غيرّت جائحة كورونا وتطعيماتها الصورة النمطية السائدة عن مصحة «المروستان» في الطائف، وأضحى المشفى المخصص للمرضى النفسيين وجهة لمئات الأهالي الذين كانوا ينأون عن الاقتراب منه على خلفية ارتباطه بمرضى من نوع خاص يتولى علاجهم أطباء من نوع خاص!
واكتسب شهار اسم «مورستان»، وتعني مكان بقاء المريض، وشيدت المصحة قبل نحو 5 عقود كأول مشفى للنفسيين مع 21 مشفى و99 عيادة في مدن ومحافظات السعودية، لكن شهار اكتسب الشهرة أكثر من غيره بسبب المخاوف التقليدية التي ارتبطت ظلماً بالمرضى النفسيين، قبل أن يتحول شهار اليوم إلى واحة مطمئنة لراغبي تلقي لقاح فايروس كورونا، فعادت مصحة الطائف تنبض بالحياة مجدداً، لتستقبل مئات من المراجعين الذين كانوا يسمعون عنها ولم يروها.
على المدخل الرئيسي، قسم تجربة المراجع، وتسجيل الراغبين في الحصول على اللقاح، والأمر لا يستغرق أكثر من عشر دقائق، إذ يبذل منسوبو المستشفى والكوادر الطبية بقيادة مديره الدكتور فريد المالكي جهوداً كبيرة لاستقبال متلقي جرعات لقاح كورونا.
أكثر من 85 موظفاً وموظفة وعدد من المتطوعين
ويعمل في مركز اللقاح بـ«شهار» أكثر من 85 موظفاً وموظفة وعدد من المتطوعين لخدمة ٨٥٠ زائراً يومياً في 3 قاعات مخصصة لانتظار المراجعين ومسارات مخصصة لكبار السن وغرف لتطعيم ذوي الإعاقة، فيما يتولى آخرون قياس رضا المستفيدين وتلقي ملاحظاتهم.
ويستعرض أخصائي الطب النفسي الدكتور هاني القثامي تاريخ مصحة شهار ويقول إنه منذ نحو ٦٠ عاماً قرر المسؤولون إنشاء مستشفى الصحة النفسية بالطائف ليكون حجر الأساس للطب النفسي، وخلال تلك السنوات مر الطب النفسي بمراحل عدة، أزهاها وأجمل فصولها كان في الفترة الأخيرة، والتي ساهمت فيها العديد من العوامل كتطور الأدوية النفسية ما ساهم في رفع مستوى الفاعلية، إلى جانب قلة الأعراض الجانبية، وتغير نظرة المجتمع للطب النفسي وإدراك أهميته، وأخذ مستشفى شهار على عاتقه إظهار صورة الطب النفسي كما ينبغي من خلال الدورات والمحاضرات التوعوية وتدريب الأطباء ببرنامج الطب النفسي.
ويرى الدكتور القثامي أن هذه الجهود انعكست بشكل جلي وواضح على وعي المجتمع وثقته بالمستشفى والعدد المتزايد للمراجعين بالعيادات الخارجية والطوارئ خير دليلٍ على ذلك، يوازيه العديد من النماذج التي تثلج الصدر ممن تلاشت معاناتهم بجهود العاملين. ويؤكد الأخصائي الاجتماعي خالد راجح تطور النظرة الإيجابية للمستشفيات النفسية في السنوات الأخيرة نتيجة تطور الثقافة العامة ونمو المعرفة الطبية، فأصبح هناك إدراك لما حدث من تطور في الميدان النفسي مثل تحديث العقاقير الطبية، كما تبين أن هناك علاقة لبعض الأمراض الجسدية بالمرض النفسي، فأصبح هناك من يحتاج إلى استشارات للتعامل مع ضغوط الحياة، وتوسعت الخدمات لتشمل جميع مراحل النمو، كما زادت التخصصات للتعامل مع مختلف المشكلات النفسية، ولم ينشأ هذا المنحنى عفوياً بل باهتمام شامل للتعامل مع الأمراض من منظور الطب المجتمعي، كما لا يمكن إغفال اهتمام الدولة بكل ما يحقق سعادة المجتمع والارتقاء بالخدمات المقدمة له على كافة المستويات ما انعكس إيجاباً على مستشفى الصحة النفسية في الطائف.
هل خفتت الوصمة الاجتماعية.. أخصائي يجيب
يتساءل أخصائي أول علم النفس ماجد مطر الهذلي، هل خفتت الوصمة النفسية التي كانت تصاحب المريض النفسي وتقلق المعالج؟ ويضيف: تعلمت أن السلوك البشري ظاهرة معقدة ليس بالسهولة فهمها وإطلاق الأحكام عليها دون منهج علمي يبين الوقائع ويحاول تفسيرها، ولعلنا نقدح زناد الباحثين لسبر أغوار هذا السؤال هل خفتت الوصمة النفسية؟
يضيف الهذلي أنه من خلال العمل العيادي ومشاركة الأطباء نلاحظ ازدياد أعداد طالبي المساعدة النفسية، وقد يكون لبرامج التوعية التي يتبناها «شهار» دور مهم في إبراز أهمية طلب المساعدة النفسية، ومن العوامل أيضا الاهتمام الملحوظ بالوصول لطالب المساعدة وتوفير الخدمات الإلكترونية ما أسهم في إطفاء جذوة الوصمة النفسية. وهناك عوامل قد تكون حجر الزاوية في الرقي بالخدمات النفسية وهي الاهتمام بالثراء المعرفي والتحصيل العلمي للممارسين عبر إلحاق العديد منهم بالدورات النوعية والبرامج التعليمية على مستوى الدراسات العليا، إذ يضم قسم الخدمة النفسية بالمستشفى اثنين من حملة الدكتوراه وهناك ستة ملتحقون ببرامج الدراسات العليا. ويعتقد الهذلي أن التوسع في العيادات النفسية قد يكون أحد العوامل الفعالة، إذ يوجد بالمستشفى ست عيادات للعلاج النفسي غير الدوائي وعيادة للقياس النفسي، وكل هذه العوامل مجتمعة ساعدت على إذابة جبل الجليد حول الوصمة، ومن المؤكد أن هناك أسباباً كثيرة منها ما يتعلق بالممارس وطالب المساعدة، ومنها ما يتعلق بالممارسة والمنشأة، ولكن مهما كانت الأسباب، فإن التغيير الحاصل إيجابي ومفرح، ونحن بحاجة لدراسات تبين أسباب التغيير، وتمدنا بالمعلومات التي تساعدنا على المحافظة على هذه المكاسب.
واكتسب شهار اسم «مورستان»، وتعني مكان بقاء المريض، وشيدت المصحة قبل نحو 5 عقود كأول مشفى للنفسيين مع 21 مشفى و99 عيادة في مدن ومحافظات السعودية، لكن شهار اكتسب الشهرة أكثر من غيره بسبب المخاوف التقليدية التي ارتبطت ظلماً بالمرضى النفسيين، قبل أن يتحول شهار اليوم إلى واحة مطمئنة لراغبي تلقي لقاح فايروس كورونا، فعادت مصحة الطائف تنبض بالحياة مجدداً، لتستقبل مئات من المراجعين الذين كانوا يسمعون عنها ولم يروها.
على المدخل الرئيسي، قسم تجربة المراجع، وتسجيل الراغبين في الحصول على اللقاح، والأمر لا يستغرق أكثر من عشر دقائق، إذ يبذل منسوبو المستشفى والكوادر الطبية بقيادة مديره الدكتور فريد المالكي جهوداً كبيرة لاستقبال متلقي جرعات لقاح كورونا.
أكثر من 85 موظفاً وموظفة وعدد من المتطوعين
ويعمل في مركز اللقاح بـ«شهار» أكثر من 85 موظفاً وموظفة وعدد من المتطوعين لخدمة ٨٥٠ زائراً يومياً في 3 قاعات مخصصة لانتظار المراجعين ومسارات مخصصة لكبار السن وغرف لتطعيم ذوي الإعاقة، فيما يتولى آخرون قياس رضا المستفيدين وتلقي ملاحظاتهم.
ويستعرض أخصائي الطب النفسي الدكتور هاني القثامي تاريخ مصحة شهار ويقول إنه منذ نحو ٦٠ عاماً قرر المسؤولون إنشاء مستشفى الصحة النفسية بالطائف ليكون حجر الأساس للطب النفسي، وخلال تلك السنوات مر الطب النفسي بمراحل عدة، أزهاها وأجمل فصولها كان في الفترة الأخيرة، والتي ساهمت فيها العديد من العوامل كتطور الأدوية النفسية ما ساهم في رفع مستوى الفاعلية، إلى جانب قلة الأعراض الجانبية، وتغير نظرة المجتمع للطب النفسي وإدراك أهميته، وأخذ مستشفى شهار على عاتقه إظهار صورة الطب النفسي كما ينبغي من خلال الدورات والمحاضرات التوعوية وتدريب الأطباء ببرنامج الطب النفسي.
ويرى الدكتور القثامي أن هذه الجهود انعكست بشكل جلي وواضح على وعي المجتمع وثقته بالمستشفى والعدد المتزايد للمراجعين بالعيادات الخارجية والطوارئ خير دليلٍ على ذلك، يوازيه العديد من النماذج التي تثلج الصدر ممن تلاشت معاناتهم بجهود العاملين. ويؤكد الأخصائي الاجتماعي خالد راجح تطور النظرة الإيجابية للمستشفيات النفسية في السنوات الأخيرة نتيجة تطور الثقافة العامة ونمو المعرفة الطبية، فأصبح هناك إدراك لما حدث من تطور في الميدان النفسي مثل تحديث العقاقير الطبية، كما تبين أن هناك علاقة لبعض الأمراض الجسدية بالمرض النفسي، فأصبح هناك من يحتاج إلى استشارات للتعامل مع ضغوط الحياة، وتوسعت الخدمات لتشمل جميع مراحل النمو، كما زادت التخصصات للتعامل مع مختلف المشكلات النفسية، ولم ينشأ هذا المنحنى عفوياً بل باهتمام شامل للتعامل مع الأمراض من منظور الطب المجتمعي، كما لا يمكن إغفال اهتمام الدولة بكل ما يحقق سعادة المجتمع والارتقاء بالخدمات المقدمة له على كافة المستويات ما انعكس إيجاباً على مستشفى الصحة النفسية في الطائف.
هل خفتت الوصمة الاجتماعية.. أخصائي يجيب
يتساءل أخصائي أول علم النفس ماجد مطر الهذلي، هل خفتت الوصمة النفسية التي كانت تصاحب المريض النفسي وتقلق المعالج؟ ويضيف: تعلمت أن السلوك البشري ظاهرة معقدة ليس بالسهولة فهمها وإطلاق الأحكام عليها دون منهج علمي يبين الوقائع ويحاول تفسيرها، ولعلنا نقدح زناد الباحثين لسبر أغوار هذا السؤال هل خفتت الوصمة النفسية؟
يضيف الهذلي أنه من خلال العمل العيادي ومشاركة الأطباء نلاحظ ازدياد أعداد طالبي المساعدة النفسية، وقد يكون لبرامج التوعية التي يتبناها «شهار» دور مهم في إبراز أهمية طلب المساعدة النفسية، ومن العوامل أيضا الاهتمام الملحوظ بالوصول لطالب المساعدة وتوفير الخدمات الإلكترونية ما أسهم في إطفاء جذوة الوصمة النفسية. وهناك عوامل قد تكون حجر الزاوية في الرقي بالخدمات النفسية وهي الاهتمام بالثراء المعرفي والتحصيل العلمي للممارسين عبر إلحاق العديد منهم بالدورات النوعية والبرامج التعليمية على مستوى الدراسات العليا، إذ يضم قسم الخدمة النفسية بالمستشفى اثنين من حملة الدكتوراه وهناك ستة ملتحقون ببرامج الدراسات العليا. ويعتقد الهذلي أن التوسع في العيادات النفسية قد يكون أحد العوامل الفعالة، إذ يوجد بالمستشفى ست عيادات للعلاج النفسي غير الدوائي وعيادة للقياس النفسي، وكل هذه العوامل مجتمعة ساعدت على إذابة جبل الجليد حول الوصمة، ومن المؤكد أن هناك أسباباً كثيرة منها ما يتعلق بالممارس وطالب المساعدة، ومنها ما يتعلق بالممارسة والمنشأة، ولكن مهما كانت الأسباب، فإن التغيير الحاصل إيجابي ومفرح، ونحن بحاجة لدراسات تبين أسباب التغيير، وتمدنا بالمعلومات التي تساعدنا على المحافظة على هذه المكاسب.