تعمل حكومة المملكة العربية السعودية، ممثلة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، على محاربة آفة العنف الأسري عبر البرامج المختلفة بهدف الوصول إلى مجتمع متكامل قوي في مختلف جوانبه، مخصصة مركز البلاغات الأسرية وعبر الرقم 1919 والذي يعمل على استقبال البلاغات بسرية تامة.
ويعد وعي المجتمع وتثقيف الأسرة وسن القوانين والأنظمة وإطلاق الحملات التوعوية، مجموعة من الأساليب والأدوات والممارسات الوقائية للحد من قضايا العنف الأسري وما تنتجه من معطيات سلبية تقوّض نمو المجتمع وازدهاره الاقتصادي.
وفي هذا السياق، يقول المستشار الأسري رجب العسيري، إن الثقافة الأسرية تلعب دوراً مهماً في التصدي للدوافع الاجتماعية التي تعد أحد مسببات العنف الأسري، مضيفا: تُعرّف الدوافع الاجتماعية، بأنها تشكل مجموعة العادات والتقاليد التي يقوم بها أفراد المجتمع، مثل العادات والتقاليد التي يرثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وتكون أحياناً مرتكزة على الفهم الخاطئ للدين، والتي تركز على قيادة الرجل أسرته بالقسوة والقوة، ومن هذه المعتقدات أن للرجل الحق في السيطرة على شريكة حياته، وأنه من الواجب إعطاء رب الأسرة قدراً عالياً من الهيبة، وإشعار الطرف الآخر بالتبعية، مضيفا: هذا كله منافٍ لتعاليم ديننا الحنيف الذي جعل مَن يقوم على أهل بيته بما يرضي الله -عزّ وجلّ- بأنه من خيرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح: «خيركم خيركم لأهله».
الثقافة والضغط الاجتماعي
وتابع: العسيري: نجد هنا أن الثقافة تلعب دوراً حاسماً في قضايا العنف الأسري، أي كلما كانت المجتمعات على درجة عالية من الثقافة والوعي، تضاءل دور هذه الدوافع الاجتماعية حتى إنها تنعدم في المجتمعات الراقية، وعلى العكس تماماً في المجتمعات ذات الثقافة المحدودة، إذ تختلف درجة تأثير هذه الدوافع باختلاف درجة ثقافة المجتمع، وهنا لابد من إيضاح نقطة في غاية الأهمية وهي أن بعض الأفراد في المجتمع قد لا يكونون مؤمنين بهذه العادات والتقاليد، لكنهم ينساقون وراءها نتيجة الضغط الاجتماعي الذي يُمارَس عليهم من قِبل محيطهم.
أهمية المرأة
ويضيف: يكون هذا العنف في أوج خطورته عند غياب ثقافة المجتمع بأهمية المرأة، فالنساء اللواتي يتعرّضن للإيذاء لا يملكن الخيار، وخصوصاً عندما لا يحصلن على دعم أسرهن نتيجة عادات المجتمع ووصمة العار التي تلاحق المرأة المطلقة أو التي تترك دار زوجها، فهذا ما يدفع ممارس العنف الأسري إلى زيادة تسلطه، وهنا نقول إن للبيئة الاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها الإنسان دوراً بارزاً في تشكيل شخصيته.
واستطرد المستشار الأسري: العنف سلوك مشوب بالقسوة والقهر وبعيد عن التحضر والمدنية تحركه الدوافع العدوانية مما قد يلحق الضرر بالأشخاص وممتلكاتهم، وهذا تصرف غير مقبول في الدين الإسلامي الذي حفظ لكل فرد حقه الذي لا يحق لأحد التعدي عليه إلا بما هو موضح في شريعتنا السمحة.
وعن الحلول المقترحة في معالجته، بيّن العسيري أنه لا بد من وجود آلية لقياس درجة وعي المجتمع وثقافته يتم في ضوئها إعداد البرامج المختلفة التي تسهم في الحد من انتشار العنف الأسري، وكذلك تصورات المجتمع حول فعالية الوقاية من العنف الأسري سواء الواقع ضد المرأة أو الأطفال أو حتى الأبوين، وأيضاً من الجيد الاستعانة بمثل هذه الأفكار والحلول لهذه المشكلة من المجتمعات الأخرى، وأخذ ما يتوافق مع ثقافة مجتمعنا العربي المسلم، حيث أثبتت أغلبية الدراسات أن الوعي عند الشباب والثقافة المعرفية مطلوبة لحل مشكلة العنف، حيث يعد التعليم إستراتيجية وقائية تهدف إلى تحسين نوعية الحياة.