تزخر محافظة البدع، غرب منطقة تبوك (220 كم)، بكمٍّ من الآثار الموحية بعمق علاقة الحضارات بهذه الأرض، واشتهرت البدع بواحة مثلت مركز التقاء حضارات، وتقاطع طرق التجارة، ما بين البتراء عاصمة الأنباط، وميناء (عينونا) على البحر الأحمر، وبين الجزيرة العربية، والميناء أشهر موانئ مملكة الأنباط، وتُعرف واحة البدع تاريخياً باسم (مدين) وتتوسط وادي عفول أو عفال، وتتميز بأرضها الزراعية الخصبة ووفرة الماء، وبها مغارات شعيب الواقعة جنوبي البدع، وبها أضرحة أثرية واجهاتها منحوتة بالصخر الرملي، ويعود تاريخها إلى الفترة النبطية وتنسب إلى النبي شعيب نبي أهل مدين المعاصر لموسى عليه السلام، وحفرت المغارات في الواجهات الصخرية على هيئة كهوف مربعة، وزخرفتها آشورية بنمط (خطوة الغراب) المؤلفة من صف ومن صفين مثبتة بشكل أفقي في الثلث العلوي أو في أعلى الواجهة، ويعلو مدخل الواجهات إفريز أو عتبة أفقية بارزة، وتحيط بالمدخل دعامتان يعلوهما تاجان نبطيان على هيئة مثلث، وعُثر بين أضرحتها على كسر الفخار النبطي الرقيق، وتأتي المالحة في مرتبة تالية وتقع شرق مغارات شعيب، وحولها تلال أثرية كبيرة تنتشر عليها بقايا أساسات وجدران بناء نبطي شيد من الحجارة الجيرية المنحوتة بدقة وعناية، وتعد المنطقة السكنية المعاصرة لحقبة نحت الأضرحة المجاورة المعروفة، وتجاورها الملقطة، وهي تلال أثرية تقع على الضفة الشرقية لوادي عفال في مقابلة موقع المالحة، ويحيط بالتلال سور من اللبن على أساس حجري وتجاورها بركة مبنية بالحجر، وتنتشر على هذه التلال أنواع عدة من كسر الفخار والزجاج الإسلامي، وعثر على سطحها عملات من العصر الفاطمي، ويمثل هذا الموقع بقايا البلدة الإسلامية التي كانت عامرة بواحة مدين خلال الفترة الممتدة من القرن الأول إلى الخامس الهجري، وبئر السعيدني وعُرفت في المصادر الإسلامية باسم مغارة شعيب وبئر موسى، وهي بئر نبطية منحوتة في الصخر، ولها درج منحوت بداخلها ينزل إلى مستوى مائها، وتجاورها برك وقناة ماء تؤدي إلى بركة كبيرة، وكشف فريق سعودي فرنسي مشترك عن آثار تعود إلى فترة سبعة آلاف عام، ونقوش آرامية تعود إلى القرن الرابع الميلادي، وقلعة تطل على واحة البدع مبنية من كتلة حجرية متوسطة تعود للفترة النبطية، إضافة إلى قطع أثرية فخارية تعود لفترة الممالك العربية الشمالية، والفترة الإسلامية، مع ازدهار طريق الحج المصري ومروره بالموقع.