البريطانية ليليانا جاكسون مصابة بكوفيد المزمن.
البريطانية ليليانا جاكسون مصابة بكوفيد المزمن.
-A +A
«عكاظ» (بروكسل، لندن) OKAZ_online@
أثار اكتشاف الباحثين في بلجيكا وفاة امرأة في العقد التاسع من عمرها بعد إصابتها بسلالتين فايروسيتين في آن واحد هلعاً واسعاً في العالم، حيال المخاطر التي تنطوي عليها الحرب ضد وباء كوفيد-19. وأشار تقرير قدم (السبت) أمام مؤتمر الأحياء الدقيقة الإكلينيكية والأمراض المُعدية، في العاصمة البلجيكية بروكسل، إلى أن العلماء توصلوا إلى أن المرأة البلجيكية البالغة من العمر 90 عاماً أصيبت بسلالة ألفا (كنت) البريطانية، وسلالة بيتا الجنوب أفريقية في وقت واحد. ورجحوا أنهما ربما التقطت العدوى من شخصين مختلفين. وأدخلت المرأة أحد المستشفيات البلجيكية في مارس الماضي، بعد حصولها على نتيحة فحص موجبة. وكانت تقيم في دار للعجزة. ولم تحصل على أي لقاح مضاد لكوفيد-19 قبل إصابتها. وتفاقمت إصابتها بضيق التنفس، وتوفيت بعد خمسة أيام فحسب من تنويمها. وحين تم الكشف على جهازها التنفسي، اتضح وجود السلالتين المذكورتين. وجاءت النتيجة مطابقة بعد فحص ثان أجري لها. ولا يعرف الأطباء هل كانت السلالتان سبباً في تدهور صحتها ثم وفاتها. وكان الأطباء البرازيليون اكتشفوا في يناير الماضي إصابة شخصين بسلالتين في آنٍ معاً. يذكر أيضاً أن العلماء اكتشفوا في السابق إصابة أشخاص بعدد من سلالات فايروس الإنفلونزا في آن واحد. ويقول العلماء إنهم يعتقدون أن وجود هذه الظاهرة -الإصابة بسلالتين أو أكثر في وقت واحد- لا تجد نصيباً وافياً من الاهتمام، بسبب عدم امتلاك جميع الدول أجهزة فحص ملائمة لكشف وجود السلالات المتحورة وراثياً. وخلصوا إلى أن هذه الظاهرة قد تكون شائعة من دون أن يعرف العلماء شيئاً عنها. ويحتاج كشف وجودها إلى أجهزة لفحص التسلسل الجينومي للإصابة، وهي لا تتوفر إلا لدى الدول المتقدمة الكبرى. ورأى باحثون أن هذه الظاهرة تثير أيضاً قدراً كبيراً من التساؤلات في شأن مدى الحماية التي تستطيع اللقاحات توفيرها ضد سلالات كوفيد-19. وفي أتون تفشي السلالات المتحورة وراثياً، خصوصاً سلالة دلتا الهندية المنشأ، تسعى شركات الأدوية واللقاحات إلى اختبار فعالية لقاحاتها ضد تلك السلالات. كما أن بعض الدول بدأت تسعى بشكل جدي إلى درس توزيع جرعة ثالثة من اللقاحات لتعزيز الحصانة المناعية لسكانها الذين حصلوا على الجرعتين الأوليين.

وعلى صعيد آخر؛ ذكرت صحيفة «ميل أون صانداي» البريطانية أمس أنه فيما تتسارع جهود الحكومة البريطانية لإعلان تحرير بريطانيا من قيود كوفيد-19 بحلول 19 يونيو الجاري؛ يتزايد وسط الكوادر الصحية القلق من تزايد عدد المصابين بما يعرف بـ«كوفيد المزمن» (Long Covid). وهي استمرار معاناة الأشخاص من أعراض كوفيد-19 المنهكة على مدى أشهر بعد تعافيهم من الإصابة بالفايروس. ونسبت الصحيفة إلى خبراء قولهم إن عدد المصابين بكوفيد المزمن يفوق مليون نسمة. ويعاني هؤلاء من ضيق في التنفس، وغشاوة في الدماغ. وأضافوا أن ذلك العدد قد يتضاعف بحلول نهاية الصيف الحالي. وزادوا أنه في ظل عدم وجود دواء ناجع لكوفيد-19 ليس هناك أي أمل في أن يعرف المصابون بكوفيد-19 طعماً للراحة. وفي المحاولة الأولى من نوعها؛ قرر العلماء البريطانيون استكشاف إمكان معالجة مرضى كوفيد المزمن بحُقن شهرية من لقاحات كوفيد-19. وتم منح الضوء الأخضر لإجراء المرحلة الأولى من التجارب السريرية بهذا الشأن الجمعة. وأضافت الصحيفة أن 40 مصاباً بكوفيد المزمن سيتم إعطاؤهم في وقت لاحق من العام الحالي جرعتين إضافيتين على الأقل من اللقاح. وقررت شركات صنع اللقاحات توفير التمويل لهذه التجربة. وأبلغت العلماء القائمين عليها أنه في حال تحقيقهم نجاحاً مشجعاً، فستوفر لهم تمويلاً كافياً لتجنيد آلاف من المرضى الآخرين لإجراء تجارب موسعة. ونقلت الصحيفة عن المشرف على التجارب المرتقبة أستاذ الطب الإكلينيكي بكلية الطب بجامعة أكستر البريطانية البروفيسور ديفيد ستراين قوله إن شركات صنع اللقاح تحمست لتمويل المرحلة الأولى من التجارب السريرية بعدما تلقت نتائج مشجعة من أبحاث أكدت أن إعطاء مرضى كوفيد المزمن مزيداً من إبر اللقاح أدى إلى تقليص كبير في الأعراض التي تقض مضاجعهم.


وأضاف أن كثيراً من أولئك المرضى شهدوا تحسناً كبيراً خلال أيام من إعطائهم الإبر الإضافية؛ إذ اختفى شعورهم بالتعب. وبدأوا يتمشون من دون شعور بضيق التنفس. وأضاف أن بعضهم قال إن التحسن الذي شعر به هو أقرب شيء إلى الحياة الطبيعية التي عاشها قبل إصابته بالوباء. وأوضح أن كثيرين منهم تحدثوا عن شعور بالراحة بعد حصولهم على الجرعة الثانية من لقاحات كوفيد-19، «ونريد أن نرى بمرور الزمن ما إذا كان إعطاؤهم جرعات منتظمة من اللقاح سيجعل ذلك التحسن دائماً». وأضاف أن دراسة سابقة لاحظت تحسن حالة مرضى كوفيد-19 لمدة شهر بعد حصولهم على الجرعة الأولى. وسرعان ما عاودتهم الأعراض بعد ذلك. وتكرر الشيء نفسه بعد حصولهم على الجرعة الثانية. ويعتقد العلماء أن شخصاً من كل 10 مصابين بكوفيد-19 سيظل يعاني من الأعراض فترة أطول بعد التعافي من الإصابة بالفايروس. والشائع في هذه الحالات أعراض من قبيل ضيق النفَس، وآلام العضلات، ومشكلات في التفكير والتركيز، أطلق عليها «غشاوة الدماغ». وطبقاً لأرقام مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني، فإن نحو 400 ألف بريطاني قالوا إنهم ظلوا يعانون من أعراض الوباء منذ إصابتهم به بعد اندلاع الجائحة بوقت قصير. ولا يعرف الأطباء والعلماء لماذا يتعافى أشخاص من الإصابة بالكامل، بينما يظل آخرون يعانون الأعراض فترة أطول. وأشارت ورقة نشرتها مجلة «ذا لانسيت» الطبية المرموقة في مايو 2021 إلى أن تحسن مرضى كوفيد المزمن كان كبيراً جداً بالنسبة لمن حصلوا على لقاحي موديرنا وفايزر-بيونتك.