نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رعى أمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، اليوم المؤتمر العالمي الأول للموهبة والإبداع «تخيل المستقبل» في نسخته الأولى، والذي يقام تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، ضمن برنامج المؤتمرات الدولية المقام على هامش عام الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين، وتنظمه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، والأمانة السعودية لمجموعة العشرين، ووجه المقام السامي بإقامته كل عامين.
وفي تصريح صحفي، قال أمير منطقة الرياض: «شرفني خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز برعاية فعاليات المؤتمر العالمي الأول للموهبة والإبداع (تخيل المستقبل) نيابة عن مقامه الكريم».
وأضاف: «رعاية الملك سلمان لهذا المؤتمر وعقده بشكل دوري كل عامين تأتي تأكيداً لثقته بكل ما من شأنه تعزيز ريادة المملكة في إطلاق المبادرات النوعية ذات الأولوية التنموية التي تحقق قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، كما أن القيادة الرشيدة مكنت شباب الوطن وأتاحت له الفرصة للمشاركة في نهضة الوطن بأعماله ومبادراته لتحقيق رؤيتها التي عززت دور الشباب في تنمية الاقتصاد الوطني، حيث يمثلون ما نسبته 36.7% من إجمالي عدد السكان».
وتابع: «المملكة العربية السعودية تشهد في هذا العهد الميمون نهضة استثنائية شاملة لبناء الإنسان السعودي والاستثمار في قدراته وإمكاناته التي تواكب ما يزخر به وطننا الغالي من طاقات بشرية موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، ولا يعد هذا الاهتمام أمراً جديداً، فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو من قدم للوطن اقتراح فكرة تأسيس كيان يعنى برعاية الموهوبين إبان رئاسته لمجلس منطقة الرياض، والذي كان بفضل الله ثم بفضل مبادرة مقامه الكريم نواة لما أصبحت عليه «موهبة»، كما أن تكريم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - في هذا المؤتمر تأكيد على دوره في إطلاق هذه المؤسسة كمنهج عمل، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يحزاه عما قدم خير جزاء».
وذكر أمير الرياض أنه خلال فعاليات المؤتمر العالمي الأول للموهبة والإبداع «تخيل المستقبل»، سيشهد العالم نماذج سعودية من طلاب وطالبات موهبة الذين حققوا نجاحات عالمية بارزة على المنصات الدولية، مشيراً إلى أن موهبة نجحت ومنذ تأسيسها وعلى مدار أكثر من 20 عاماً وبدعم وتوجيه القيادة الرشيدة في تعزيز ثقافة الموهبة والإبداع وتوسيع نشاطها المحلي ونقلة للعالمية، حيث تم اختبار نحو (400) ألف طالب وطالبة للكشف عن الموهوبين وتقديم برامج نوعية لـ (161) ألف طالب وطالبة لتقييم قدراتهم وتعزيز الإبداع والابتكار والريادة.
وأكد أمير الرياض في تصريحه، أن عملية اكتشاف الموهوبين تشاركية وتكاملية تبدأ في البيت وتعزز في المدرسة ومؤسسات المجتمع، ومن هنا تأتي أهمية دعم القطاعات الحكومية والخاصة للموهوبين والاستثمار فيهم واستقطابهم كونهم قادة التغيير وقاطرة التقدم نحو المستقبل، والاهتمام بهم وتشجيعهم من خلال برامج ومبادرات وأنشطة مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، وفي ظل هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين الذي يتسم بالتكاملية والشمولية والنظرة المستقبلية التي تجمع كل مؤسسات الوطن في منظومة واحدة من أجل رفاهية الشعب السعودي والخير للإنسانية.
من جانبه، رحب الأمين العام لمؤسسة «موهبة» الدكتور سعود بن سعيد المتحمي، في بداية كلمته، بحضور أمير الرياض وافتتاجه المؤتمر نيابة عن المقام السامي، مؤكداً أن المؤتمر يعقد في ظل تحديات جمة يشهدها العالم وفي ظل ظروف استثنائية مع استمرار تفشي جائحة «كورونا».
وقال: «إن عالم اليوم يشهد تسارعاً في التغير الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، بشكل سيكون له آثار عميقة على حياة الإنسان في مختلف بقاع العالم، والجميع أدرك أن ازدهار الأمم يعتمد على تمكين العقول الموهوبة والمبدعة، التي تقود وترسم المستقبل، ومؤتمر اليوم يعزز قدرة الموهوبين والمبدعين على بناء العالم الافتراضي وتوظيفه بكفاءة وبشكل فعال، واستشراف مستقبل الواقع الافتراضي وأثره على التنمية البشرية، وتوسيع نطاق التعاون الدولي عبر شراكات فاعلة لتنمية رأس المال البشري من الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة والمبتكرة لمواجهة المستجدات والتحديات العالمية، وإطلاق منصة عالمية للتواصل الافتراضي تجمع المختصين والمهتمين والموهوبين والمبدعين والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم».
وأوضح الدكتور المتحمي أن مؤسسة «موهبة» انطلقت عام 1999 كمؤسسة غير ربحية واستمرت مسيرتها حتى باتت اليوم صاحبة النهج التعليمي الأكثر شمولاً في العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع، موضحاً أن الاستثمار في تعليم الموهوبين ليس رفاهية ولا عملاً نخبوياً، بل ضرورة تنموية للارتقاء بمعايير عالية الجودة في تعزيز قدراتهم، حتى يسهموا في مسيرة التنمية وبناء مجتمعاتهم ليصبحوا قادة المستقبل، خصوصاً في هذا الوقت العصيب مع استمرار أزمة كورونا في جميع أنحاء العالم.
وبين أن كل دول العالم تتجه نحو إعادة بناء المهارات، وأن الطلب سيكون كبيراً على المهارات المعرفية العليا في مجالات الإبداع والابتكار وريادة الأعمال، وسيكون الموهوبون والمبدعون وأصحاب القدرات الفائقة القادة في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة وسوق العمل القائم على الذكاء الاصطناعي، ولن يركزوا فقط على تنفيذ المهام المطلوبة، بل سينصب اهتمامهم على تطوير نماذج عمل تتسم بالكفاءة والفعالية.
وتضمن حفل الافتتاح عرض فيلم تناول مسيرة مؤسسة «موهبة» خلال عشرين عاماً في اكتشاف ورعاية الموهوبين، بوصفها نموذجاً للتجارب الرائدة على مستوى العالم من خلال موهبة.
ثم بدأت الجلسة الافتتاحية الرئيسية بعنوان «تخيل المستقبل.. تمكين القدرات الشابة الموهوبة والمبدعة لتشكيل آفاق مستقبلية جديدة»، بمشاركة وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، ووزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، والمدير التنفيذي لليونيسيف هنريتا فور، وتناولت كيفية بناء جيل مبدع وتمكين الموهوبين من المهارات المستقبلية والوظائف».
وأوضح وزير الطاقة، أنه برؤية المملكة 2030 تم تجاوز مرحلة التخيل إلى مرحلة التنفيذ، مضيفاً أنه من الأفضل تدريب الجيل الشاب ليكون في مقدمة المستقبل، وأنه لا يمكن إلا أن نكون على قدر من التواضع عند مقارنة أنفسنا بهم وبما يمتلكونه الآن من معارف.
وذكر وزير الطاقة أنه من المهم أن يكون الدور الأبرز هو تمكين الموهوبين، مشيراً إلى تدشين العديد من البرامج في الجامعات السعودية وفي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لتمكين الشباب الموهوب لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وأن التعليم سيكون مقاربة للتعليم المنفتح حيث يكون التفكير أكثر من الحفظ والتلقين، مع التطلع لمشاركة الطلبة في الأبحاث وإيجاد حلول لمشكلات الطاقة مثلاً التي تواجه العديد من التحديات، مؤكداً أن التصنيع هو الآخر أمر يشكل تحدياً يتطلب نوعاً من التكنولوجيا، وهذا لا يمكن فعله دون دعم ودون مواهب.
وبين الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، أنه لا يكفي وضع المناهج وإنما تدريب الطلاب والموهوبين على التفكير وأن يكونوا جزءاً من الحل، وأن يكون النساء جزءاً من عملية التدريب باعتبار المرأة نصف المجتمع، مشيراً إلى أن الفكرة الأساسية تتمحور حول الوعي بالقدرات السعودية والمساواة بين الذكور والإناث، وتمكين الأجيال القادمة لبناء الروبوتات واستخدام ذكائهم والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، والتركيز على التفكير والأتمتة وغيرها.
وفي مداخلته، أكد وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، أنه من المهم استمرار التعليم بغض النظر عن أزمة كورونا أو غيرها، وأن المملكة نجحت في ذلك حيث كانت أبواب المدارس مغلقة أمام الطلاب والمدرسين وتم استبدال ذلك بقنوات تعليمية والتعليم عن بعد واستخدام البنية التحتية من خلال منظومة التعلم الموحدة والمنصات، وتم تسجيل 97% من الطلبة في منصة مدرستي.
وأشار وزير التعليم إلى أنه جرت الاستفادة بأقصى ما يمكن من جائحة كورونا للاستمرار قدماً، والوصول بالتعليم إلى من لديهم مشكلات في وصول الإنترنت من خلال التعليم عبر القنوات التعليمية والأقمار الصناعية، ومنصة افتراضية للتعليم المبكر، مؤكداً أن منظومة التعليم السعودي أصبحت منظومة متفردة من نوعها، وأن التعليم عن بعد سيستمر لبعض الفئات وفي بعض المناطق البعيدة.
من جهتها، أوضحت المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف هنريتا فور، أن التجربة السعودية في التعليم عن بعد ستفيد دول العالم، لافتة إلى أنه يجب تشجيع الطلاب على التعليم عن بعد خاصة في المناطق الريفية البعيدة، وأن العالم يحتاج إلى مهارات رقمية، مطالبة بضرورة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في هذا المجال.
وتابع الحضور على منصة المؤتمر نماذج سعودية عالمية ناجحة من طلبتها الموهوبين، وبعدها دشن أمير منطقة الرياض خلال المؤتمر عدداً من المبادرات من بينها عضوية موهبة، وطابع موهبة البريدي بمناسبة مرور عشرين عاماً على تأسيسها، وكرم أمير الرياض، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله – نظير جهوده في تأسيس مؤسسة موهبة ودعمه لموهوبي الوطن، كما جرى تكريم شركاء المعرفة الإستراتيجيين لموهبة في المؤتمر شركتي أرامكو وسابك، وتكريم مؤسسة البريد السعودي.
وخلال الحفل، أعلن الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك عبدالله الإنسانية، عن جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يرحمه الله - للموهوبين بقيمة مليون ريال سنوياً.
ويشارك في المؤتمر 17 متحدثاً من الخبراء والمهتمين بالموهبة من الداخل والخارج، وسيتناول محاور عدة، من أبرزها رعاية الموهوبين في المملكة نموذج للتجارب الرائدة على مستوى العالم، وموهبة مسيرة عشرين عاماً، وتأسيس العالم الافتراضي من خلال الاستثمار في الموهوبين والمبدعين، ومستقبل العلوم والتقنية ورعاية الموهوبين والمبدعين في ظل الواقع الافتراضي، والعالم الافتراضي في مواجهة الأزمات والتحديات العالمية، وأبرز الممارسات العالمية في تنمية الطاقات الشابة للموهوبين والمبدعين والمبتكرين، والاستثمار في رعاية الموهوبين والمبدعين والمبتكرين وتأثيراته على المجتمعات، والتبادل المعرفي الافتراضي بين الموهوبين والمبدعين والمبتكرين والمختصين والمهتمين بهم من كل أنحاء العالم.