الواضح جداً هو أن العلاقات الاقتصادية بين الدول تكون غالباً مبنية على المصالح المشتركة والمنفعة العامة، وهذا ما يجعلها موصوفة بالتكافؤ في سبيل تحقيق مصلحة الشعوب التي فوضت للحكومات الدفاع عن حقوقها الاقتصادية في عالم تعمه لهجة البراغماتية التي لا ترحم كل المبادئ الواقفة كسد أمامها، هذا بالضبط ما يغيب في أي تقييم منطقي للعلاقات الاقتصادية بين قطر وتركيا، فميزان التكافؤ يتحطم أمام صفقات الاستثمار القطرية في تركيا لمجموعة من القطاعات التركية، وذلك بتوظيف المال في مصالح اتخذت طابعاً خاصاً بعيداً عن المصلحة العامة لشعبي البلدين، لتقف بين كونها «حلباً تركياً لقطر»، وبيعاً أردوغانياً لمقدرات الشعب في تركيا.
التوسع الكبير
ذكر تقرير أعدته الصحيفة اللندنية «ميدل إيست أي» أن الاتفاقيات الاقتصادية بين قطر وتركيا منحت قطر حق الاستثمار في تركيا بتوسع كبير، إذ تعدى حجم رأس المال القطري الذي تم استثماره داخل تركيا الـ22 مليار دولار، وتعهد قطر بـ18 ملياراً منها خلال زيارة أنقرة في 15 أغسطس 2018 لإنقاذ الليرة.
ومن تلك الاتفاقيات اتفاقية تمنح قطر حق الاستثمار في مشروع «خليج القرن الذهبي» في إسطنبول، حيث ستبني قطر مرسيين فاخرين وفندقين ومسجداً ومركز تسوق.
ولم تكن صحيفة «ميدل إيست أي» وحدها التي كتبت عن تلك الاتفاقيات الكبيرة والغريبة بين البلدين بل جاء تقرير في صحيفة «Cyprus Mail» عن توقيع اتفاقية توسيع الاستثمار القطري في ميناء أنطاليا التركي، التي تنص على شراء أسهم شركة ميناء أنطاليا الشرق الأوسط، بحيث يكون للدوحة حق الانتفاع في استخدام الميناء وأنشطته كافة، وكذلك الاستثمار في الأراضي التابعة لها بقيمة 140 مليون دولار، واتفاقية لتأسيس لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة بين البلدين، واتفاقية أخرى للترويج المشترك للأنشطة التجارية بين تركيا وقطر، واتفاقية أخرى لتعزيز التعاون في معالجة أزمات المياه، تستحوذ بموجبها قطر على الأراضي المحيطة بمشروع قناة إسطنبول التي تعاني جفافاً غير مسبوق. ومذكرة تفاهم لتعزيز مجالات التعاون المالي بين وزارتي المالية التركية والقطرية. الطابع الاقتصادي غطى معظم الاتفاقيات، ما عدا فقط مذكرتي تعاون في ملف الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية.
الاستثمارات القطرية التركية
تمكّنت مجموعة قنوات «Bein» القطرية من شراء قنوات «Digi Turk»، فيما استحوذت الدوحة على ملكية مصنع الدبابات التركي في مدينة صكاريا بقطر، واستولت على حصة إحدى الشركات القابضة الموالية لأردوغان في مركز تسوق في إسطنبول.
وفي الجانب السياحي، بلغ عدد السائحين القطريين في تركيا نحو 110 آلاف سائح في عام 2019، وهذا المعدل ارتفع بمقدار 30 ألف سائح في عام 2016.
وبالمثل سيطرت الشركات التركية على الاستثمارات في قطر بنحو 553 شركة خاصة في مشاريع البنية التحتية التي بلغت أكثر من 18 مليار دولار في الفترة بين 2002 و2019.
في المقابل، توجد فقط 179 شركة قطرية تستثمر في تركيا. كما تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين 6 مرات من عام 2010 إلى 2019، إذ ارتفع من 340 مليون دولار إلى نحو 2.24 مليار دولار، وتضاعفت صادراتها إلى الدوحة 3 مرات خلال السنوات الخمس الماضية.
غضب تركي
امتعض زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو من اتفاقيات «البيع» التي شهدتها الزيارات القطرية الأخيرة لتركيا بقوله: «لا ينبغي أن يتفاجأ أحد إذا قال أردوغان إنه باع نصف القصر الرئاسي»، مشيراً إلى عدم تردد أردوغان في عرض إمكانيات الشعب التركي في المزاد لمن يدفع أكثر، وقال: «قطر دائما تفوز بالحصة الأكبر من تلك المبيعات».
قصور تاريخية
لا يقف التوسع القطري في تركيا على حدود الصفقات بين الدولتين بل جاوز ذلك إلى شراء شخصية قطرية بارزة أحد أهم القصور التاريخية التركية قصر الأمير «برهان الدين أفندي»، وقدمه لإحدى زوجاته، مقابل 100 مليون يورو.
إضافة إلى ذلك، توسعت عدة شخصيات قطرية في مساحات كبيرة من الأراضي التركية، منها إنشاء مجمع قصور على مساحة 10 آلاف متر مربع في ولاية يالوفا غربي تركيا، وأعلنت شركة «كوتش» التركية إنجاز 75٪ من العمل المكلفة به.
ونشرت صحيفة thepeninsulaqatar القطرية أن إحدى الشخصيات النسائية البارزة في قطر أسست شركة مساهمة باسم «تريبل إم» للعقارات السياحية، على أرض قرية «باقلالي» التابعة لبلدة أرنافوتكوي للزراعة برأسمال 100 ألف ليرة.
بموجب هذه الاتفاقية، تسيطر السيدة القطرية على 45.45٪ من أسهم الشركة، فيما تمتلك شخصية نسائية أخرى أقل مستوى عن الأولى نحو 31.82٪ من أسهمها، وتمتلك أخرى 22.73٪ من أسهمها.
ثورة المعارضة التركية
أثارت هذه التنازلات الأخيرة موجة من السخط بين صفوف المعارضة التركية، التي كررت مطالبها المستمرة بإزاحة أردوغان من السلطة والعودة إلى النظام البرلماني. وهذه المطالبة جاءت بعد استغلال أردوغان الصلاحيات الواسعة التي منحها له النظام الرئاسي للتلاعب بمقدرات الشعب التركي وتوزيعها كهدايا من أجل تحقيق مكاسب مؤقتة. وفي هذا الصدد، قال كليتشدار أوغلو خلال مقابلة مع أحد البرامج الحوارية على قناة «فوكس تي في» المحلية إن نظام أردوغان باع المصانع والأراضي والبنوك وشركات التأمين والقصور ومصنع الخزانات في سكاريا مجاناً، واستنكر ذلك قائلاً: «ملك مَن تلك الممتلكات التي تتصرفون فيها؟ إنها ملك 83 مليون تركي».
وتعليقاً على بيع 10٪ من بورصة إسطنبول، أضاف: «لماذا تبيع 10٪ من بورصة إسطنبول؟ ما هذا الحب لقطر؟ بجرة قلم حذفوا ديون قطر البالغة 90 مليون دولار. وبدلاً من بيع البورصة، كانت قطر ستشتري أوراقاً مالية عليها! أملاك مَن التي تبيعونها؟».
أما المتحدث باسم الحزب فائق أوزتراك، فقد علّق على تويتر قائلاً: «باعوا مصنع الصهريج في ولاية صقاريا لقطر، ووزعوا أراضي قناة إسطنبول، لكن ذلك لم يكن كافياً، وقاموا بدفع 300 مليون ليرة تركية لصالح قطر، ولم تكن كافية أيضاً، الآن يعطونهم 10% من بورصة إسطنبول! لتعطوا تركيا ملكاً لقطر».
الخطة التركية للسيطرة على الاقتصاد القطري
في إطار الخطة التركية لإحكام قبضة أردوغان على الاقتصاد القطري، تداولت مواقع إخبارية أخيراً أنباء تفيد بأن أردوغان يسعى لتعيين صهره وزير مالية تركيا السابق بيرات البيرق مستشاراً لقطر، وذلك بدءاً من عام 2021، مقابل 200 ألف دولار شهرياً. الوزير التركي السابق المستقيل من منصبه أخيراً بسبب فشله في إنقاذ الاقتصاد التركي من ركوده، والكارثة أنه سيتحول إلى مستشار اقتصادي لقطر للسيطرة على ملف العلاقات الاقتصادية الخارجية، وضمان استمرار التمويل القطري للعمليات الخارجية التركية، وجعل الخزانة القطرية تحت تصرفه وتحت قبضته.
التوسع الكبير
ذكر تقرير أعدته الصحيفة اللندنية «ميدل إيست أي» أن الاتفاقيات الاقتصادية بين قطر وتركيا منحت قطر حق الاستثمار في تركيا بتوسع كبير، إذ تعدى حجم رأس المال القطري الذي تم استثماره داخل تركيا الـ22 مليار دولار، وتعهد قطر بـ18 ملياراً منها خلال زيارة أنقرة في 15 أغسطس 2018 لإنقاذ الليرة.
ومن تلك الاتفاقيات اتفاقية تمنح قطر حق الاستثمار في مشروع «خليج القرن الذهبي» في إسطنبول، حيث ستبني قطر مرسيين فاخرين وفندقين ومسجداً ومركز تسوق.
ولم تكن صحيفة «ميدل إيست أي» وحدها التي كتبت عن تلك الاتفاقيات الكبيرة والغريبة بين البلدين بل جاء تقرير في صحيفة «Cyprus Mail» عن توقيع اتفاقية توسيع الاستثمار القطري في ميناء أنطاليا التركي، التي تنص على شراء أسهم شركة ميناء أنطاليا الشرق الأوسط، بحيث يكون للدوحة حق الانتفاع في استخدام الميناء وأنشطته كافة، وكذلك الاستثمار في الأراضي التابعة لها بقيمة 140 مليون دولار، واتفاقية لتأسيس لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة بين البلدين، واتفاقية أخرى للترويج المشترك للأنشطة التجارية بين تركيا وقطر، واتفاقية أخرى لتعزيز التعاون في معالجة أزمات المياه، تستحوذ بموجبها قطر على الأراضي المحيطة بمشروع قناة إسطنبول التي تعاني جفافاً غير مسبوق. ومذكرة تفاهم لتعزيز مجالات التعاون المالي بين وزارتي المالية التركية والقطرية. الطابع الاقتصادي غطى معظم الاتفاقيات، ما عدا فقط مذكرتي تعاون في ملف الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية.
الاستثمارات القطرية التركية
تمكّنت مجموعة قنوات «Bein» القطرية من شراء قنوات «Digi Turk»، فيما استحوذت الدوحة على ملكية مصنع الدبابات التركي في مدينة صكاريا بقطر، واستولت على حصة إحدى الشركات القابضة الموالية لأردوغان في مركز تسوق في إسطنبول.
وفي الجانب السياحي، بلغ عدد السائحين القطريين في تركيا نحو 110 آلاف سائح في عام 2019، وهذا المعدل ارتفع بمقدار 30 ألف سائح في عام 2016.
وبالمثل سيطرت الشركات التركية على الاستثمارات في قطر بنحو 553 شركة خاصة في مشاريع البنية التحتية التي بلغت أكثر من 18 مليار دولار في الفترة بين 2002 و2019.
في المقابل، توجد فقط 179 شركة قطرية تستثمر في تركيا. كما تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين 6 مرات من عام 2010 إلى 2019، إذ ارتفع من 340 مليون دولار إلى نحو 2.24 مليار دولار، وتضاعفت صادراتها إلى الدوحة 3 مرات خلال السنوات الخمس الماضية.
غضب تركي
امتعض زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو من اتفاقيات «البيع» التي شهدتها الزيارات القطرية الأخيرة لتركيا بقوله: «لا ينبغي أن يتفاجأ أحد إذا قال أردوغان إنه باع نصف القصر الرئاسي»، مشيراً إلى عدم تردد أردوغان في عرض إمكانيات الشعب التركي في المزاد لمن يدفع أكثر، وقال: «قطر دائما تفوز بالحصة الأكبر من تلك المبيعات».
قصور تاريخية
لا يقف التوسع القطري في تركيا على حدود الصفقات بين الدولتين بل جاوز ذلك إلى شراء شخصية قطرية بارزة أحد أهم القصور التاريخية التركية قصر الأمير «برهان الدين أفندي»، وقدمه لإحدى زوجاته، مقابل 100 مليون يورو.
إضافة إلى ذلك، توسعت عدة شخصيات قطرية في مساحات كبيرة من الأراضي التركية، منها إنشاء مجمع قصور على مساحة 10 آلاف متر مربع في ولاية يالوفا غربي تركيا، وأعلنت شركة «كوتش» التركية إنجاز 75٪ من العمل المكلفة به.
ونشرت صحيفة thepeninsulaqatar القطرية أن إحدى الشخصيات النسائية البارزة في قطر أسست شركة مساهمة باسم «تريبل إم» للعقارات السياحية، على أرض قرية «باقلالي» التابعة لبلدة أرنافوتكوي للزراعة برأسمال 100 ألف ليرة.
بموجب هذه الاتفاقية، تسيطر السيدة القطرية على 45.45٪ من أسهم الشركة، فيما تمتلك شخصية نسائية أخرى أقل مستوى عن الأولى نحو 31.82٪ من أسهمها، وتمتلك أخرى 22.73٪ من أسهمها.
ثورة المعارضة التركية
أثارت هذه التنازلات الأخيرة موجة من السخط بين صفوف المعارضة التركية، التي كررت مطالبها المستمرة بإزاحة أردوغان من السلطة والعودة إلى النظام البرلماني. وهذه المطالبة جاءت بعد استغلال أردوغان الصلاحيات الواسعة التي منحها له النظام الرئاسي للتلاعب بمقدرات الشعب التركي وتوزيعها كهدايا من أجل تحقيق مكاسب مؤقتة. وفي هذا الصدد، قال كليتشدار أوغلو خلال مقابلة مع أحد البرامج الحوارية على قناة «فوكس تي في» المحلية إن نظام أردوغان باع المصانع والأراضي والبنوك وشركات التأمين والقصور ومصنع الخزانات في سكاريا مجاناً، واستنكر ذلك قائلاً: «ملك مَن تلك الممتلكات التي تتصرفون فيها؟ إنها ملك 83 مليون تركي».
وتعليقاً على بيع 10٪ من بورصة إسطنبول، أضاف: «لماذا تبيع 10٪ من بورصة إسطنبول؟ ما هذا الحب لقطر؟ بجرة قلم حذفوا ديون قطر البالغة 90 مليون دولار. وبدلاً من بيع البورصة، كانت قطر ستشتري أوراقاً مالية عليها! أملاك مَن التي تبيعونها؟».
أما المتحدث باسم الحزب فائق أوزتراك، فقد علّق على تويتر قائلاً: «باعوا مصنع الصهريج في ولاية صقاريا لقطر، ووزعوا أراضي قناة إسطنبول، لكن ذلك لم يكن كافياً، وقاموا بدفع 300 مليون ليرة تركية لصالح قطر، ولم تكن كافية أيضاً، الآن يعطونهم 10% من بورصة إسطنبول! لتعطوا تركيا ملكاً لقطر».
الخطة التركية للسيطرة على الاقتصاد القطري
في إطار الخطة التركية لإحكام قبضة أردوغان على الاقتصاد القطري، تداولت مواقع إخبارية أخيراً أنباء تفيد بأن أردوغان يسعى لتعيين صهره وزير مالية تركيا السابق بيرات البيرق مستشاراً لقطر، وذلك بدءاً من عام 2021، مقابل 200 ألف دولار شهرياً. الوزير التركي السابق المستقيل من منصبه أخيراً بسبب فشله في إنقاذ الاقتصاد التركي من ركوده، والكارثة أنه سيتحول إلى مستشار اقتصادي لقطر للسيطرة على ملف العلاقات الاقتصادية الخارجية، وضمان استمرار التمويل القطري للعمليات الخارجية التركية، وجعل الخزانة القطرية تحت تصرفه وتحت قبضته.