإلقاء الضوء على المستجدات والتطورات العلاجية مما يعود بالنفع على المرضى والمجتمع.
وفي السياق نفسه، ونوه المدير الطبي لدول مجلس التعاون الخليجي، بشركة أسترازينيكا الدكتور أحمد سليمان بأهمية ربط حلقة التواصل العلمي ومشاركة أحدث الأبحاث العلمية المتعلقة بسرطان المبيض والثدي بين باحثي ومطوري الأدوية الحديثة من جهة، والأطباء القائمين على العملية العلاجية من ناحية أخرى، ما يعود بالنفع المباشر والاستفادة الكاملة من العلاجات الطبية الحديثة على مريضة سرطان الثدي والمبيض.
وأظهرت الدراسات العالمية الحديثة وجود اختبارات جينية للدم والأنسجة تم اعتمادها من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) يمكن أن تساعد الأطباء على تحقيق أفضل النتائج المرجوة لسرطان المبيض والثدي، إضافة إلى أنواع أخرى من السرطان. وعلى المستوى المحلي أوضح تقرير المجلس الصحي السعودي بالتعاون مع المركز الوطني للمعلومات الصحية (السجل الوطني للأورام) الصادر عام 2015 أن سرطان المبيض يأتي في المرتبة السابعة بين الأورام لدى السعوديات بواقع تسجيل 220 حالة ونسبة 3.2٪ من إجمالي حالات السرطان التي تم تشخيصها بين السعوديات في عام 2015. وبلغت معدلات الإصابة في المعدل العمري الموحد (5.9/100.000) للسيدات السعوديات.
وجاءت منطقة الرياض في المرتبة الأولى بأعلى معدل وهو (9.7 / 100.000)، تلتها منطقة مكة المكرمة في المرتبة الثانية بمعدل (7.1 / 100.000)، وقد كان متوسط العمر عند التشخيص 61 عاماً (تراوحت بين 22 و99 عاماً).
ووفقا للإحصائيات كانت هناك زيادة كبيرة في معدلات الإصابة الأولية (CIRs) ومعدلات الإصابة المعيارية للعمر (ASIRs) لسرطان المبيض في المملكة العربية السعودية على مدى العقد الماضي، إذ سجلت مناطق الرياض والجوف وعسير أعلى المعدلات إجمالاً (ASIRs)، بينما سجلت جازان وحائل أدنى المعدلات، وسجلت مناطق مكة المكرمة والرياض والمنطقة الشرقية أعلى نسبة إصابة بعدد حالات سرطان المبيض.
أما سرطان الثدي فهو ورم خبيث شائع ويحتل المرتبة الأولى بين الإناث السعوديات بنسبة انتشار تصل إلى 21.8٪. وقد أكد أحدث مسح للوفيات المرتبطة بالسرطان بين النساء السعوديات أن سرطان الثدي هو تاسع سبب رئيسي للوفاة. وقد بلغ المعدل العمري المعياري (ASR 24.3 / 100.000) للإناث السعوديات، وحلت المنطقة الشرقية بالمرتبة الأولى بمعدل (37.1 / 100.000 ) نسمة، تلتها منطقة الرياض بـ (33.0 / 100.000) نسمة، وكان متوسط العمر عند التشخيص 50 عاماً (تراوحت بين 14 و108 عاماً).
وتتوقع تقارير رسمية ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الثدي في المملكة خلال العقود القليلة القادمة مع نمو السكان وتقدّمهم في العمر. ووفقًا لسجل السرطان السعودي في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، يتم تشخيص نحو 930 حالة جديدة من سرطان الثدي كل عام في المملكة. وقد شكل سرطان الثدي نسبة 27.4% من إجمالي حالات السرطان التي تم تشخيصها عام 2010 والبالغ عددها 5.378 حالة.
وعلى المستوى العالمي يعتبر سرطان المبيض هو ثامن أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين الإناث، إذ يصيب أكثر من 295000 امرأة سنوياً، كما يعتبر سرطان المبيض أحد الأسباب الرئيسية لوفيات السرطان بين النساء، وقد بلغ معدل الإصابة بسرطان المبيض حسب العمر في جميع أنحاء العالم في عام 2018 6.6 لكل 100000 مريضة. لكن وفقاً لأحد الأبحاث الصادرة عام 2019 من المعهد الوطني لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة، يمكن استخدام تحاليل الدم للمساعدة في اكتشاف سرطان المبيض في مراحله المبكرة لدى النساء اللواتي يعانين من بعض الأعراض.
ويُعد سرطان المبيض من أخطر أنواع السرطانات التي تصيب الإناث، إذ يتم تشخيص معظم النساء بعد انتشار السرطان بالفعل، ما يجعل علاجه أكثر صعوبة. وغالباً ما يكون هناك تأخير في تشخيص المرض، إذ لا يوجد اختبار للكشف المبكر، وكثيراً ما يتم الخلط بين الأعراض وأمراض أخرى أقل خطورة. ويتم التغاضي عن سرطان المبيض ونقص التمويل - ومع ذلك فإن كل امرأة معرضة للخطر.
أما سرطان الثدي فهو أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء في جميع أنحاء العالم، ففي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تتعرض النساء لخطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 1 من كل 8 سنوات، فيما يبلغ معدل الإصابة بسرطان الثدي على مستوى العالم نحو 1.7 مليون حالة. تمثل 25.2٪ من حالات السرطانات النسائية، ويتم تسجيل أعلى الإصابات في البلدان المتقدمة وتزداد ارتفاعاً في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية.