-A +A
«عكاظ» (الرياض)

أكد المشرف على وحدة التوعية الفكرية في جامعة الملك خالد في أبها الدكتور مسفر الوادعي على أن صناعة الوعي ضرورة شرعية وطنية في ظل المستجدات العالمية المتسارعة ونشاط الجماعات الأيدلوجية والسياسية المتطرفة، التي تعصف بالعالم اليوم بين الفينة والأخرى، لافتاً إلى الحاجة إلى صناعة جيل وطني واع يمتلك عدداً من الأدوات والمهارات للتعامل مع التحديات المعاصرة، والعمل على صناعة الفرص في جوف الصعوبات، وتحويل المحن إلى منح مبهرة بغية تحقيق رقي وطني ونمو ذاتي ومجتمعي منافس على مختلف الأصعدة والمجالات.

وقال الوادعي: «قرار وزارة التعليم بإنشاء وحدات التوعية الفكرية في محاولة جادة لإعادة النظر في المنظومة التعلمية والتعليمية والتدريبية بمختلف مستويات التعليم العام والجامعي سعياً لتحقيق مضامين الرؤية الوطنية 2030م ممثلة في صناعة شخصية وطنية معتدلة تتسم بالأصالة والمعاصرة، والاعتزاز بالموروث الوطني والحضاري، والتعايش بين العالم بمختلف أطيافه وأيدلوجياته، ونبذ كل ما من شأنه العنف والتطرف والإرهاب الفكري والمادي».

وأضاف أن قرار إنشاء وحدات التوعية الفكرية منسجم مع الرؤية الوطنية 2030 في إبراز المكانة الحضارية والثقافية للمملكة العربية السعودية، والدور الريادي على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي في العناية بالمكون البشري وخصوصاً الشباب لما يمثلونه من نسبة إحصائية عالية من العدد الإجمالي للسكان بالمملكة، ولكونهم عماد الوطن وسر نهضته وبناة حضارته وحُلُم القيادة وخط الدفاع الأول عن المقدرات والممتلكات تأتي العناية الفكرية بالشباب لكونهم يمثلون أولوية ذات طابع خاص للقيادة الحكيمة لاتسامهم بالحماس والنشاط والرغبة في اكتشاف الجديد؛ وإذ ترتفع معدلات استهداف الجماعات المنحرفة لهم من خلال قنوات الإعلام الجديد بمختلف أشكالها في ظل غياب امتلاك الملكة التفكيرية النقدية لدى البعض منهم والتي تتطلبها المرحلة الحالية.

ودعا إلى صناعة الوعي الفكري بمفهوم يتجاوز تصحيح المفاهيم الفكرية المغلوطة وما يتعلق بها من تأثير سلبي على السلوك لتشمل العناية بكافة عناصر الوعي وأولها الوعي الشرعي وفقه نصوص الشريعة وفق مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، والتأكيد على مكانة العلماء وضرورة الرجوع إليهم في المدلهمات والفتن، والوعي الوطني بمقدرات الدولة وإمكانياتها وأنظمتها، والوعي الرقمي والتعامل مع المستحدثات التقنية، والوعي المالي وما يتعلق به من إدارة المصروفات والادخارالشخصي، والوعي الذاتي وما يتعلق به من اكتشاف الذات والتعرف على جوهرها وسبر أغوارها ففي أعماقها أسرار عظام وكنوز باهظة الأثمان.

وأكد على أهمية صياغة منظومة وطنية من الشراكات مع الجهات ذات العلاقة بما يحقق التكامل للعناية بالمكون البشري والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة لاسيما في ظل تأكيد الرؤية الوطنية على العمل المشترك وإذابة الحواجز الوهمية وفق ذهنية إدارية خلاقة، والعناية بتنمية مهارات التحليل والنقد وقراءة خفايا وبواطن النصوص لا الوقوف عند عتبات ظواهرها، فالنقد والتحليل بوابة التعلم الإيجابي ذي النفع والأثر، وبه تتمايز الأنظمة التعليمية إيجاباً وسلباً؛ ولذا فعلى العاملين بوحدات التوعية الفكرية في المقام الأول وزملائهم وزميلاتهم في المقام الثاني من خلال العناية بجيل اليوم ورجال الغد من خلال اكتشاف قدراتهم وتوجيهها نحو عالم الإبداع والصناعة والإنتاج ولنا في تراث سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى عبرة وعظة في ذلك.

وأشار إلى أهمية توفير البيئة الحوارية المحفزة للتعلم والتعليم والتدريب، التي تتيح للفرد التعامل مع المتغيرات بصورة صحيحة وإيجايبة، بتوجيه تربوي من الهيئة الأكاديمية والتعليمية إعمالاً للمصالح الشرعية المرعية، وتجنباً للمزالق والفتن، وحفاظاً على اللحمة الوطنية.