جاء إدراك المملكة لمدى أهمية الدور المجتمعي في التصدي لحالات العنف الأسري، متمثلاً في نظام الحماية من الإيذاء، الذي ركز على نشر التوعية بين أفراد المجتمع سواء فيما يتعلق بمفهوم الإيذاء أو الآثار المترتبة عليه، وصولاً إلى إيجاد آليات علمية وتطبيقية للتعامل مع الإيذاء، فعملت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وعبر مركز البلاغات الأسرية على استقبال البلاغات عبر الرقم 1919 ومعالجتها.
وتعتبر الشراكة المجتمعية إحدى وسائل التوعية والأدوات الفاعلة لمواجهة تفشي حالات العنف الأسري؛ كونها تقوم على حالة من التكامل في الأدوار التي تفضي في النتيجة إلى مكافحة هذه التصرفات المؤدية إلى إحداث خلل ينعكس تأثيره على مختلف النواحي العامة في المجتمع.
الإحباطات هي وقود الظاهرة
أكد الباحث الاجتماعي والأسري الدكتور عبد المحسن بن حضاض السلمي في حديثه عن دور المجتمع في الحماية من العنف الأسري: «العنف نمط سلوكي ينبع من حالة إحباط مصحوبة بعلامات من التوتر التي تحتوي على نية سيئة، تقوم بإلحاق الضرر سواء كان مادياَ أو معنويّاَ لشخص ما سواء زوجة أو أخت أو ابن أو والد».
وأضاف: «تختلف أشكاله من جسدي إلى لفظي ورمزي ودلالي، والتي تصاحبها مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذا العنف».
وأشار إلى أن هذه العوامل تتمثل في ضعف الوازع الديني وسوء التربية والنشأة ووجود خلل في العلاقة الزوجية والقصور في الفهم والاستيعاب للقيم والعادات في المجتمع.
الدور الحكومي
وقال «السلمي»: لا بد من الاتفاق على نقطة في غاية الأهمية أن حكومة المملكة العربية السعودية وعبر جميع قوانينها وتنظيماتها، وآخرها ما صدر في رؤية 2030؛ قد اهتمت بالحماية الأسرية في إطار الحرص على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للمواطنين، وتحسين جودة الحياة وتقليل المخاطر.
الأسرة خط الدفاع
وأضاف: تكمن أهمية الأسرة في كونها المجال الرحب والفسيح لجميع أنواع التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية؛ إذ لا تستطيع أي مؤسسة أخرى أن تقوم بواجبها نحو الطفل دون تنسيق مع هذه الأسرة؛ فالمدرسة لا يمكنها إيصال رسالتها بمفردها دون التعاون مع الأسرة.
تأثير وسائل التواصل
وأردف «السلمي»: يلعب المجتمع دوراً كبيراً في الوقاية من العنف الأسري والحد منه عند قيام كل فرد بدوره وإحساسه بالمسؤولية التي تلقى على عاتقه في هذا الجانب بهدف إيجاد مجتمع متوازن.
وتابع: إن وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة اليوم؛ لها دور كبير في الوقاية من العنف من خلال إبراز العديد من حالات العنف في مواقف مختلفة تدفع الجهات المعنية بالتحرك نحو إنقاذ الطرف المتضرر.
دور المؤسسات التربوية
وقال الباحث: المؤسسات التربوية والجمعيات الأسرية يناط بها دور كبير في هذا الجانب، من خلال الحملات التوعوية، والبرامج التدريبية المختلفة التي تعطى للأسرة وأفراد المجتمع؛ إذ تنبه من خطورة هذه الممارسات وانعكاساتها.
وأضاف: في إطار التصدي لهذه الأفعال لا بد من بناء الثقافة الصحيحة حول الأسرة، وحضور البرامج والدورات والاستشارات والقراءة، والحذر من الإعلام السيئ وما يبثه من سموم للأسرة لهدمها، وحضور برامج ما قبل الزواج للزوجين لبناء حياة أسرية مستقرة مبنية على المعرفة والإلمام الكامل بفن التعامل مع الأولاد والبنات، وخصوصاً مرحلة المراهقة، وتقديم الاستشارات لمن تعرضوا للعنف الأسري.
خطوط ساخنة
وأبان «السلمي»: تم اتخاذ العديد من الخطوات التي ساهمت في تخفيف آثار المشكلة ومعالجة تداعياتها بشكل سريع، ومن ذلك إنشاء إدارات الحماية من الإيذاء بالمناطق؛ لمتابعة القضايا الخاصة بالمتضررين والإجراءات التنفيذية التي اتخذت بحقهم، وإنشاء خطوط ساخنة للتبليغ عن حالات الإيذاء، وكذلك إنشاء مؤسسات مجتمع مدني يتلخص دورها في التوعية وإعادة التأهيل للضحايا، وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً وقانونياً.
وأشار «السلمي» إلى تخصيص أرقام مجانية سهلة الاتصال من خلالها لطلب المساعدة عند التعرض للعنف الأسري، إلى جانب وجود هيئة حقوق الإنسان.