عن الشائعات يقول الخبراء إنها ليست وليدة اليوم، ولم تنبت هكذا فجأة، إذ يعود منبتها إلى عقود من الزمن، ويتفق الناس على أنها سوسة تنخر المجتمع وتهدد أمنه وسلامته، وظلت على هكذا حال منذ مئات السنين استخدمها الكذابون سلاحا «بيولوجيا» صنعوها بأياديهم، واختلفت الشائعات طبقا للزمان والمكان، كما اختلفت أحوال مروجيها فمثلا يتداول المغرضون شائعة تنفيذ جريمة تجاه فئه معينة، وآخر يزعم وجود خاطف للأطفال وثالث يتداول خبر إعفاء مسؤول، أو تعيين آخر، فيما يتعمد آخرون نشر الخوف من تنظيم أو إجراء تنفذه الأجهزة المختصة في الدولة، فيما ينشر آخر زورا صدور لائحة جديدة للمخالفات أو تغليظ لأخرى دون صدور أمر بذلك، وكان آخر تلك الشائعات مضاعفة عقوبة لبس الكمامة إلى 10 آلاف ريال، ورفع عقوبة قاطع الإشارات المرورية إلى 50 ألفا!
الخبراء الأمنيون يحذرون من استغلال أعداء الوطن للشائعة لبث التفرقة وزرع الخوف في النفوس، وشددت الجهات الأمنية على ملاحقة مطلقي تلك الشائعات ومرسليها، وحثت على عدم استقاء المعلومات إلا من مصادرها، فلا غرامات تفرض إلا وفق قرارات و مراسيم من جهات مهنية ومختصة، ولا مخالفات جديدة تفرض إلا بعد الموافقة عليها من جهات الاختصاص.
عُرف قديما في مختلف البلدان السحر والخرافة، فاستخدم تحتمس الثالث مثلا، الحيلة والخديعة عبر استخدام الأكاذيب والشائعة في حروبه، أما المغول فهم أشهر من استخدم الشائعات في العصور الوسطى، فقد كانت الشائعات سببا رئيسا في انتصاراتهم، لما أحدثته من رعب في نفوس الأعداء بنشر أفعالهم الوحشية وما يفعلونه بأعدائهم، وفي اليونان استخدموا الشتائم والتشهير للتأثير على الروح المعنوية للعدو، وأدت الشائعة إلى موت سقراط، بتهمة أنه كان يفسد أخلاق الشباب في أثينا، ويدفعهم إلى التمرد. وفي كل الأحوال تبقى الشائعات فقاعات صابون تدحضها الحقائق
ولم يسلم الرسل وأنبياء الله من الشائعات، فتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة إلى ألوان من الشائعات الكاذبة، ومن التهم الباطلة، فقد وصفه المشركون في مكة بأنه ساحر، وبأنه مجنون، وبأنه شاعر، إلى غير ذلك من الأكاذيب التي كان الهدف من ورائها الإساءة إلى شخصه، وتكذيبه في رسالته، وصرف الناس عن الإيمان بما يدعو إليه من إخلاص العبادة إلى الله تعالى وحده.
وتتفق الشائعة مهما اختلف الزمان والمكان في قبحها، وفي سوء مقاصد أصحابها، وفي تعمدهم إلحاق الأذى والسوء بغيرهم، إلا أنها تختلف في أسلوبها وفي وسائلها من زمان إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى، فقد كانت التجمعات هدفا لخلق الشائعة ونشرها، فيتناقل الركبان الشائعة وينقلونها، أما بالعصر الحديث فبات خُلق الشائعات ونقلها يحتاج لضغطة زر على شاشة الهاتف النقال لنقل الأخبار المزعومة والكاذبة لتنتشر في المجتمع انتشار النار في الهشيم.
«النيابة»: السجن 5 سنوات وغرامة 3 ملايين
شددت النيابة العامة على أنه يحظر إنتاج الشائعات التي من شأنها المساس بالنظام العام، أو إعدادها، أو إرسالها، أو تخزينها عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي. وأكدت أن عقوباتها تصل إلى السجن 5 سنوات، وغرامة 3 ملايين ريال، ونشر ملخص الحكم في الصحف على نفقة المحكوم، وذلك وفقا للمادة (6) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فيما تنص المادة (13) من النظام على مصادرة الأجهزة المستخدمة في الجريمة، وإغلاق الموقع الإلكتروني أو الحساب المستخدم أو مكان تقديم الخدمة متى كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم مالكه. ووفقاً للمادة (9) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فيعاقب كل من حرض أو ساعد أو اتفق على ارتكاب أي من الأفعال الجرمية آنفة الذكر بالعقوبة المقررة للفاعل الأصلي.
خبير ينصح: هذه الطريقة المثلى لكشفها
الباحث الأمني والخبير في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية محمد السريعي عرّف الشائعة بأنها أخبار ومزاعم يتناقلها أفراد المجتمع دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق به، وهي آفة تنخر في جسد المجتمع وتهدد أمنه وتجرمها الأنظمة. وكشفت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في 2018، أن الأخبار الكاذبة والشائعات تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي أسرع بكثير من الأخبار الحقيقية، وبررت الدراسة ذلك بقدرة هذا النوع من الأخبار الكاذبة أو المضلّلة على خلق مشاعر خوف أو اندهاش كبير لدى أفراد المجتمع فيزيدُ إقبال الناس على قراءتها ومشاركتها مع الآخرين، ومعظم الناس لا يتحققون من صحّة ما يصلهم من معلومات، ويُبادرون بمشاركتها على الفور الأمر الذي يؤدي إلى انتشارها بسرعة.
وبيّن السريعي أن انتشار الشائعة عبر الإنترنت ومن خلال التجمعات هو الأسرع عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي تعد مرتعاً خصبا للشائعة و ملجأ لمطلقيها، الذين يتعمدون اللجوء إليها لعدم وجود آليه لكشفها. وينبه السريعي أنه باستطاعة الفرد التحقق من عدم صحة الشائعة عبر التثبت من محتوى الرسالة وتحليلها والبحث عن المعلومة أو الخبر و مصدرها، قبل المبادرة بالنشر، وبالتالي تحمل عقباتها النظامية من عقاب وغرامة مالية وسجن.
وزاد السريعي الشخص العادي يستطيع كشف أي شائعة متداولة عبر تويتر أو منصات التواصل من خلال الدخول إلى ذلك الموقع ومشاهدة عدد المتابعين لهذه الصفحة، والتأكد من أنهم متابعون حقيقيون وليسوا مجرّد حسابات وهمية وما إذا كان موثقاً ويتبع جهة رسمية موثوق فيها من عدمه، ومتابعة الردود على الموضوع، كما يجب التثبت من رابط الموقع الذي نشر الخبر فيجب أن يكون معروفاً وموثقاً بـ «com.» أو «net.» أو الامتدادات المعروفة والرسمية، أما غير ذلك فهي في الغالب مواقع مشبوهة ومزورة.
الجهل لا يحمي من المسؤولية
الخبير الأمني اللواء متقاعد مسعود العدواني قال: إن القانون يجرّم من يروج الشائعات، ولا يشترط أن يكون الجاني على علم بكونها شائعة وما تحمله رسالته من معلومات كاذبة وغير صحيحة، أو أن يكون مدركاً لآثارها السلبية ومردودها على المجتمع، مجرد نقلها والترويج لها يعد مخالفة تستوجب العقاب.
وشدد العدواني على خطورة الشائعة على أمن الوطن واستقراره، مشيراً إلى مزاعم انتشرت الأيام الماضية منها وجود لائحة جديدة للمخالفات المرورية ورفع غرامة عدم لبس الكمامة إلى 10 آلاف ريال، وكلاهما غير صحيح ولم يصدر أي تعديل، فهناك جهات مختصة هي من تقر التعديل وأخرى للإعلان قبل التطبيق.
الخبراء الأمنيون يحذرون من استغلال أعداء الوطن للشائعة لبث التفرقة وزرع الخوف في النفوس، وشددت الجهات الأمنية على ملاحقة مطلقي تلك الشائعات ومرسليها، وحثت على عدم استقاء المعلومات إلا من مصادرها، فلا غرامات تفرض إلا وفق قرارات و مراسيم من جهات مهنية ومختصة، ولا مخالفات جديدة تفرض إلا بعد الموافقة عليها من جهات الاختصاص.
عُرف قديما في مختلف البلدان السحر والخرافة، فاستخدم تحتمس الثالث مثلا، الحيلة والخديعة عبر استخدام الأكاذيب والشائعة في حروبه، أما المغول فهم أشهر من استخدم الشائعات في العصور الوسطى، فقد كانت الشائعات سببا رئيسا في انتصاراتهم، لما أحدثته من رعب في نفوس الأعداء بنشر أفعالهم الوحشية وما يفعلونه بأعدائهم، وفي اليونان استخدموا الشتائم والتشهير للتأثير على الروح المعنوية للعدو، وأدت الشائعة إلى موت سقراط، بتهمة أنه كان يفسد أخلاق الشباب في أثينا، ويدفعهم إلى التمرد. وفي كل الأحوال تبقى الشائعات فقاعات صابون تدحضها الحقائق
ولم يسلم الرسل وأنبياء الله من الشائعات، فتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة إلى ألوان من الشائعات الكاذبة، ومن التهم الباطلة، فقد وصفه المشركون في مكة بأنه ساحر، وبأنه مجنون، وبأنه شاعر، إلى غير ذلك من الأكاذيب التي كان الهدف من ورائها الإساءة إلى شخصه، وتكذيبه في رسالته، وصرف الناس عن الإيمان بما يدعو إليه من إخلاص العبادة إلى الله تعالى وحده.
وتتفق الشائعة مهما اختلف الزمان والمكان في قبحها، وفي سوء مقاصد أصحابها، وفي تعمدهم إلحاق الأذى والسوء بغيرهم، إلا أنها تختلف في أسلوبها وفي وسائلها من زمان إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى، فقد كانت التجمعات هدفا لخلق الشائعة ونشرها، فيتناقل الركبان الشائعة وينقلونها، أما بالعصر الحديث فبات خُلق الشائعات ونقلها يحتاج لضغطة زر على شاشة الهاتف النقال لنقل الأخبار المزعومة والكاذبة لتنتشر في المجتمع انتشار النار في الهشيم.
«النيابة»: السجن 5 سنوات وغرامة 3 ملايين
شددت النيابة العامة على أنه يحظر إنتاج الشائعات التي من شأنها المساس بالنظام العام، أو إعدادها، أو إرسالها، أو تخزينها عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي. وأكدت أن عقوباتها تصل إلى السجن 5 سنوات، وغرامة 3 ملايين ريال، ونشر ملخص الحكم في الصحف على نفقة المحكوم، وذلك وفقا للمادة (6) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فيما تنص المادة (13) من النظام على مصادرة الأجهزة المستخدمة في الجريمة، وإغلاق الموقع الإلكتروني أو الحساب المستخدم أو مكان تقديم الخدمة متى كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم مالكه. ووفقاً للمادة (9) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فيعاقب كل من حرض أو ساعد أو اتفق على ارتكاب أي من الأفعال الجرمية آنفة الذكر بالعقوبة المقررة للفاعل الأصلي.
خبير ينصح: هذه الطريقة المثلى لكشفها
الباحث الأمني والخبير في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية محمد السريعي عرّف الشائعة بأنها أخبار ومزاعم يتناقلها أفراد المجتمع دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق به، وهي آفة تنخر في جسد المجتمع وتهدد أمنه وتجرمها الأنظمة. وكشفت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في 2018، أن الأخبار الكاذبة والشائعات تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي أسرع بكثير من الأخبار الحقيقية، وبررت الدراسة ذلك بقدرة هذا النوع من الأخبار الكاذبة أو المضلّلة على خلق مشاعر خوف أو اندهاش كبير لدى أفراد المجتمع فيزيدُ إقبال الناس على قراءتها ومشاركتها مع الآخرين، ومعظم الناس لا يتحققون من صحّة ما يصلهم من معلومات، ويُبادرون بمشاركتها على الفور الأمر الذي يؤدي إلى انتشارها بسرعة.
وبيّن السريعي أن انتشار الشائعة عبر الإنترنت ومن خلال التجمعات هو الأسرع عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي تعد مرتعاً خصبا للشائعة و ملجأ لمطلقيها، الذين يتعمدون اللجوء إليها لعدم وجود آليه لكشفها. وينبه السريعي أنه باستطاعة الفرد التحقق من عدم صحة الشائعة عبر التثبت من محتوى الرسالة وتحليلها والبحث عن المعلومة أو الخبر و مصدرها، قبل المبادرة بالنشر، وبالتالي تحمل عقباتها النظامية من عقاب وغرامة مالية وسجن.
وزاد السريعي الشخص العادي يستطيع كشف أي شائعة متداولة عبر تويتر أو منصات التواصل من خلال الدخول إلى ذلك الموقع ومشاهدة عدد المتابعين لهذه الصفحة، والتأكد من أنهم متابعون حقيقيون وليسوا مجرّد حسابات وهمية وما إذا كان موثقاً ويتبع جهة رسمية موثوق فيها من عدمه، ومتابعة الردود على الموضوع، كما يجب التثبت من رابط الموقع الذي نشر الخبر فيجب أن يكون معروفاً وموثقاً بـ «com.» أو «net.» أو الامتدادات المعروفة والرسمية، أما غير ذلك فهي في الغالب مواقع مشبوهة ومزورة.
الجهل لا يحمي من المسؤولية
الخبير الأمني اللواء متقاعد مسعود العدواني قال: إن القانون يجرّم من يروج الشائعات، ولا يشترط أن يكون الجاني على علم بكونها شائعة وما تحمله رسالته من معلومات كاذبة وغير صحيحة، أو أن يكون مدركاً لآثارها السلبية ومردودها على المجتمع، مجرد نقلها والترويج لها يعد مخالفة تستوجب العقاب.
وشدد العدواني على خطورة الشائعة على أمن الوطن واستقراره، مشيراً إلى مزاعم انتشرت الأيام الماضية منها وجود لائحة جديدة للمخالفات المرورية ورفع غرامة عدم لبس الكمامة إلى 10 آلاف ريال، وكلاهما غير صحيح ولم يصدر أي تعديل، فهناك جهات مختصة هي من تقر التعديل وأخرى للإعلان قبل التطبيق.