علمت «عكاظ» بصدور قرار وزير الداخلية بتصحيح الرسم الإملائي لمسميات بعض المراكز التابعة لإمارة منطقة عسير، التي سبق وخاطبت اللجنة العلمية بجامعة الملك خالد بهذا الخصوص، وهي مراكز بللسمر وبللحمر وتهامة بللسمر وبللحمر وحوراء بللسمر، وأصبح المسمى الجديد بلّسمر وبلّحمر، على أن يتم تعديل الكلمتين في الهوية الوطنية وشهادة الميلاد وبطاقة سجل الأسرة، والمناصب، ومشايخ القبائل واللوحات الإرشادية.
وقال أستاذ الدراسات العليا العربيّة بجامعة أم القرى الدكتور ظافر بن غرمان العمري: بنو الأسمر، وبنو الأحمر، قبيلتان من رجال الحجر، ويقع الخطأ اللغوي في اسميهما كثير من الناس من جهتين: 1-رسم الكلمة، إذ يرسمها بعضهم بلامين «بللسمر، وبللحمر»، وهو خطأ، ومخالف لما عليه أهل العلم، فالصحيح كتابتها بلام واحدة مشّددة. إذ ليس فيهما لامان لا في أصل اللفظ مفرداً «الأسمر، والأحمر»، ولا بعد إدغام بنو أو بني فيهما. فكل منهما أصله لام واحدة أدغمت فيها نون «بنو». فإقحام اللام الثانية تجاوز، وخلاف للصواب.
ونقل سيبويه في «بني العنبر، وبني الحارث» قولهم «بلعنبر، وبلحارث، قال سيبويه: حذفوا النون، وكذلك يفعلون بكل قبيلة يظهر فيها لام المعرفة، وقد رسمها سيبويه «بلحارث، وبلعنبر». والتغيير الذي وقع للفظي «بلّسمر، وبلحمر».
وأبدى باحث الدكتوراه بقسم اللغويات بجامعة الملك خالد رياض الأسمري اعتراضه على فتوى مجمع اللغة العربية بمكة قائلاً: لا أوافق على مضمون ما طرحته هذه الفتوى، ليس لأنها خالفت - رأيي المتواضع - بل لأنها خالفت عدداً من المعتبرات المهمة:
١- إقحام كلمة (آل) بين كلمة (بنو) وكلمة (الأسمر) هو إقحام غير مبرر، وما دام أن كلمة (بنو) بمعنى (آل) فما الداعي لافتراض وجودها أصلاً، وعدم التقدير أولى من التقدير كما يقال، ثم إن هذا التقدير مؤثر حقيقي في تقرير المسألة وفيه مصادرة على المطلوب - كما يقول المناطقة - من خلال افتراض فرض ما للوصول لنتيجة معينة والقفز الحكمي بعد ذلك للوصول لكتابة الكلمة بلامين بغير مبرر صحيح أو مسلم به.
٢- مثيلات هذه الكلمة في تراثنا اللغوي (بلعنبر، بلحارث) لم تشر إلى وجود هذا الأصل (آل) عند تقرير المسألة فهم يقولون أصل بلعنبر (بنو العنبر) وأصل بلحارث (بنو الحارث).
٣- الواقع اللغوي المنطوق لهذه الكلمة يُظهر أحياناً هذا الأصل على ألسنة الناطقين الأصليين - بالدارج المحكي - فيقال: (حن بني الأسمر، رجال بني الأسمر..) ولم أسمع من قال بهذا الأصل المتكلف أبداً: بني آل الأسمر.
٤- أكثر الخلط في هذه المسألة سببه أن الدارسين - من خارج المنطقة - لا يدركون طبيعة الاتصال بين المنطوق والمكتوب لهذه الكلمة، لأن العلاقة بينهما علاقة تكاملية فالمنطوق السليم يضبطه المكتوب الصحيح كما ينطقه السكان الأصليون في المنطقة، وتقرير المسألة بعيداً عن هذا الاعتبار خطأ منهجي فادح وغير مقبول، وعليه فإن الصحة اللغوية لكلمة «بلّسمر» تقتضي كتابتها بلام واحدة مشدّدة.
وعقّب عليهما الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى الدكتور إبراهيم السروي قائلاً: من وجهة نظري: أن المجمع بنى على ماظهر له من أصل وهو (بنو آل الأسمر)، والدكتور رياض بنى على أصل ظهر له بأن (بنو تساوي آل).
ولأن الأصل كما أشار الدكتور رياض يفرق في تقرير الإجابة، وقد أشار إلى ذلك، والخلاصة: أن كل فريق ظهر له أصل للكلمة، ونتيجة لاختلاف الأصل اضطربت الكلمة بين (بللسمر - بلّسمر)، وهذا يدفع إلى تقرير أصل الكلمة أولا، وإبداء الرأي فيه، حيث قررت اللجنة بالإجماع أن الصواب كتابتها بلام مشدّدة «بلَّسمر» وتفسير ذلك: أن أصله: «بنو الأسمر» أي أنه اسم مركب من «بنو» واسم العلم الأسمر، ولما كانت أسماء القبائل مما يكثر دوراتها على الألسن استثقلت كثير من بیئات جزیرة العرب منذ القدم بقاء هذه الأسماه مركبة من «بنو» واسم العلم بعدها، فجنحت إلى تخفيفها فحذقت النون والواو من «بنو» وحذفت همزة الوصل التي قبل لام التعريف من الاسم بعدها فاتصلت الباء بلام التعريف مباشرة، أما اللام في «الأسمر» وما شاكلها في لهجات منطقة عسير وفي غيرها من البيئات اللهجية فمتحركة وليست ساكنة.
تجدر الإشارة إلى أن ما قيل في كتابة اسم «بلّسمر» ينطبق تماما على كتابة اسم «بلّحمر».