-A +A
لم يغب عن ذهن قيادات التعليم في بلادنا خطورة وأثر التطرف على وعي الأجيال وتداعياته السلبية على الانتماء الوطني، والمنجز الإنساني، ولم يكن مستبعداً أن تتبنى الوزارة من القرارات المبهجة المتوالية والمستمرة بقيادة وزيرها المُبادر الدكتور حمد آل الشيخ قراراً بقيمة وقامة مشروع وحدات التوعية الفكرية بجميع إدارات التعليم والجامعات، ما يؤذن بتعزيز قيم المواطنة والاعتدال والوسطية، بالتصدي لجميع أفكار التطرف والانحلال.

من المؤكد أن وزارة معنية برفد الناتج الوطني بالكوادر البشرية السوية آمنت بخطورة التطرف بكافة أشكاله وأزمة العنف باعتبارها تحتل محور معظم إشكالات العالم وصراعاته المستعرة حالياً، فجاء التوجه القائم على منهجية «لا إفراط ولا تفريط» ليعالج التزمت والتسيب بالحلول العملية القائمة على تفكيك الخطابات المأزومة والمشبوهة والمنحلة وتخليص النشء من براثن الأفكار المحتقنة التي لا صالح له فيها وليس معنياً بها ولا حلول عنده لها، كون الكثير من نوازع ودوافع العنف وسوء السلوك وتدني الأخلاق ناجم عن إضعاف البنى الاجتماعية والثقافية والسياسية، واستبدالها في زمن تولّى بالحواضن التاريخية والأدلجة المفضية إلى إحلال العنف والإرهاب محل الرقي والتسامح والاعتدال.


التطرف مصطلح إشكالي ومُلتبس كون المتطرف يعدّ أيّة قضية يعتنقها قضية مقدسة، وليس بالإمكان إبعاده عنها بالمنطق والنقاش. والإفراط والتفريط كلاهما مذموم شرعاً وعقلاً، وليست جميع المخاطر محصورة الأسباب في تطرف ديني، فالعنف الأُسري، والرافد الثقافي، والتحصين المجتمعي، ولّدت حالات وظواهر مؤسفة في ظل ما نسمع ونشاهد من القضايا والمشاهد التي تنقلها وسائل التواصل، وما تبرزه بعض مواقع ومنصات الميديا الحديثة من وجوه وتجليات تؤكد التأسيس الخاطئ في بعض محاضن التربية والتعليم عبر حقب ولّت لغير رجعة، ما يفرض تلبية حاجتنا لدعم كل ما له صلة بالعلوم الإنسانية، وتجفيف منابع الغلو، وبناء شخصيات وطنية سوية، تعتد بذاتها، وتعتز بدينها، وتعشق وطنها، وتحترم قياداته، وتفدي المقدرات بأرواحها، وتؤمن بالمعرفة طريقاً للتقدم، وتوظف أنوار الأديان لخدمة البشرية.

وما إبراز وزارة التعليم القواعد المنظمة لوحدات التوعية الفكرية في إدارات التعليم والجامعات، للعمل وفق استراتيجية محددة، وحوكمة إدارية منضبطة، إلا دليل توجه صادق نحو أداء أمانة وطنية بكل جدارة واقتدار إلا أنه لا غنى عن المتابعة الميدانية وفق آلية لرصد الجدية في التطبيق، كون البنيان لن يبلغ تمامه، إذا كنتَ تبنيه وغيرك يهدمُ.