كلمة خاصة لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في الفعالية الافتراضية للمنتدى الاقتصادي العالمي لأجندة دافوس يوم 25 يناير عام 2021.
الرئيس كلاوس شواب المحترم، السيدات والسادة والأصدقاء:
في العام المنصرم، تفشت الجائحة التي أتت فجأة في كل أصقاع العالم، مما شكل تهديدا خطيرا على الصحة العامة العالمية، وأوقع الاقتصاد العالمي في الركود الشديد، وواجهت البشرية أزمات متعددة نادرا ما تحدث في التاريخ.
في العام المنصرم، كانت شعوب العالم تكافح هذه الجائحة الفتاكة بعزيمتها وشجاعتها الهائلة. وأحرز العالم تقدما أوليا لمكافحة الجائحة اعتمادا على العلوم والعقلانية والروح الإنسانية. غير أن الجائحة بعيدة عن الانتهاء، وتصاعدت مجددا في الآونة الأخيرة، مما ألزمنا بمواصلة مكافحتها. على الرغم من ذلك، تحدونا ثقة تامة بأن الشتاء لن يمنع قدوم الربيع، والظلام لن يحجب نور الفجر. لا شك أن البشرية ستنتصر على الجائحة وتخرج أقوى منها وتتقدم إلى الأمام.
السيدات والسادة والأصدقاء..
يمضي التاريخ قدما إلى الأمام دائما، ولا يعود العالم إلى ما كان عليه. كل خيار وخطوة نتخذهما اليوم ستقرر مستقبل العالم. فمن المهم أن ننجز المهمات الأربع التي تواجه الناس في عصرنا.
أولا: تعزيز التنسيق في السياسات الاقتصادية الكلية، وتضافر الجهود لتحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل للاقتصاد العالمي. تعاني البشرية الآن من أخطر كساد اقتصادي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتكبدت جميع اقتصادات العالم خسائر فادحة في آن واحد ولأول مرة في التاريخ، وتعثرت سلاسل الصناعة والإمداد في أنحاء العالم، وشهدت التجارة والاستثمار ركودا مستمرا. رغم الإجراءات الاقتصادية الإغاثية المتخذة من الدول المختلفة بقيمة تريليونات دولار أمريكي، غير أن الانتعاش الاقتصادي العالمي ما زال هشا، وأفقه ما زال غامضا. فنحتاج إلى تركيز الجهود على الأولويات الحالية، والتوفيق بين احتواء الجائحة والتنمية الاقتصادية، وتعزيز الدعم للسياسات الاقتصادية الكلية، بما يخرج الاقتصاد العالمي من غيوم الأزمة في يوم مبكر. كما نحتاج إلى النظر إلى المستقبل والتصميم على تغيير القوة المحركة والأنماط للاقتصاد العالمي وتعديل هيكلته، بما يضمن سير الاقتصاد العالمي على طريق النمو الصحي والمستقر الطويل المدى.
ثانيا: نبذ التحيز الأيديولوجي والسير على طريق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. لا توجد ورقتا شجرة متطابقتان في العالم، ولا يوجد فيه التاريخ أو الثقافات أو النظم الاجتماعية متطابقة. لكل دولة ميزة في تاريخها وثقافتها ونظامها الاجتماعي، لا دولة تتفوق على دولة أخرى، إن أهم شيء هو ما إذا كان تاريخها وثقافتها ونظامها الاجتماعي تتفق مع ظروفها الوطنية، وتلاقي دعم الشعب، وتسهم في الاستقرار السياسي والتقدم الاجتماعي وتحسين معيشة الشعب وقضية تقدم البشرية. كان التباين في التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي لدول العالم موجودا في المجتمع البشري منذ القدم، وهو ميزة متأصلة لحضارة البشرية. لن تكون هناك حضارة للبشرية بدون التنوع الذي يعد واقعا موضوعيا سيبقى للمدى الطويل. إن التباين بذاته لا يدعو إلى القلق، وما يثير الهواجس هو العجرفة والتحيز والكراهية ومحاولة فرض التسلسل الهرمي على حضارات البشرية وفرض التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي على الآخرين. ويجب على دول العالم تحقيق التعايش السلمي على أساس الاحترام المتبادل والسعي للأرضية المشتركة، وتعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة بينها، بغية إضفاء قوة دافعة على مسيرة تقدم حضارة البشرية.
ثالثا: تجاوز الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية والعمل سويا على تعزيز التنمية والازدهار في الدول كافة. في الوقت الحالي، تتزايد أوجه عدم المساواة باستمرار، ويتعين سد الفجوة بين الجنوب والشمال، وتواجه التنمية المستدامة تحديات خطيرة. في الوقت الذي تكافح دول العالم فيه الجائحة، يسير الانتعاش الاقتصادي لها على مسارات متباينة، ويواجه الفرق في التنمية بين الجنوب والشمال مخاطر التوسع وحتى التثبت. تتطلع الدول النامية الغفيرة إلى مزيد من الموارد والفرص التنموية، وتطلب تمثيلا وصوتا أكبر في الحوكمة الاقتصادية العالمية. ويجب أن ندرك أن التنمية في الدول النامية ستساهم في وضع أسس أكثر متانة للازدهار والاستقرار في العالم برمته، وستستفيد الدول المتقدمة منها أيضا. فيجب على المجتمع الدولي النظر إلى المدى البعيد والوفاء بوعوده وتوفير دعم ضروري لتنمية الدول النامية وضمان حقوقها ومصالحها التنموية المشروعة، ويجب تعزيز المساواة للحقوق والفرص والقواعد، بما يمكّن شعوب العالم من تقاسم الفرص والإنجازات التنموية.
رابعا: العمل سويا على مواجهة التحديات الكونية وخلق مستقبل أجمل للبشرية. في عصر العولمة الاقتصادية، من المرجح أن تتكرر حالات الطوارئ للصحة العامة مثل جائحة فايروس كورونا المستجد، فيجب تعزيز الحوكمة العالمية للصحة العامة. إن الأرض دار مشتركة وحيدة للبشرية، وتعزيز الجهود لمواجهة تغير المناخ ودفع التنمية المستدامة لأمر يهم مستقبل البشرية. لن تقدر أي دولة وحدها على حل جميع القضايا العالمية التي تواجه البشرية، فلا بد من الاعتماد على التحركات العالمية والاستجابة العالمية والتعاون العالمي.
السيدات والسادة والأصدقاء..
إن القضايا التي تواجه العالم متشابكة ومعقدة، ويتمثل المخرج منها في صيانة وتطبيق تعددية الأطراف وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
- يجب علينا التمسك بالانفتاح والتسامح، بدلا من الانغلاق والإقصاء. إن تعددية الأطراف تعني التعامل مع الشؤون الدولية بالتشاور وتقرير مستقبل العالم بالجهود المشتركة. إن تكوين «دائرة صغيرة» وإشعال «حرب باردة جديدة» على الساحة الدولية وإقصاء وتهديد وتخويف الآخرين وفك الارتباط وقطع الإمداد وفرض العقوبات بدون مبرر وافتعال التباعد وحتى الانعزال أمر سيدفع العالم إلى اتجاه الانقسام وحتى المجابهة. لا نقدر على مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه البشرية في عالم منقسم، وستقودنا المجابهة إلى طريق مسدود. قد دفعت البشرية ثمنا مؤلما في هذا الصدد، ولم يمض وقت طويل لهذا التاريخ. فيجب ألا نعود إلى الطريق القديم.
يجب علينا التمسك بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والقيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديموقراطية والحرية، والتخلص من التحيز الأيديولوجي وتعزيز الانفتاح والشمول لآليات التعاون ومفاهيمه وسياساته بقدر الإمكان، والعمل سويا على صيانة السلام والاستقرار في العالم. يجب بناء الاقتصاد العالمي المنفتح وصيانة المنظومة التجارية المتعددة الأطراف بحزم بدلا من صياغة معايير وقواعد ونظم تمييزية وإقصائية، ويجب إزالة الحواجز التي تعرقل تبادل التجارة والاستثمار والتكنولوجيا. ويجب توطيد مكانة مجموعة الـ20 باعتبارها منصة رئيسية للحوكمة الاقتصادية العالمية، ويجب تكثيف التنسيق للسياسات الاقتصادية الكلية والحفاظ على الاستقرار والسلاسة لسلاسل الصناعة والإمداد العالمية وصيانة التشغيل المستقر للنظام المالي العالمي والدفع بالإصلاح الهيكلي وزيادة إجمالي الطلب العالمي، بما يحقق تنمية اقتصادية عالمية بجودة أعلى ومرونة أقوى.
- يجب علينا الالتزام بالقانون الدولي والقواعد الدولية، بدلا من السعي وراء الهيمنة من جانب واحد. يعتقد الصينيون القدماء أن «القانون أساس الحوكمة». فيجب أن تقوم الحوكمة الدولية على أساس القواعد والتوافق الذي توصلت إليه جميع الدول بدلا من الإملاءات التي فرضتها دولة واحدة أو بضع دول. إن ميثاق الأمم المتحدة قواعد أساسية معترف بها دوليا تحكم العلاقات بين الدول. بدون القانون الدولي والقواعد الدولية التي تمت صياغتها والاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي سينزلق العالم إلى قانون الغابة، وستتعرض البشرية لعواقب كارثية.
يجب علينا الالتزام بسيادة القانون الدولي والحفاظ على المنظومة الدولية المتمحورة حول الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي بدون تزعزع. ويجب صيانة سلطة المؤسسات المتعددة الأطراف وفعاليتها باعتبارها منصة لتنفيذ تعددية الأطراف وإطارا أساسيا للحفاظ عليها. ويجب الالتزام بالقوانين والقواعد الملائمة لتنسيق وتنظيم العلاقات بين دول العالم. لا يجوز للأقوياء التنمر على الضعفاء، ولا يجوز اتخاذ قرار بمجرد إظهار عضلات قوية أو التلويح بقبضة كبيرة، كما لا يجوز ممارسة الأحادية تحت ذريعة التعددية. ويجب التمسك بالمبادئ، وعلى الجميع الالتزام بالقواعد طالما وُضعت. ويجب ألا تكون «التعددية الانتقائية» خيارنا.
- يجب علينا الالتزام بالتشاور والتعاون، بدلا من التصادم والمجابهة. إن التباين للتاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي ليس سببا للاستقطاب والمجابهة، بل هو قوة دافعة للتعاون. ويجب احترام التباين والقبول به وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتسوية الخلافات عبر التشاور والحوار. لقد علّمنا التاريخ والوقائع مرارا وتكرارا أن المقاربة الخاطئة الداعية إلى الاستقطاب والمجابهة، سواء أكان شكلها حربا باردة أو ساخنة أو تجارية أو تكنولوجية، ستمس بمصالح دول العالم ورفاهية شعوبها في نهاية المطاف.
يجب علينا نبذ عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية التي عفا عليها الزمن، والالتزام بتبادل الاحترام والتسامح، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة من خلال التواصل الإستراتيجي. ويجب التمسك بمفهوم التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ورفض سياسات «إفقار الجار» الأنانية الضيقة، ونبذ السلوك الأحادي الجانب المتمثل في احتكار مزايا التنمية، ويجب ضمان الحقوق التنموية المتساوية لجميع الدول، سعيا إلى التنمية والازدهار المشترك. من المهم الدعوة إلى المنافسة على أساس العدالة والإنصاف، كأننا نتسابق من أجل التميز في ألعاب قوى، وليس في حلبة مصارعة يهاجم فيها بعضنا بعضا.
- يجب علينا مواكبة العصر، بدلا من رفض التغيير. يشهد عالم اليوم تغيرات غير مسبوقة منذ قرن، ويمر بعصر التنمية والتغيرات الكبرى. من أجل تعزيز تعددية الأطراف في القرن الـ21، يجب علينا تكريس تقاليدها الحميدة وفتح أفقها الجديدة، وذلك يعني ضرورة الالتزام بالقيم الجوهرية والمبادئ الأساسية لتعددية الأطراف من جهة، ومن جهة أخرى، ضرورة التماشي مع تغيرات الأوضاع الدولية ومواجهة التحديات العالمية، وإصلاح وتحسين منظومة الحوكمة العالمية على أساس التشاور الواسع والأرضية المشتركة.
يجب علينا تفعيل دور منظمة الصحة العالمية وإقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للجميع. ويجب دفع إصلاح منظمة التجارة العالمية والمنظومة المالية والنقدية العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي وضمان المصالح والحقوق والفرص التنموية للدول النامية. من المهم التمسك بالسياسات التي تقوم على أساس الوقائع ويكون الإنسان مركزا لها، لنقاش وصياغة قواعد الحوكمة الرقمية العالمية. ويجب تنفيذ «اتفاق باريس» لمواجهة تغير المناخ وتعزيز التنمية الخضراء. ويجب التمسك بإعطاء الأولوية للتنمية، وتنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة، بما يضمن أن جميع الدول وخصوصا الدول النامية تتقاسم ثمار التنمية العالمية.
السيدات والسادة والأصدقاء..
بات الشعب الصيني، بعد العقود من الأعمال الشاقة، على عتبة النصر لبناء المجتمع الرغيد على نحو شامل، وحقق إنجازات تاريخية في القضاء على الفقر المدقع، وبدأ مسيرة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل. مع دخول الصين إلى مرحلة جديدة للتنمية، سنعمل على تطبيق المفهوم الجديد للتنمية وبناء معادلة تنموية جديدة تعتمد على الدورة المحلية كالدعامة الأساسية مع التفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية، وبذل جهود مشتركة مع دول العالم في بناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن السائد والازدهار المشترك.
- ستواصل الصين مشاركتها النشطة في التعاون الدولي لمكافحة الجائحة. تعد مكافحة الجائحة المهمة الأكثر إلحاحا بالنسبة للمجتمع الدولي، كونها مطلبا أساسيا للتمسك بمفهوم الشعب أولا والحياة أولا، وشرطا مسبقا للحفاظ على استقرار الاقتصاد وإنعاشه. فنحتاج إلى تعميق التضامن والتعاون وتعزيز تقاسم المعلومات والاستجابة الدولية لأعمال الوقاية والسيطرة من أجل تحقيق الانتصار في المعركة العالمية ضد الجائحة. من الأهمية الخاصة تعزيز التعاون في تطوير وإنتاج وتوزيع اللقاحات لجعلها منفعة عامة حقيقية تتاح لشعوب العالم بتكلفة ميسرة. لغاية الآن، قدمت الصين المساعدات الوقائية لأكثر من 150 دولة و13 منظمة دولية، وأرسلت 36 فرقة من الخبراء الطبيين إلى الدول المحتاجة، ودعمت التعاون الدولي في مجال اللقاح وشاركت فيه بنشاط. ستواصل الصين تقاسم الخبرات الناجحة لأعمال الوقاية والسيطرة مع دول العالم، وتقديم ما في وسعها من المساعدات إلى الدول والمناطق التي تكون أقل استعدادا لمواجهة الجائحة، وجعل اللقاح ميسورا ومتاحا بنطاق أوسع في الدول النامية، بما يسهم في هزيمة الجائحة في العالم في يوم مبكر.
- ستواصل الصين تنفيذ إستراتيجية الانفتاح القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك. إن العولمة الاقتصادية تلبي الحاجة لنمو الإنتاجية الاجتماعية وهي نتيجة طبيعية للتقدم العلمي والتكنولوجي. وإن محاولة مناهضة العولمة والنأي بالنفس وفك الارتباط باستغلال ذريعة الجائحة أمر لا ينفع أي طرف. تظل الصين تدعم العولمة الاقتصادية، وتطبّق بكل ثبات سياسة الانفتاح على الخارج كسياستها الوطنية الأساسية. وفي هذا الصدد، ستواصل الصين تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما، وصيانة الانسياب والاستقرار لسلاسل الصناعة والإمداد العالمية، وتعزيز التعاون عالي الجودة في بناء «الحزام والطريق». كما ستعمل الصين على تعزيز الانفتاح المؤسسي الذي يشمل القواعد واللوائح والإدارة والمعايير، والاستمرار في خلق بيئة تجارية تقوم على مبادئ السوق وتخضع لحكم القانون وتتماشى مع المعايير الدولية، وتوظيف إمكانيات السوق المحلية الضخمة والطلب المحلي الهائل، بما يوفر مزيدا من الفرص للتعاون مع الدول الأخرى، ويضخّ مزيدا من الديناميكية في إنعاش وتنمية الاقتصاد العالمي.
- ستواصل الصين تعزيز التنمية المستدامة. ستنفّذ الصين أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة على نحو شامل، وتعزز جهودها في مجال البيئة، وذلك من خلال تعديل وتحسين الهيكل الصناعي ومزيج الطاقة بخطوات متسارعة، وتكريس أسلوب أخضر ومنخفض الكربون للحياة والإنتاج. لقد أعلنتُ أن الصين ستسعى إلى جعل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تبلغ ذروتها قبل عام 2030 وتحييد الكربون قبل عام 2060. رغم أن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودنا الشاقة، غير أننا نثق بأنه طالما يصب ذلك في مصلحة البشرية، فيجب علينا تحمل المسؤولية واتخاذ الإجراءات وإنجاز المهمة. تعمل الصين الآن على وضع خطط العمل، وقد بدأت في اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان تحقيق الأهداف المحددة. نقوم بذلك من أجل تنفيذ تعددية الأطراف بخطوات عملية، ومن أجل تقديم مساهماتنا في حماية دارنا المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة للبشرية.
- ستواصل الصين تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار. تمثل العلوم والتكنولوجيا والابتكار محركا مهما لتقدم المجتمع البشري وسلاحا قويا لمواجهة التحديات الكونية العديدة، والطريق الوحيد لإقامة المعادلة التنموية الجديدة وتحقيق التنمية العالية الجودة في الصين. ستعمل الصين على زيادة الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا، وإعطاء الأولوية لتأسيس نظام موات للابتكار، وتسريع وتيرة تحويل الإنجازات العلمية والتكنولوجية إلى القوة الإنتاجية الفعلية، وتعزيز حماية الملكية الفكرية، بما يحقق النمو العالي الجودة المدفوع بالابتكار. يجب أن تكون الإنجازات العلمية والتكنولوجية منفعة عامة للبشرية جمعاء، بدلا من أداة تُستخدم لتقييد واحتواء تنمية الدول الأخرى. ستسعى الصين إلى تعزيز التواصل والتعاون الدولي في العلوم والتكنولوجيا بأفكار وخطوات أكثر انفتاحا، وتعمل مع دول العالم سويا على خلق بيئة منفتحة ومنصفة وعادلة وغير تمييزية للتطور العلمي والتكنولوجي، لما فيه نفع وخير للجميع.
- ستواصل الصين العمل على إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية. إن فكرة اللعبة الصفرية والفائز يأخذ كل شيء ليست من فلسفة الشعب الصيني. تتمسك الصين بثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار وحل النزاعات عبر المفاوضات، وتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول العالم على أساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة. ستواصل الصين، باعتبارها عضوا ثابتا في عائلة الدول النامية، تعميق التعاون بين الجنوب والجنوب، وتقديم مساهمة في جهود الدول النامية للقضاء على الفقر وتخفيف عبء الديون وتحقيق النمو الاقتصادي. ستشارك الصين بنشاط أكثر في الحوكمة الاقتصادية العالمية ودفع تطور العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا ونفعا للجميع.
السيدات والسادة والأصدقاء..
ليس لدى البشرية سوى أرض واحدة ومستقبل مشترك واحد، فيجب علينا التضامن والتعاون بروح الفريق الواحد سواء لمواجهة الأزمات الحالية أو لبناء مستقبل مشرق لنا جميعا. لقد أثبتت تجاربنا مرارا وتكرارا أن سياسة إفقار الجار والعمل الانفرادي واللجوء إلى الانعزال المتعجرف سيكتب لها الفشل حتما. لنعمل يدا بيد ونجعل شعلة تعددية الأطراف تضيء طريقنا نحو إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وشكرا للجميع.
الرئيس كلاوس شواب المحترم، السيدات والسادة والأصدقاء:
في العام المنصرم، تفشت الجائحة التي أتت فجأة في كل أصقاع العالم، مما شكل تهديدا خطيرا على الصحة العامة العالمية، وأوقع الاقتصاد العالمي في الركود الشديد، وواجهت البشرية أزمات متعددة نادرا ما تحدث في التاريخ.
في العام المنصرم، كانت شعوب العالم تكافح هذه الجائحة الفتاكة بعزيمتها وشجاعتها الهائلة. وأحرز العالم تقدما أوليا لمكافحة الجائحة اعتمادا على العلوم والعقلانية والروح الإنسانية. غير أن الجائحة بعيدة عن الانتهاء، وتصاعدت مجددا في الآونة الأخيرة، مما ألزمنا بمواصلة مكافحتها. على الرغم من ذلك، تحدونا ثقة تامة بأن الشتاء لن يمنع قدوم الربيع، والظلام لن يحجب نور الفجر. لا شك أن البشرية ستنتصر على الجائحة وتخرج أقوى منها وتتقدم إلى الأمام.
السيدات والسادة والأصدقاء..
يمضي التاريخ قدما إلى الأمام دائما، ولا يعود العالم إلى ما كان عليه. كل خيار وخطوة نتخذهما اليوم ستقرر مستقبل العالم. فمن المهم أن ننجز المهمات الأربع التي تواجه الناس في عصرنا.
أولا: تعزيز التنسيق في السياسات الاقتصادية الكلية، وتضافر الجهود لتحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل للاقتصاد العالمي. تعاني البشرية الآن من أخطر كساد اقتصادي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتكبدت جميع اقتصادات العالم خسائر فادحة في آن واحد ولأول مرة في التاريخ، وتعثرت سلاسل الصناعة والإمداد في أنحاء العالم، وشهدت التجارة والاستثمار ركودا مستمرا. رغم الإجراءات الاقتصادية الإغاثية المتخذة من الدول المختلفة بقيمة تريليونات دولار أمريكي، غير أن الانتعاش الاقتصادي العالمي ما زال هشا، وأفقه ما زال غامضا. فنحتاج إلى تركيز الجهود على الأولويات الحالية، والتوفيق بين احتواء الجائحة والتنمية الاقتصادية، وتعزيز الدعم للسياسات الاقتصادية الكلية، بما يخرج الاقتصاد العالمي من غيوم الأزمة في يوم مبكر. كما نحتاج إلى النظر إلى المستقبل والتصميم على تغيير القوة المحركة والأنماط للاقتصاد العالمي وتعديل هيكلته، بما يضمن سير الاقتصاد العالمي على طريق النمو الصحي والمستقر الطويل المدى.
ثانيا: نبذ التحيز الأيديولوجي والسير على طريق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. لا توجد ورقتا شجرة متطابقتان في العالم، ولا يوجد فيه التاريخ أو الثقافات أو النظم الاجتماعية متطابقة. لكل دولة ميزة في تاريخها وثقافتها ونظامها الاجتماعي، لا دولة تتفوق على دولة أخرى، إن أهم شيء هو ما إذا كان تاريخها وثقافتها ونظامها الاجتماعي تتفق مع ظروفها الوطنية، وتلاقي دعم الشعب، وتسهم في الاستقرار السياسي والتقدم الاجتماعي وتحسين معيشة الشعب وقضية تقدم البشرية. كان التباين في التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي لدول العالم موجودا في المجتمع البشري منذ القدم، وهو ميزة متأصلة لحضارة البشرية. لن تكون هناك حضارة للبشرية بدون التنوع الذي يعد واقعا موضوعيا سيبقى للمدى الطويل. إن التباين بذاته لا يدعو إلى القلق، وما يثير الهواجس هو العجرفة والتحيز والكراهية ومحاولة فرض التسلسل الهرمي على حضارات البشرية وفرض التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي على الآخرين. ويجب على دول العالم تحقيق التعايش السلمي على أساس الاحترام المتبادل والسعي للأرضية المشتركة، وتعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة بينها، بغية إضفاء قوة دافعة على مسيرة تقدم حضارة البشرية.
ثالثا: تجاوز الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية والعمل سويا على تعزيز التنمية والازدهار في الدول كافة. في الوقت الحالي، تتزايد أوجه عدم المساواة باستمرار، ويتعين سد الفجوة بين الجنوب والشمال، وتواجه التنمية المستدامة تحديات خطيرة. في الوقت الذي تكافح دول العالم فيه الجائحة، يسير الانتعاش الاقتصادي لها على مسارات متباينة، ويواجه الفرق في التنمية بين الجنوب والشمال مخاطر التوسع وحتى التثبت. تتطلع الدول النامية الغفيرة إلى مزيد من الموارد والفرص التنموية، وتطلب تمثيلا وصوتا أكبر في الحوكمة الاقتصادية العالمية. ويجب أن ندرك أن التنمية في الدول النامية ستساهم في وضع أسس أكثر متانة للازدهار والاستقرار في العالم برمته، وستستفيد الدول المتقدمة منها أيضا. فيجب على المجتمع الدولي النظر إلى المدى البعيد والوفاء بوعوده وتوفير دعم ضروري لتنمية الدول النامية وضمان حقوقها ومصالحها التنموية المشروعة، ويجب تعزيز المساواة للحقوق والفرص والقواعد، بما يمكّن شعوب العالم من تقاسم الفرص والإنجازات التنموية.
رابعا: العمل سويا على مواجهة التحديات الكونية وخلق مستقبل أجمل للبشرية. في عصر العولمة الاقتصادية، من المرجح أن تتكرر حالات الطوارئ للصحة العامة مثل جائحة فايروس كورونا المستجد، فيجب تعزيز الحوكمة العالمية للصحة العامة. إن الأرض دار مشتركة وحيدة للبشرية، وتعزيز الجهود لمواجهة تغير المناخ ودفع التنمية المستدامة لأمر يهم مستقبل البشرية. لن تقدر أي دولة وحدها على حل جميع القضايا العالمية التي تواجه البشرية، فلا بد من الاعتماد على التحركات العالمية والاستجابة العالمية والتعاون العالمي.
السيدات والسادة والأصدقاء..
إن القضايا التي تواجه العالم متشابكة ومعقدة، ويتمثل المخرج منها في صيانة وتطبيق تعددية الأطراف وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
- يجب علينا التمسك بالانفتاح والتسامح، بدلا من الانغلاق والإقصاء. إن تعددية الأطراف تعني التعامل مع الشؤون الدولية بالتشاور وتقرير مستقبل العالم بالجهود المشتركة. إن تكوين «دائرة صغيرة» وإشعال «حرب باردة جديدة» على الساحة الدولية وإقصاء وتهديد وتخويف الآخرين وفك الارتباط وقطع الإمداد وفرض العقوبات بدون مبرر وافتعال التباعد وحتى الانعزال أمر سيدفع العالم إلى اتجاه الانقسام وحتى المجابهة. لا نقدر على مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه البشرية في عالم منقسم، وستقودنا المجابهة إلى طريق مسدود. قد دفعت البشرية ثمنا مؤلما في هذا الصدد، ولم يمض وقت طويل لهذا التاريخ. فيجب ألا نعود إلى الطريق القديم.
يجب علينا التمسك بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والقيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديموقراطية والحرية، والتخلص من التحيز الأيديولوجي وتعزيز الانفتاح والشمول لآليات التعاون ومفاهيمه وسياساته بقدر الإمكان، والعمل سويا على صيانة السلام والاستقرار في العالم. يجب بناء الاقتصاد العالمي المنفتح وصيانة المنظومة التجارية المتعددة الأطراف بحزم بدلا من صياغة معايير وقواعد ونظم تمييزية وإقصائية، ويجب إزالة الحواجز التي تعرقل تبادل التجارة والاستثمار والتكنولوجيا. ويجب توطيد مكانة مجموعة الـ20 باعتبارها منصة رئيسية للحوكمة الاقتصادية العالمية، ويجب تكثيف التنسيق للسياسات الاقتصادية الكلية والحفاظ على الاستقرار والسلاسة لسلاسل الصناعة والإمداد العالمية وصيانة التشغيل المستقر للنظام المالي العالمي والدفع بالإصلاح الهيكلي وزيادة إجمالي الطلب العالمي، بما يحقق تنمية اقتصادية عالمية بجودة أعلى ومرونة أقوى.
- يجب علينا الالتزام بالقانون الدولي والقواعد الدولية، بدلا من السعي وراء الهيمنة من جانب واحد. يعتقد الصينيون القدماء أن «القانون أساس الحوكمة». فيجب أن تقوم الحوكمة الدولية على أساس القواعد والتوافق الذي توصلت إليه جميع الدول بدلا من الإملاءات التي فرضتها دولة واحدة أو بضع دول. إن ميثاق الأمم المتحدة قواعد أساسية معترف بها دوليا تحكم العلاقات بين الدول. بدون القانون الدولي والقواعد الدولية التي تمت صياغتها والاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي سينزلق العالم إلى قانون الغابة، وستتعرض البشرية لعواقب كارثية.
يجب علينا الالتزام بسيادة القانون الدولي والحفاظ على المنظومة الدولية المتمحورة حول الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي بدون تزعزع. ويجب صيانة سلطة المؤسسات المتعددة الأطراف وفعاليتها باعتبارها منصة لتنفيذ تعددية الأطراف وإطارا أساسيا للحفاظ عليها. ويجب الالتزام بالقوانين والقواعد الملائمة لتنسيق وتنظيم العلاقات بين دول العالم. لا يجوز للأقوياء التنمر على الضعفاء، ولا يجوز اتخاذ قرار بمجرد إظهار عضلات قوية أو التلويح بقبضة كبيرة، كما لا يجوز ممارسة الأحادية تحت ذريعة التعددية. ويجب التمسك بالمبادئ، وعلى الجميع الالتزام بالقواعد طالما وُضعت. ويجب ألا تكون «التعددية الانتقائية» خيارنا.
- يجب علينا الالتزام بالتشاور والتعاون، بدلا من التصادم والمجابهة. إن التباين للتاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي ليس سببا للاستقطاب والمجابهة، بل هو قوة دافعة للتعاون. ويجب احترام التباين والقبول به وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتسوية الخلافات عبر التشاور والحوار. لقد علّمنا التاريخ والوقائع مرارا وتكرارا أن المقاربة الخاطئة الداعية إلى الاستقطاب والمجابهة، سواء أكان شكلها حربا باردة أو ساخنة أو تجارية أو تكنولوجية، ستمس بمصالح دول العالم ورفاهية شعوبها في نهاية المطاف.
يجب علينا نبذ عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية التي عفا عليها الزمن، والالتزام بتبادل الاحترام والتسامح، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة من خلال التواصل الإستراتيجي. ويجب التمسك بمفهوم التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ورفض سياسات «إفقار الجار» الأنانية الضيقة، ونبذ السلوك الأحادي الجانب المتمثل في احتكار مزايا التنمية، ويجب ضمان الحقوق التنموية المتساوية لجميع الدول، سعيا إلى التنمية والازدهار المشترك. من المهم الدعوة إلى المنافسة على أساس العدالة والإنصاف، كأننا نتسابق من أجل التميز في ألعاب قوى، وليس في حلبة مصارعة يهاجم فيها بعضنا بعضا.
- يجب علينا مواكبة العصر، بدلا من رفض التغيير. يشهد عالم اليوم تغيرات غير مسبوقة منذ قرن، ويمر بعصر التنمية والتغيرات الكبرى. من أجل تعزيز تعددية الأطراف في القرن الـ21، يجب علينا تكريس تقاليدها الحميدة وفتح أفقها الجديدة، وذلك يعني ضرورة الالتزام بالقيم الجوهرية والمبادئ الأساسية لتعددية الأطراف من جهة، ومن جهة أخرى، ضرورة التماشي مع تغيرات الأوضاع الدولية ومواجهة التحديات العالمية، وإصلاح وتحسين منظومة الحوكمة العالمية على أساس التشاور الواسع والأرضية المشتركة.
يجب علينا تفعيل دور منظمة الصحة العالمية وإقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للجميع. ويجب دفع إصلاح منظمة التجارة العالمية والمنظومة المالية والنقدية العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي وضمان المصالح والحقوق والفرص التنموية للدول النامية. من المهم التمسك بالسياسات التي تقوم على أساس الوقائع ويكون الإنسان مركزا لها، لنقاش وصياغة قواعد الحوكمة الرقمية العالمية. ويجب تنفيذ «اتفاق باريس» لمواجهة تغير المناخ وتعزيز التنمية الخضراء. ويجب التمسك بإعطاء الأولوية للتنمية، وتنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة، بما يضمن أن جميع الدول وخصوصا الدول النامية تتقاسم ثمار التنمية العالمية.
السيدات والسادة والأصدقاء..
بات الشعب الصيني، بعد العقود من الأعمال الشاقة، على عتبة النصر لبناء المجتمع الرغيد على نحو شامل، وحقق إنجازات تاريخية في القضاء على الفقر المدقع، وبدأ مسيرة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل. مع دخول الصين إلى مرحلة جديدة للتنمية، سنعمل على تطبيق المفهوم الجديد للتنمية وبناء معادلة تنموية جديدة تعتمد على الدورة المحلية كالدعامة الأساسية مع التفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية، وبذل جهود مشتركة مع دول العالم في بناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن السائد والازدهار المشترك.
- ستواصل الصين مشاركتها النشطة في التعاون الدولي لمكافحة الجائحة. تعد مكافحة الجائحة المهمة الأكثر إلحاحا بالنسبة للمجتمع الدولي، كونها مطلبا أساسيا للتمسك بمفهوم الشعب أولا والحياة أولا، وشرطا مسبقا للحفاظ على استقرار الاقتصاد وإنعاشه. فنحتاج إلى تعميق التضامن والتعاون وتعزيز تقاسم المعلومات والاستجابة الدولية لأعمال الوقاية والسيطرة من أجل تحقيق الانتصار في المعركة العالمية ضد الجائحة. من الأهمية الخاصة تعزيز التعاون في تطوير وإنتاج وتوزيع اللقاحات لجعلها منفعة عامة حقيقية تتاح لشعوب العالم بتكلفة ميسرة. لغاية الآن، قدمت الصين المساعدات الوقائية لأكثر من 150 دولة و13 منظمة دولية، وأرسلت 36 فرقة من الخبراء الطبيين إلى الدول المحتاجة، ودعمت التعاون الدولي في مجال اللقاح وشاركت فيه بنشاط. ستواصل الصين تقاسم الخبرات الناجحة لأعمال الوقاية والسيطرة مع دول العالم، وتقديم ما في وسعها من المساعدات إلى الدول والمناطق التي تكون أقل استعدادا لمواجهة الجائحة، وجعل اللقاح ميسورا ومتاحا بنطاق أوسع في الدول النامية، بما يسهم في هزيمة الجائحة في العالم في يوم مبكر.
- ستواصل الصين تنفيذ إستراتيجية الانفتاح القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك. إن العولمة الاقتصادية تلبي الحاجة لنمو الإنتاجية الاجتماعية وهي نتيجة طبيعية للتقدم العلمي والتكنولوجي. وإن محاولة مناهضة العولمة والنأي بالنفس وفك الارتباط باستغلال ذريعة الجائحة أمر لا ينفع أي طرف. تظل الصين تدعم العولمة الاقتصادية، وتطبّق بكل ثبات سياسة الانفتاح على الخارج كسياستها الوطنية الأساسية. وفي هذا الصدد، ستواصل الصين تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما، وصيانة الانسياب والاستقرار لسلاسل الصناعة والإمداد العالمية، وتعزيز التعاون عالي الجودة في بناء «الحزام والطريق». كما ستعمل الصين على تعزيز الانفتاح المؤسسي الذي يشمل القواعد واللوائح والإدارة والمعايير، والاستمرار في خلق بيئة تجارية تقوم على مبادئ السوق وتخضع لحكم القانون وتتماشى مع المعايير الدولية، وتوظيف إمكانيات السوق المحلية الضخمة والطلب المحلي الهائل، بما يوفر مزيدا من الفرص للتعاون مع الدول الأخرى، ويضخّ مزيدا من الديناميكية في إنعاش وتنمية الاقتصاد العالمي.
- ستواصل الصين تعزيز التنمية المستدامة. ستنفّذ الصين أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة على نحو شامل، وتعزز جهودها في مجال البيئة، وذلك من خلال تعديل وتحسين الهيكل الصناعي ومزيج الطاقة بخطوات متسارعة، وتكريس أسلوب أخضر ومنخفض الكربون للحياة والإنتاج. لقد أعلنتُ أن الصين ستسعى إلى جعل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تبلغ ذروتها قبل عام 2030 وتحييد الكربون قبل عام 2060. رغم أن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودنا الشاقة، غير أننا نثق بأنه طالما يصب ذلك في مصلحة البشرية، فيجب علينا تحمل المسؤولية واتخاذ الإجراءات وإنجاز المهمة. تعمل الصين الآن على وضع خطط العمل، وقد بدأت في اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان تحقيق الأهداف المحددة. نقوم بذلك من أجل تنفيذ تعددية الأطراف بخطوات عملية، ومن أجل تقديم مساهماتنا في حماية دارنا المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة للبشرية.
- ستواصل الصين تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار. تمثل العلوم والتكنولوجيا والابتكار محركا مهما لتقدم المجتمع البشري وسلاحا قويا لمواجهة التحديات الكونية العديدة، والطريق الوحيد لإقامة المعادلة التنموية الجديدة وتحقيق التنمية العالية الجودة في الصين. ستعمل الصين على زيادة الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا، وإعطاء الأولوية لتأسيس نظام موات للابتكار، وتسريع وتيرة تحويل الإنجازات العلمية والتكنولوجية إلى القوة الإنتاجية الفعلية، وتعزيز حماية الملكية الفكرية، بما يحقق النمو العالي الجودة المدفوع بالابتكار. يجب أن تكون الإنجازات العلمية والتكنولوجية منفعة عامة للبشرية جمعاء، بدلا من أداة تُستخدم لتقييد واحتواء تنمية الدول الأخرى. ستسعى الصين إلى تعزيز التواصل والتعاون الدولي في العلوم والتكنولوجيا بأفكار وخطوات أكثر انفتاحا، وتعمل مع دول العالم سويا على خلق بيئة منفتحة ومنصفة وعادلة وغير تمييزية للتطور العلمي والتكنولوجي، لما فيه نفع وخير للجميع.
- ستواصل الصين العمل على إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية. إن فكرة اللعبة الصفرية والفائز يأخذ كل شيء ليست من فلسفة الشعب الصيني. تتمسك الصين بثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار وحل النزاعات عبر المفاوضات، وتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول العالم على أساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة. ستواصل الصين، باعتبارها عضوا ثابتا في عائلة الدول النامية، تعميق التعاون بين الجنوب والجنوب، وتقديم مساهمة في جهود الدول النامية للقضاء على الفقر وتخفيف عبء الديون وتحقيق النمو الاقتصادي. ستشارك الصين بنشاط أكثر في الحوكمة الاقتصادية العالمية ودفع تطور العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا ونفعا للجميع.
السيدات والسادة والأصدقاء..
ليس لدى البشرية سوى أرض واحدة ومستقبل مشترك واحد، فيجب علينا التضامن والتعاون بروح الفريق الواحد سواء لمواجهة الأزمات الحالية أو لبناء مستقبل مشرق لنا جميعا. لقد أثبتت تجاربنا مرارا وتكرارا أن سياسة إفقار الجار والعمل الانفرادي واللجوء إلى الانعزال المتعجرف سيكتب لها الفشل حتما. لنعمل يدا بيد ونجعل شعلة تعددية الأطراف تضيء طريقنا نحو إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
وشكرا للجميع.