«من ينشأ في محيط يتنافس أفراده في طاعة الله يجد نفسه في هذا المضمار منذ أول لفتة واعية للحياة»، بهذه الالتفاتة روى الدكتور الشاعر محمود الحليبي مرحلة صيامه أيام الطفولة المبكرة، وهو في بحر 11ربيعاً، وقال لـ«عكاظ» لقد عشت زمناً كان الأطفال فيه يحلمون بالرجولة مبكراً، وكانت الرجولة تعني أن تكون كبيراً، وتفعل مثل الرجال في الطاعات؛ لذا وجدتني مثل أترابي أهيم في لذة الصيام التي كانت قد أشعرتنا بالمسؤولية الدينية والدنيوية ولله الحمد والمنة. وأضاف الحليبي: نعم لم تخلُ الأيام الأولى في تجربة الصيام من مجاهدة للنفس، ومن الانقطاع أحياناً، ثم إعادة المحاولة لكنها حقيقةً ضرب من ضروب إثبات الذات من جهة، ووجه مشرق لبيئة طيبة من جهة أخرى.
ويستذكر الحليبي: «كانت وجبتا الإفطار والسحور تجمعان أسرتنا الصغيرة في بيتنا بحي الكوت القديم (وسط مدينة الهفوف) على مائدة شاهدت فيها كرم أبي وحنان أمي، وكان أبرز أطباق الإفطار التمر واللقيمات والسمبوسة والهريس والمرق، وأما طبق السحور الرئيس فعادة ما يكون الأرز الحساوي أو الأبيض مع الإدام لحماً كان أو دجاجاً.
ويعود الحليبي لذلك الزمن الجميل قائلا: لم نكن نعرف السهر آنذاك، فالنوم في شهر رمضان كالنوم في سائر الشهور، إنما هي ساعة واحدة بعد صلاة العشاء والتراويح أو تزيد قليلاً نتسامر فيها ثم نخلد إلى النوم مستيقظين قبل أذان الفجر، وهنا يقفز في ذاكرتي مشهد أبوطبيلة المسحراتي، الذي يتجول في الحي قبل أذان الفجر، يضرب طبلته المعلقة على صدره أمام أبواب البيوت منادياً في الناس: أن أفيقوا لتناول وجبة السحور. أما القرآن الكريم -والحديث ما زال للحليبي- فكان ولا يزال ماء الأرواح وزاد النفوس التواقة لرحمة الله ورضوانه، وما أجمل أن ينشغل الجميع بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار في هذا الشهر الكريم، وكنا نجتمع حول من يختمه لننصت لدعاء الختم ونؤمّن عليه في حلقة أسرية مهيبة؛ أما اليوم فزادت النعم وتنوعت الطاعات وتيسرت وسائلها والحمد لله أولاً وآخراً.
ومما قلته في استقبال شهر رمضان:
أهلا بعَوْدِكَ سيدَ الأزمانِ
يا مسرحَ الصلواتِ والقرآنِ
أقبلتَ فانتفضتْ صحاري وحشتي
وشدا لغيثكَ خافقي ولساني
انشر ضياءكَ يا أميرَ شهورنا
وامسح بجودِكَ عتمةَ العصيانِ
يا روعةَ الأيامِ بين يديكَ كم
في حضنها من متعةٍ وحنانِ
رمضانُ في كفيكَ أعذبُ شَربةٍ
تاقتْ إليها مهجةُ الظمآنِ!
ويستذكر الحليبي: «كانت وجبتا الإفطار والسحور تجمعان أسرتنا الصغيرة في بيتنا بحي الكوت القديم (وسط مدينة الهفوف) على مائدة شاهدت فيها كرم أبي وحنان أمي، وكان أبرز أطباق الإفطار التمر واللقيمات والسمبوسة والهريس والمرق، وأما طبق السحور الرئيس فعادة ما يكون الأرز الحساوي أو الأبيض مع الإدام لحماً كان أو دجاجاً.
ويعود الحليبي لذلك الزمن الجميل قائلا: لم نكن نعرف السهر آنذاك، فالنوم في شهر رمضان كالنوم في سائر الشهور، إنما هي ساعة واحدة بعد صلاة العشاء والتراويح أو تزيد قليلاً نتسامر فيها ثم نخلد إلى النوم مستيقظين قبل أذان الفجر، وهنا يقفز في ذاكرتي مشهد أبوطبيلة المسحراتي، الذي يتجول في الحي قبل أذان الفجر، يضرب طبلته المعلقة على صدره أمام أبواب البيوت منادياً في الناس: أن أفيقوا لتناول وجبة السحور. أما القرآن الكريم -والحديث ما زال للحليبي- فكان ولا يزال ماء الأرواح وزاد النفوس التواقة لرحمة الله ورضوانه، وما أجمل أن ينشغل الجميع بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار في هذا الشهر الكريم، وكنا نجتمع حول من يختمه لننصت لدعاء الختم ونؤمّن عليه في حلقة أسرية مهيبة؛ أما اليوم فزادت النعم وتنوعت الطاعات وتيسرت وسائلها والحمد لله أولاً وآخراً.
ومما قلته في استقبال شهر رمضان:
أهلا بعَوْدِكَ سيدَ الأزمانِ
يا مسرحَ الصلواتِ والقرآنِ
أقبلتَ فانتفضتْ صحاري وحشتي
وشدا لغيثكَ خافقي ولساني
انشر ضياءكَ يا أميرَ شهورنا
وامسح بجودِكَ عتمةَ العصيانِ
يا روعةَ الأيامِ بين يديكَ كم
في حضنها من متعةٍ وحنانِ
رمضانُ في كفيكَ أعذبُ شَربةٍ
تاقتْ إليها مهجةُ الظمآنِ!