تعد القرية معلماً سياحياً وزراعياً عامراً بالحياة وزراعة الموز والكادي.
تعد القرية معلماً سياحياً وزراعياً عامراً بالحياة وزراعة الموز والكادي.
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
كل من طرقت سمعه الأنباء عن قرية ذي عين التراثية في محافظة المخواة بمنطقة الباحة، سيعزو تاريخها إلى حكاية شفاهية لها نصيب من الحقيقة وكثير من المبالغات والإضافات، والذي قرأ ما وثّق بعض المختصين سيُلْحِق جانبها النظري بالأسطورة، والذي يقف على عين مائها، وشاهق بنيانها سيقتنع بأن ما يراه من شواهد ماثلة للعيان لها حقائق وجذور موغلة في ذاكرة الزمان والمكان دوّنها عملياً الكائن الإنساني المتوارث للبيت والوادي.

تبدأ الحكاية بعُمر القرية الذي لم يتفق الرواة عليه، فمن ذاهب إلى آلاف السنين، إلى مقتصد لا يقدّر عمرها بأكثر من خمسة قرون، إلى متوقف مكتف بعبارة (الله أعلم).


فيما تنطلق الأسطورة برواية متعددة الأسانيد عن رجل فقد عصاه المحشوّ تجويفها بالذهب بالقُرب من سد مأرب وبما آتاه الله من بصيرة مضى يتعقبها بحدسه تحت الأرض من جبل لواد ومن سهل لمرتفع ليدركها متوقفة وراء حجر صلد في واد بتهامة الباحة، ما دفعه لإبرام صفقة مع الأهالي يكون لهم بموجبها الماء الذي هو أثمن عندهم من كنوز الأرض، فيما يحق له تملّك ما يخرج من الدبل الذي حدد لهم مكان حفره، لتصل الحبكة الدرامية ذروتها بتدفق الماء بغزارة واندفاع العصا لتفقأ العين اليسرى لصاحب العصا.

لم ينته السرد بتطبيق الاتفاق بين بطل القصة والأهالي، إذ اشترط على من حضر، ألا يتبعوه، مؤكداً لهم أن الماء سيتبعه إلى أبعد نقطة من مزارعهم، إلا أنه بمجرد تحركه عنهم باتجاه المنحدر بضعة أمتار، هب أحدهم لذبحه والفوز بالعصا، وفي المكان الذي انتهت فيه حياة المبصّر توقّف جريان الماء، وأطلقوا عليه الحبس.

قسمة ماء ذي عين موزونة فيزيائياً بما يوحي بتقاطع نظام الري مع توزيع الماء في أزمنة الأسكندر المقدوني، إذ إن كميات ماء العين لا يفيض منها قطرة، فكلها تستوعب في الحيازات دون نقص أو زيادة، وكمية الماء تغذي بالري المزارع في ١٢ يوماً، وكانوا في السابق يحسبون طوف الماء بحبل مبلل بالسمن، ومعقود عقد، وبين كل عقدتين نصف متر تقريباً، وتشعل نار في الحبل فتسير شعلتها ببطء، بسبب دهن الحبل بالسمن، وتكون المسافة من عقدة إلى عقدة زمن السقيا لكل مزارع، وتعود الدورة مجدداً كل منتصف شهر.

ذي عين معلم سياحي وثقافي وزراعي عامر بالحياة وزراعة الموز والكادي وأسس الأهالي جمعية أهلية للإفادة من التنمية الراجعة للقرية.