افتتح الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن معمر فعاليات المنتدى الأوروبي للحوار بشأن السياسات المتعلقة باللاجئين والمهاجرين في نسخته الثانية، افتراضيًا، بالتعاون مع وزارة الخارجية الألمانية، ومكتب تمثيل المفوضية الأوروبية، بمشاركة أوروبية واسعة من القيادات وممثلي (65) مؤسسة دينية وإنسانية وقيمية ومدنية من (20) دولة أوروبية، وصانعي السياسات والباحثين الذين يساهمون مساهمة فعالة في تطوير مشاريع الاندماج الاجتماعي للاجئين والمهاجرين في أنحاء أوروبا، لمناقشة توجهات السياسات الأوروبية المتعلّقة باللاجئين والهجرة والتحديات التي يواجهها صانعو السياسات، والمؤسسات الشعبية الفاعلة، وتقديم أفضل سبل التعاون لمواجهتها وتقديم أنسب الحلول لمعالجتها.
وأعرب الأمين العام للمركز عن بالغ الحزن وعميق الأسى لسماع خبر تعرض فيينا، المدينة المستضيفة لمركز الحوار العالمي، لهجوم إرهابي الليلة الماضية، في الوقت الذي يقضي فيه الناس أمسيتهم الأخيرة من التواصل الاجتماعي قبل دخول هذه المدينة العظيمة إلى حظر التجول والإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19؛ معلنًا الأسى الشديد لمركز الحوار العالمي إثر سقوط ضحايا أبرياء وتقديمه خالص التعازي القلبية لأسر الضحايا وأحبائهم الذين تضرروا بفعل هذا العمل الشنيع، لافتًا إلى مشاعر الرعب إزاء هذا النوع من العنف الذي وجد طريقه إلى مدينة فيينا؛ مدينة السلام والثقافة والجمال، هذه المدينة التي كانت لقرون طويلة، وستظل، منارة للتحضر والانفتاح والمساواة، معلنًا وقوف المركز التام مع السلطات الوطنية والمدنية في فيينا والنمسا بأسرها؛ وتعهده بتقديم كامل الدعم لهم، مؤكدًا أن غاية الإرهابين، مرتكبي هذا الهجوم الجبان، هي إحداث الفوضى وتعطيل نمط حياتنا الطبيعي، وبالتالي؛ فإن أفضل طريقة للرد عليهم هي مواصلة حياتنا الطبيعية والعمل بجدية أكبر من أجل تحقيق الوحدة والمصالح والغايات النبيلة المشتركة، وممارسة حياتنا دون خوف.
ورحَّب بن معمر بالحضور، مقدمًا شكره إلى وزارة الخارجية الألمانية، ومكتب تمثيل المفوضية الأوروبية في ألمانيا، على دعمهما الكبير لتنظيم هذا الحدث واستضافته، مشيرًا إلى عقد المركز منتدى العام الماضي في العاصمة اليونانية أثينا حينما لم تكن هناك ضرورة لارتداء قناع واقٍ أو سماع عبارة «التباعد الاجتماعي أو المكاني»؛ لافتًا أن الواقع اليوم مختلف كل الاختلاف، بسبب جائحة كوفيد-19 التي أثبتت أن المجتمعات الإنسانية، اليومَ، أصبحت أكثرَ ضعفًا مما كنا نظن، وأن اقتصاداتنا وتقدمنا باتا أقل أمنًا مما كنا نتصور، كما أظهرت بشكل خاص حجم الكوارث المختلفة وانعكاساتها المتباينة على كل منا، بعدما تحمَّلت وطأتها الكبرى الفئات الأكثر حاجة وضعفًا في مجتمعاتنا، ومن بينها الأشخاص الذين يلتمسون اللجوء، وأولئك الذين نزحوا من بلدانهم قسرًا وعنوة، وعديمو الجنسية، والمهاجرون الذين تضاعفت أعدادهم في شتى أنحاء العالم لمستويات تاريخية وغير مسبوقة، آخذة في الازدياد، موضحًا أن تداعيات الجائحة وما يرتبط بها من حالة طوارئ تزيد من إجهاد اللاجئين وإرهاق المجتمعات المضيفة لهم، فضلاً عن العواقب الخطيرة الحالية وبعيدة المدى المترتبة على عدم توافر حلول عالمية شاملة وعادلة بشأنهم.
وتحدث ابن معمر عن تأثيرات الجائحة وأزماتها الاجتماعية والاقتصادية والحمائية، التي أسفرت عن فقدان نحو (5.5) مليون شخص في الاتحاد الأوروبي وظائفهم كنتيجة مباشرة لها، فيما يتعلق بتأثيراتها على اللاجئين والمهاجرين في أوروبا.
وأضاف: «غالبًا ما تكون فرص العمل لديهم الأدنى استقرارًا ورسميةً، ويتوقع أن يكون الأثر الأسوأ بالنسبة لهم، فضلاً عن أن بيئات الهجرة القسرية تكون مزدحمة وغير منظمة؛ ما يجعل من التباعد الاجتماعي أمرًا عسير التحقيق، إضافة إلى أن ارتفاع مستويات الفقر المرتبط بمجتمعات اللاجئين والمهاجرين يجعل تلقي خدمات الصحة العامة أمرًا بالغ الصعوبة؛ بالنظر إلى أن أكثر من نصف اللاجئين والمشردين داخليًّا هم من الأطفال، إذ تزيد أزمة «كوفيد-19» من حدة التأثيرات عليهم، خصوصا مع تزايد مخاطر العنف وتعطل التعليم، مؤكدًا أنه مع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية حدثت زيادة ملحوظة في خطاب الكراهيَة تجاه اللاجئين والمهاجرين، الذي يرتبط في كثير من الأحيان بانتماءاتهم الدينية أو أوضاعهم بوصفهم أجانب وغرباء».