سمع عامة السودانيين والمصريين أو من يطلق عليهم «أولاد النيل» اسم «سد النهضة» وخطره على شريان حياتهم في أيام حكم الإخوان لمصر، إذ تسبب خطأ تلفزيوني فادح في بث اجتماع سري جمع قيادات إخوانية على الهواء مباشرة، واعتذرت الرئاسة في اليوم التالي عن «الحرج غير المقصود» الذي خلفه بث تفاصيل اللقاء الذي حضره قادة أحزاب وممثلون عن القوى السياسية حول أزمة السد «الذي تعتزم» إثيوبيا إنشاءه على نهر النيل. واحتشد اللقاء المبثوث على الهواء دون قصد في يونيو عام 2013 بجملة من اللطائف الحزبية أطرفها دعوة «أيمن نور» إلى التأثير على الموقف الإثيوبي بالقوى الناعمة؛ مقترحا في هذا الشأن ابتعاث لاعب كرة القدم الشهير «أبوتريكة» لإثناء أديس أبابا عن فكرة تشييد السد!
بدأت الفكرة الإثيوبية في بناء السد عام 2009، وبدأ مساحوها في تمشيط الموقع وأنهوا التصميم بعد عام واحد، وفي نهاية عام 2011 أعلنت أديس رسميا عن بناء «سد الألفية» على النيل الأزرق قرب الحدود السودانية، واللافت في الأمر أن النظام الإخواني الحاكم في السودان -وقتذاك- لم ير في المشروع الجديد بأسا أو ضرا، على خلاف الموقف المصري الذي تنبه إلى التداعيات الخطيرة للسد على حياة المصريين. وظل ملف السد مسكوتا في أيام حكم التيار الإسلاموي في الخرطوم على خلاف الموقف الحالي، إذ شعرت السلطة الانتقالية الجديدة التي أعقبت حكم المخلوع البشير بخطورة السد الجديد على حياة 40 مليون سوداني يعيشون على الشريط النيلي من أقصى الجنوب حتى وادي حلفا في أقصى شمال البلاد، واستغل البشير أزمة السد لتوظيفها في الابتزاز السياسي والمناورة بمنأى عن المصالح الاستراتيجية، واتخذت وزارة الري السودانية وقتذاك موقفا مؤيدا لبناء السد المأزق، وأفرطت في مدح فوائده وخيراته مثل الحصول على الكهرباء بأسعار تفضيلية، ونجح البشير بأليات قمعه في إسكات كل الأصوات التي تناولت مخاطره وأضراره، وأعلن الدكتور أحمد بلال وزير إعلام البشير في مايو 2013 تأييد بلاده قيام سد النهضة، وأكد أن حصة كل من مصر والسودان من مياه النيل لن تنقص وأن فوائد كثيرة سيجنيها السودان، داعيا في الوقت نفسه إلى عدم إثارة أي شكل من أشكال الدخان في العلاقات بين الدول الثلاث.
بعد الإطاحة بالبشير، شعر السودانيون أن النظام المقتلع استخدم ملف السد في المناورة والالتفاف ومقايضته بملفات غير ذات أهمية، ووصل الموقف المضاد ذروته بعد الثورة إذ أعلنت الخرطوم لأول مرة أن الأرض التي أنشئ عليها السد الإثيوبي ملك للسودان وأنه منح إثيوبيا الأرض في عام 1902، بشرط عدم تدشين أديس أبابا أي منشآت مائية على نهر النيل دون موافقة الخرطوم. ومضى السودان أكثر من ذلك مؤكدا أنه قد يطالب باستعادة الأرض بسبب عدم إيفاء إثيويبا بتعهداتها بعدم إنشاء سدود على النهر دون موافقته، وهددت الخرطوم بتصعيد الملف إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة في حال إصرار أديس على الملء الثاني.
لم يتبق غير قليل من الوقت، أقل من 80 يوما على الموعد الذي حددته إثيوبيا لخطوتها الخطيرة، ومع العد التنازلي بدأت نذر الحرب تلوح في الأفق بين إثيوبيا وجارتي النيل، وبدت الخرطوم أكثر تشددا في معارضة الملء الثاني المهدد للإمداد الكهربائي والقطاع الزراعي، ما يعني خروج ملايين الأفدنة من الحقول والبساتين من الخدمة، وتوقف الشعراء السودانيين عن التغني بنهر العظيم.. قال السوداني، التجاني يوسف بشير في حب النيل:
أنت يا نيل يا سليل الفراديس
نبيل.. موفق.. في مسابك
ملء أو فاضك الجلال فمرحى
بالجلال المفيض من أنسابك
أما أحمد شوقي فذاب وجدا في النيل فأنشد:
مـن أَيّ عَهـد فـي القـرى تتدَفق؟
وبأَيِ كَف في المدائن تُغدِق؟
ومـن السماءِ نـزلتَ أَم فُجّـرتَ من
علْيـا الجنــان جـداولاً تـتَرقرق
إن السد الذي يختزن عشرات الملايين من أطنان المياه، تفيض عن حاجة إثيوبيا وتهدد مصر والسودان بالجفاف والعطش، وتضع الجارتين في مأزق شراء «المويه من حارة السقايين» كما يقول المثل الشعبي في أرض الكنانة، خصوصا أن إثيوبيا ألمحت بجلاء عن نيتها في بيع ما يفيض عن حاجتها من الماء لدولتي وادي النيل بالعملة الصعبة وهو أمر تعتبره القاهرة والخرطوم «خط أحمر» لن يسمح بتجاوزه، حتى لو دعا الحال إلى تدويل الأزمة أو تجرع الدواء المر حرب المياه بين جارات الوادي!
يقع السد في منطقة بني شنقول على الحدود السودانية
يبعد 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا
يمتد المشروع على مساحة 1800 كيلو متر مربع
يبلغ ارتفاعه 170 مترًا ليصبح بذلك أكبر سد في أفريقيا
السعة 74 مليار متر مكعب، وهي مساوية لحصتي الدولتين
بدأت الفكرة الإثيوبية في بناء السد عام 2009، وبدأ مساحوها في تمشيط الموقع وأنهوا التصميم بعد عام واحد، وفي نهاية عام 2011 أعلنت أديس رسميا عن بناء «سد الألفية» على النيل الأزرق قرب الحدود السودانية، واللافت في الأمر أن النظام الإخواني الحاكم في السودان -وقتذاك- لم ير في المشروع الجديد بأسا أو ضرا، على خلاف الموقف المصري الذي تنبه إلى التداعيات الخطيرة للسد على حياة المصريين. وظل ملف السد مسكوتا في أيام حكم التيار الإسلاموي في الخرطوم على خلاف الموقف الحالي، إذ شعرت السلطة الانتقالية الجديدة التي أعقبت حكم المخلوع البشير بخطورة السد الجديد على حياة 40 مليون سوداني يعيشون على الشريط النيلي من أقصى الجنوب حتى وادي حلفا في أقصى شمال البلاد، واستغل البشير أزمة السد لتوظيفها في الابتزاز السياسي والمناورة بمنأى عن المصالح الاستراتيجية، واتخذت وزارة الري السودانية وقتذاك موقفا مؤيدا لبناء السد المأزق، وأفرطت في مدح فوائده وخيراته مثل الحصول على الكهرباء بأسعار تفضيلية، ونجح البشير بأليات قمعه في إسكات كل الأصوات التي تناولت مخاطره وأضراره، وأعلن الدكتور أحمد بلال وزير إعلام البشير في مايو 2013 تأييد بلاده قيام سد النهضة، وأكد أن حصة كل من مصر والسودان من مياه النيل لن تنقص وأن فوائد كثيرة سيجنيها السودان، داعيا في الوقت نفسه إلى عدم إثارة أي شكل من أشكال الدخان في العلاقات بين الدول الثلاث.
بعد الإطاحة بالبشير، شعر السودانيون أن النظام المقتلع استخدم ملف السد في المناورة والالتفاف ومقايضته بملفات غير ذات أهمية، ووصل الموقف المضاد ذروته بعد الثورة إذ أعلنت الخرطوم لأول مرة أن الأرض التي أنشئ عليها السد الإثيوبي ملك للسودان وأنه منح إثيوبيا الأرض في عام 1902، بشرط عدم تدشين أديس أبابا أي منشآت مائية على نهر النيل دون موافقة الخرطوم. ومضى السودان أكثر من ذلك مؤكدا أنه قد يطالب باستعادة الأرض بسبب عدم إيفاء إثيويبا بتعهداتها بعدم إنشاء سدود على النهر دون موافقته، وهددت الخرطوم بتصعيد الملف إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة في حال إصرار أديس على الملء الثاني.
لم يتبق غير قليل من الوقت، أقل من 80 يوما على الموعد الذي حددته إثيوبيا لخطوتها الخطيرة، ومع العد التنازلي بدأت نذر الحرب تلوح في الأفق بين إثيوبيا وجارتي النيل، وبدت الخرطوم أكثر تشددا في معارضة الملء الثاني المهدد للإمداد الكهربائي والقطاع الزراعي، ما يعني خروج ملايين الأفدنة من الحقول والبساتين من الخدمة، وتوقف الشعراء السودانيين عن التغني بنهر العظيم.. قال السوداني، التجاني يوسف بشير في حب النيل:
أنت يا نيل يا سليل الفراديس
نبيل.. موفق.. في مسابك
ملء أو فاضك الجلال فمرحى
بالجلال المفيض من أنسابك
أما أحمد شوقي فذاب وجدا في النيل فأنشد:
مـن أَيّ عَهـد فـي القـرى تتدَفق؟
وبأَيِ كَف في المدائن تُغدِق؟
ومـن السماءِ نـزلتَ أَم فُجّـرتَ من
علْيـا الجنــان جـداولاً تـتَرقرق
إن السد الذي يختزن عشرات الملايين من أطنان المياه، تفيض عن حاجة إثيوبيا وتهدد مصر والسودان بالجفاف والعطش، وتضع الجارتين في مأزق شراء «المويه من حارة السقايين» كما يقول المثل الشعبي في أرض الكنانة، خصوصا أن إثيوبيا ألمحت بجلاء عن نيتها في بيع ما يفيض عن حاجتها من الماء لدولتي وادي النيل بالعملة الصعبة وهو أمر تعتبره القاهرة والخرطوم «خط أحمر» لن يسمح بتجاوزه، حتى لو دعا الحال إلى تدويل الأزمة أو تجرع الدواء المر حرب المياه بين جارات الوادي!
يقع السد في منطقة بني شنقول على الحدود السودانية
يبعد 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا
يمتد المشروع على مساحة 1800 كيلو متر مربع
يبلغ ارتفاعه 170 مترًا ليصبح بذلك أكبر سد في أفريقيا
السعة 74 مليار متر مكعب، وهي مساوية لحصتي الدولتين