نجوى قاسم
نجوى قاسم
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
ربما تتقبل النفوس صدمات الرحيل الفاجع إذا مرّ النبأ بموجات فلترة مرحلية متراخية، منها المرض، وفترات العلاج، وطول المعاناة مع المصحات، والتنويم في المستشفيات، إلا أن غياب الإعلامية العربية نجوى قاسم، كريستالة الإعلام وشمس الشاشة التي انطفأت دون إشعار مسبق، كان مفاجئاً، مخلّفة ذكريات تخلّدها كون مثلها لا تغيب.

وافت المنية نجوى قاسم منذ أكثر من عام، وظلت المراسلة الغائبة، الحاضرة بخوذتها في ساحات وميادين الصراع، وكأنها طلبت الموت في مظانه، وبؤره الساخنة، فأجّل القدر موعده لتتم من عمرها 52 عاماً، ولذا كان رحيلها صادماً لزملاء المهنة ورفاق الدرب، وتجللت غرف الأخبار بالسواد، وتناقل العشرات نبأ رحيلها بتأبين عفوي مؤثر، بحكم مآثرها ومنجزاتها وتغطياتها النوعية من أفغانستان إلى لبنان مروراً بالعراق، وإطلالتها عبر نشرات الأخبار والبرامج السياسية، وتسجيلها تميزاً طيلة 30 عاما في الإعلام، بنوعية المهمات الني خاضتها بدءًا من جحيم الحروب في لبنان وأفغانستان والعراق التي طاولها إبان تفجير مكتب العربية في بغداد جرح في يدها، وليس انتهاءً بسخونة نيران أحداث السياسة المتقلبة المزاج على مدار الساعة.


بدأت الراحلة عملها في تلفزيون المستقبل اللبناني منذ 1991، لمدة 11 عاماً، وانطلقت مع قناة العربية من عام 2003 مذيعةً ومراسلة ميدانية شاركت في مناسبات حدثية عدة. وعدّها إعلاميون مرجعية يعودون إليها للوقوف على معلومة سياسية أو حقبة تاريخية بحكم ثراء ثقافتها، وسعة قراءتها واطلاعها، ومهارتها الفريدة في كيفية تناول الأحداث، وكانت إعلامية مجتهدة ودؤوبة وشغوفة إلى آخر ساعة في يومياتها العملية، كما تمتعت بسرعة بديهة لافتة تخولها الانتقال السريع من سؤال لآخر دون ارتباك.

وتميزت بمهاراتها العالية في إدارة الحوارات التلفزيونية، بهدوء ومهنية عالية، ونالت عام 2006 جائزة أفضل مذيعة منحها المهرجان العربي الرابع للإعلام في بيروت، وإثر إعلان خبر وفاتها اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقعي «تويتر» و«فيسبوك»، إذ تصدّر نبأ رحيلها الحدث الأبرز، وتبادل زملاؤها ومحبوها مقاطع فيديو قديمة وأخرى حديثة تظهرها أثناء تقديمها برنامجها الحوار السياسي «حدث اليوم».

وتمنت الراحلة في آخر تغريدة لها على موقع «تويتر» أن يحفظ الله البلاد «العربية» وبالتحديد بلدها لبنان، وكتبت: «يا رب عام خير على الجميع يا رب يا رب، احفظ بلادنا وعينك على لبنان». وهي من مواليد السابع من شهر يوليو عام 1967 ببلدة جون في لبنان.