-A +A
ياسرعبد الفتاح (جدة) okaz_online
ضربت الحرب الآذرية الأرمنية أوهام «الرئيس والمرشد» بخلافة وزعامة العالم الإسلامي في مقتل.. وأضحى «خليفة المسلمين!» رجب طيب أروغان، لغما في يد شيعة أذربيجان ونصيرا لهم في حربهم ضد أرمينيا المحروسة بعطف وحنان حليفه مرشد الدولة الساسانية!

ثمة أسئلة حائرة حول موقف إيران الداعم لأرمينيا ضد أذربيجان الشيعية.. فكيف لجمهورية «أية الله» التي تتوهم زعامة العالم الإسلامي أن تنقض غزلها بيدها وتخفي سلاحها تحت ردائها لتشن حربا بلا هوادة على دولة مسلمة، وتهبط بمبدئية المذهب لترفع أسهم وأرباح المصلحة؟


يقول متابع عن تناقضات المصالح والمذاهب في عرف الملالي «إن البلاد العربية والإسلامية تتعرض لخديعة إيرانية كبرى مستترة تأسست، أصلا، على خداع الشيعة وتسخيرهم ليكونوا أداة يستخدمها النظام الإيراني لزعزعة استقرار البلاد الإسلامية بسنتها وشيعتها». بدا ذلك جليا في الحرب التي تشنها طهران على أذربيجان الشيعية.. فتأمل!

على ذات النسق؛ وجد «الخليفة» أردوغان، نفسه في مواجهة مع السنة بعد توغله بالمساندة والدعم لأذربيجان.. وفي مفارقة عجيبة ألقى المرشد خامئني والرئيس أردوغان نفسيهما في مواجهة حربية مستترة.. الأول مع أرمينيا والآخر مع أذربيجان، كل يخفي سلاحه في حقيبته فالمصائب جمعت المصابينا في سوريا وليبيا والعراق وفرقت بينهم في ناغورني كارباخ.

ومع اختلاف المشروعين في المذهب والفكرة، جمع شبق تقاسم النفوذ في العالم العربي بين الشتيتين بعد أن «ظنا ألا تلاقيا»، و ظهر ذلك في مساندة الدولتين للجماعات الإرهابية في سوريا واليمن وفلسطين، ولم تخف أنقرة غضبتها الأخيرة من العقوبات الأمريكية التي طالت حليفتها القديمة، عدوتها الجديدة طهران.

وشهدت العلاقات الثنائية بين الملالي والأردوغانيين تطورا كبيرا منذ الانقلاب العسكري في تركيا؛ فرغم الخلافات الحادة والمخفية بين الثنائي في الفكرة والحدود والتباري في التوسع، تمددت بينهما مساحات المودة المصطنعة.. فالمصلحة هنا فوق الفكرة والمذهب، وسبق أن استخدم أردوغان ونجاد في عام 2014 خطب العواطف والتهييج التي تروج للوحدة الإسلامية التي فضحتها حرب أذربيجان وأرمينيا فحمل كل طرف سلاحه في مواجهة الآخر خفية بعيدا عن الحدود.

صحيح أن البلدين متفقان على تجنب المواجهة المباشرة، ويختلفان في ملفات النفوذ في آسيا الوسطى وصولاً إلى العالم العربي. ويرى مراقبون، أن نشوب حرب تقليدية بين الحليفين أنقرة وطهران مستبعد حاليا، إذ إن أحلامهما التوسعية وتحالفهما مع جماعات الإرهاب والتطرف يعصم الاثنين من المضي في هذا الاتجاه، فضلا أن العالم كله ينظر إلى الدولتين كبؤرة للفتن والصراعات ما يحتم تكبيلهما والحد من مخططاتهما التوسعية.. ولن يجرؤ الغريمان في الدخول إلى مغامرة تفرض عليهما مزيدا من العزلة وتسبغ عليهما مزيدا من موجبات سوء السلوك..

ومع التوادد المعلن بين الحليفين، يخفي كل طرف سلاحه تحت الرداء وفي الحقيبة وكأن نزار صوّر المشهد:

كفانا هراء..

أين الحقيبة.. أين الرداء؟..

لقد دنت اللحظة الفاصلة

وعما قليلٍ سيطوي المساء

فصول علاقتنا الفاشلة!