-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
كلما عثر الإنسان في منطقة من وطنه على لُقى وأحافير ونقوش وقرى مطمورة تجددت صلته الإنسانية وتوثقت علاقته بأسلافه ممن أسسوا البنيان الأول قبل ملايين الأعوام، وبذلك تتعزز معطيات الربط الحضاري بين ماض تليد وحاضر مجيد.

ومنطقة جازان زاخرة بالعديد من المواقع الأثرية، والبقايا التاريخية، والمعالم الجغرافية اللافتة وأنها (سلّة حضارات) لحقب زمنية أثيرة بعطائها ومنجزها، وأثرت التاريخ القديم سياسياً وثقافياً وحضارياً واقتصادياً لتغدو جازان بسعة مساحاتها وسعة ثقافة واطلاع ناسها، وتعد بيئاتها من سهل وجبل وواد وبحر متحفاً كبيراً ومسرحاً إبداعياً مغرياً بالتواصل والحوار والاستثمار، وبناء جسور تفاعل مع مدن وبلدات تفشي أسرار الفُل كل مساء، وتحصي ما لا يحصى من كفاح واجتهاد آباء وأبناء عاطرة ذكرياتهم على جدران ما قاوم صلافة الطبيعة واحتفظ بكبريائه في وجه عوامل التعرية لتشد الزائر بيوتها الأثرية وقلاعها الحربية، ومساجدها التاريخية، وشواهدها الشاخصة والمتوارية خوفاً من عبث يطال كتابات ونقوش وزخرفات فاتنة.


ومن خلال حفريات بعثات آثارية في مركز السهي تم اكتشاف كميات كبيرة من القطع الفخارية مثل السلطانيات مختلفة الحجم والشكل، والأواني غير العميقة ذات الأرجل الثلاثة، وعدد من الجرار المتنوعة، والأواني والفناجين، وعدد من الرحى الحجرية، وأوكسيد الحديد الطبيعي، ما يؤكد امتداد تاريخ (السهي) إلى الألف الثاني.

ومن المواقع الأثرية بجازان مدينة (عثر) التاريخية الواقعة غرب محافظة صبيا على ساحل البحر الأحمر ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، باعتبارها أبرز أسواق العرب المشهورة ولا تزال أطلالها شاهده.

وفي وسط جازان (قلعة الدوسرية)، وعلى مقربة من أبي عريش (جازان العليا) وورد ذكرها في أحداث القرن الرابع الهجري ولا تزال آثار مبانيها وأسوارها ماثلة للعيان إلى يومنا، فيما احتفظت (المنارة) الواقعة بين بلدتي الريان والكواملة في وادي جازان بشيء من عبق القرن السادس الهجري.

وتتبوأ (الخصوف) الواقعة على وادي خلب مكانتها منذ ماقبل الإسلام وتعرف محليا بمهد الحصون وشيدت على جبل صغير، وتعد (الشرجة) مدينة أثرية على ساحل البحر الأحمر قبالة بلدة الموسم ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الهجري.

وتزخر محافظة فيفا باﻵثار والنقوش الفرعونية والحميرية، وسبق أن عثر في الجوّة على تمثال فرعوني، ويضم وادي مطر الواقع جنوب جزيرة فرسان أطلالا ذات صخور كبيرة عليها كتبات حميرية، وبقايا أحجار تشبه إلى حد كبير الأعمدة الرومانية.

وقل ما تخلو محافظة أو مركز من أثر أو معلم أو حكاية تدلل على أن جازان منطقة استيطان حضاري، إضافة إلى أسواقها واحتفاظ بعض المتخصصين بالمقتنيات الأثرية منها (أسهم) تعود للعصر الحجري، وهراوات حجرية، وأدوات فخارية يعود بعضها بمقارنته مع مقتنيات متاحف عالمية إلى أكثر من (3000) سنة قبل الميلاد.