-A +A
محمد سعود (الرياض)mohamdsaud@
أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن بلاده لن تسمح بالإساءة للدول الشقيقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أن الحرية في العراق مكفولة، بينما التجاوزات في تلك المواقع يحكمها القضاء. وقال مصطفى الكاظمي في معرض رده لأسئلة «عكاظ» خلال اللقاء الإعلامي الذي شاركت فيه الشرق الأوسط والرياض أمس في العاصمة السعودية الرياض، أن حكومته أعطت الأولوية لتعزيز العلاقة مع المملكة، كونها تشكل عمقاً حقيقياً للعراق من خلال التشابك الثقافي والاجتماعي. وتابع قائلاً «كنت أسأل نفسي في الطائرة في طريقي للرياض حينما عبرت الحدود ظاهرة أم غريبة وتشابك واضح بالصحراء وبالحدود والبيئة، ولا تشعر أن هناك فرقاً بين البلدين، إضافة إلى التاريخ الطويل الذي يربط العراق بالسعودية عن طريق الثقاقة». وحول رؤيته للحركة التجارية بين البلدين قال الكاظمي «لا تزال الحركة التجارية عبر المنفذ الحدودي «جديدة عرعر» ليست بالمستوى الذي نتمناه، وسنعمل على تذليل العقبات، وتوفير ظروف النجاح في المنفذ، وسنعمل عليها ونتمنى أن يكون لدينا أكثر من معبر مع المملكة، كون تجربتها على صعيد الاستثمارات في التجارة والزراعة والصناعة ممتازة». وتابع الكاظمي: «نأمل أن تلعب المنافذ دوراً كبيراً في التبادل التجاري، فطموحنا أن يكون التبادل التجاري مع المملكة في مستويات وأرقام تخدم شعوب البلدين وتخدم ميزانيات العراق والمملكة، وسنعمل على تذليل التحديات، ويكون منفذ عرعر أفضل وأفضل».

الأخبار التحريضية أزمة أخلاقية


واعتبر الكاظمي أن الأخبار التحريضية في مواقع التواصل تعتبر أزمة أخلاقية، لافتاً إلى أن السعودية لها حضور حقيقي في الوجدان العراقي «عندما حصلت مباراة كرة القدم في مدينة البصرة بين السعودية والعراق، أُتهمت البصرة بأنها مدينة للمليشيات وطائفية، وشاهدنا كيف تم احتضان المنتخب السعودي، وكانت الهتافات تشجع المنتخب السعودي». وتابع قائلاً «وقتها كنت رئيس المخابرات في العراق، ولعبت دوراً حقيقياً في إقامة هذه المباراة، وحينما لعب المنتخب العراقي في جدة، لمسنا هذا التقارب أيضاً».

المستثمر السعودي محور اهتمامنا

ولفت إلى الدور الكبير الذي بذله مجلس التنسيق العراقي السعودي، خصوصاً أن هناك اهتماماً في العراق بالمستثمر السعودي، وقطاعات الصناعة بجميع مجالاتها في الزراعة والطاقة، مشدداً على أن العلاقة مع السعودية مميزة، من خلال عدد من المشاريع، وأبرزها الربط الكهربائي بين البلدين والاستثمار في الأراضي الزراعية القريبة من الحدود السعودية.

وتابع: «نحن ممتنون لما قدمته السعودية من مساعدات خلال الفترة الماضية، خصوصاً خلال فترة جائحة كورونا، وكذلك لا ننسى الهدية المعنوية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين بإنشاء ملعب كرة قدم».

وقال الكاظمي: «سعيد بوجودي مع دولة وقفت مع العراق خلال الفترات الماضية، ولم نشاهد منها إلا كل خير، والسعودية تستحق أن تكون تجربة، والتي أشاهد فيها وجوهاً شابة تقود البلد، وتوجد فيها تنمية واضحة، بينما العراق لا يزال يمسح نظام الحروب على مدى سنين».

ندعم مبادرة ولي العهد

وأضاف الكاظمي أنه يحيي مبادرة الشرق الأوسط الخضراء التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مؤخراً، ويدعم هذه المبادرة، وستعمل بلاده على التعاون معها، خصوصاً أن العراق وقع منذ أشهر على اتفاقية باريس في ما يخص البيئة، ولديها مشاريع تخص الطاقة. وأوضح أن العراق مر بظروف معقدة وصعبة، وتستحق من يقف معها ويعالج شأنها. وأضاف «كنت أتحدث مع رجال أعمال سعوديين في الماضي نسمع أن هناك نظامين في المنطقة أحدهما رجعية والآخر تقدمية، ودائماً أسأل نفسي إلى أين وصلت هذه الدول التي تسمى رجعية والتي توجد فيها تعليم ومدارس متقدمة ونظام صحي متطور، أما الأنظمة التقدمية وصلت إلى حروب أهلية مثل ما حصل في سوريا وليبيا والعراق، وأضاف «هذا يؤلم ويدمي القلب، هناك دماء بشر تحولت إلى مشاريع ضحايا».

وذكر الكاظمي أن العراق مر منذ 1958 وحتى الآن بحالات استثنائية توجت في 1963 بدماء في الشوارع عبر ما يعرف في الحرس القومي أنتجت وضعاً آخر في 1968 وحرباً آخر بين العراقيين أنفسهم، ثم الحرب العراقية الإيرانية، والغزو العراقي للكويت، ومن ثم ما حصل في ظروف العراق في عقوبات قاسية أنهت الطبقة الوسطى بين الشعب.

وأشار إلى أن أحداث ما بعد 2003 مرت ظروف وفقدان الثقة واكتشاف حجم المأساة التي مر فيها العراق، أنتجت نظاماً سياسياً هشاً، وحرباً طائفية وعدم طمأنينة وعدم مساواة بين الشعب، ما تسبب في حروب عبثية مرة أخرى جعلت العراقيين يعيشون نازحين أو لاجئين أو مغيبين، وكذلك الحرب على داعش أنتجت وضعاً جديداً في العراق من سلاح منفلت، موضحاً أن الانتخابات الأخيرة انتجت وضعاً اجتماعياً معقداً في العراق وعدم إقبال المواطنين في المشاركة في الانتخابات، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من الشباب العراقي دفع ثمن حياته كشهيد بما يعرف في ثورة تشرين نتيجة إصابات خطيرة، «تحملت المسؤولية في ظرف استثنائي بعد أن أصبح العراق أشبه بأنها دولة مارقة إلى دولة بها كثير من الأطراف السياسية تتصارع على نفوذ السلطة، كذلك وجود وضع استثنائي في العلاقة بين الولايات المتحدة والوضع في العراق، إضافة إلى انهيار في أسعار النفط في بلد يعتمد على النفط منذ التسعينات، حيث لم يكن هناك تصدير للنفط، وإنما عملية تهريب كانت تغذي الموازنة».

وأضاف أن الحكومة عملت على تذليل التحديات في علاقاتها الخارجية ونجحت خلال الفترة القصيرة بتكوين علاقات ممتازة مع أوروبا والولايات المتحدة وإيران وتركيا، والسعودية، مشيراً إلى أن العراق يبحث عن دور حقيقي للتهدئة بين الفرقاء.

وقال الكاظمي: «هناك صبغة في اعتقادي تحملها صدام حسين على الظاهرة الدينية في المجتمع العراقي، عبر إساءة صدام إلى الدين حينما قام بحملة إيمانية للهروب من هزيمته في حرب الكويت، وغيّر المفهوم القومي إلى ديني لكي يستغل الدين بطريقة بعيدة عن الأهداف السامية».

وأكد أن الحكومة العراقية تعمل على تحييد الجماعات المسلحة، ونجحت في ذلك، وتعمل على الاستفادة من تجارب الشعوب، من خلال تحييد السلاح وتحويله إلى إطار الدولة، وستعمل على بناء عراق جديد يشكل تكاملاً مع جيرانه.

العراق متسامح

واعتبر الكاظمي أن الأجواء في العراق متسامحة ومستعدة للتكامل، «ولهذا السبب أحث على أهمية النشاط السعودي والعراقي وتبادل النشاطات الثقافية التي تقرب الناس ووجهات النظر، وهناك بعض المثقفين السعوديين زاروا بغداد، والعكس كذلك».

إعادة ترتيب العلاقة مع واشنطنوعن الحوار الاستراتيجي مع أمريكا، قال الكاظمي: «هو إعادة ترتيب العلاقات العراقية الأمريكية، كون العراق في حاجة ماسة إلى تعاون استخباراتي أمريكي، ومساعدة قواتنا بتدريب قدراتها وكفاءاتها وقدراتنا القتالية، والحوار الاستراتيجي محاولة لإعادة ترتيب أولوية العلاقة الأمريكية، وكل واحد يفسر الحوار الاستراتيجي بحسب فهمه لطريقته الخاطئة، وفي الحقيقة هو تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية».

وأضاف: «إن الأزمات التي مر بها العراق بسبب تأخر أشقائنا في المملكة والدول العربية في الوصول للعراق، لاسيما أن الوجود العربي في العراق مهم جداً في دعم الاقتصاد، ومتأكد أن الوجود السعودي على الصعيد الاقتصادي والتعاون السياسي وتبادل وجهات النظر سيلعب دوراً كبيراً في استقرار المنطقة واستقرار العراق بكل تأكيد».

وأوضح أن العلاقات بين إقليم كردستان وبغداد تمر بعصرها الذهبي رغم كل التحديات، وعلاقته شخصياً مع الأكراد قوية وتربطه بهم علاقات تاريخية، وأشار إلى أنه قد تكون هناك التزامات مالية صابها نوع من الاجتهاد، «ونجحنا اليوم لأول مرة بسبب الجهد الذي قامت به الحكومة الاتحادية بتذليل موضوع الخلاف الدائم الذي يتكرر في الحكومة ألا وهو خلاف الموازنة».

عالجنا 51 ألف قضية فساد

وأوضح أن الحكومة منذ قدومها أسست لجنة لمكافحة الفساد والعمليات الخاصة، ونجحت خلال فترة قصيرة في معالجة 51 ألف مذكرة إلقاء قبض على العصابات، ومحاربة الفاسدين، مضيفاً: «سوء الإدارة خلال الفترة الماضية لم تقدم خطة لبناء الدولة».

وتابع: «العراق في عملية ديمقراطية فتية، وجيل بعد جيل تتغير الأمور، والديمقراطية تعتبر أفضل الأنظمة في الدول التي بها تعددية وثقافات متعددة، وأضاف «أعتقد أن التاريخ ومجريات الحياة ستحسم هذا السؤال ومتفائل جداً، وسيكون العراق في صعود ونزول وبالنتيجة ستنتصر الديمقراطية وستنتصر الدولة وسنعمل على بناء الدولة وأي مشروع خارج الدولة سيطرده المجتمع، والدولة تعمل على معالجته، ومتفائل رغم الظروف الصعبة».