شهدت الأيام القليلة الماضية قمةً سعوديةً عمانيةً، دشنت مرحلةً جديدةً من الشراكة الاقتصادية بين السعودية وسلطنة عمان، انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والسلطان هيثم بن طارق على تعزيز علاقات التعاون لما فيه مصالح البلدين والشعبين. وتنطلق هذه الشراكة من طموحات «رؤية السعودية 2030» و«رؤية عُمان 2040» وما توفرانه من فرص استثمارية كبيرة، فضلاً عن التنويع في الاقتصاد ومشاركة القطاع الخاص بدور أكبر.
ومن أجل تحقيق ذلك أطلقت «قمة نيوم» مجلساً للتنسيق المشترك بين البلدين، ودعت إلى الإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي، ما سيؤدي إلى خفض كلفة شحن الواردات والصادرات بينهما وتقليل تكلفة النقل. هذان التطوران في علاقة الرياض ومسقط سيفتحان آفاقاً واسعة تمكّنهما من تحقيق الآمال والطموحات التي وردت في رؤيتي البلدين. وللتعرف على الرؤية المستقبلية لعلاقات البلدين، والفوائد المتبادلة بينهما، والطموحات المتوقعة، طرحت «عكاظ» عدداً من التساؤلات على وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، الذي توقع أن تشهد الفترة القادمة تطورات مهمة على مسار تنفيذ رؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040 لتحقيق الأهداف المشتركة من التقارب والتكامل بينهما، مؤكداً أن هناك الكثير من الجهد المطلوب لمتابعة تنفيذ قرارات وتوجيهات قيادتي البلدين. فإلى نص الحوار:
• كيف تصفون زيارة السلطان هيثم بن طارق للمملكة العربية السعودية؟
•• الزيارة تاريخية، وذات ثقل إستراتيجي مهم على صعيد العلاقات الثنائية والإقليمية. وقد تأثرنا جميعاً بحفاوة اللقاء وكرم الاستقبال والمودة الأخوية التلقائية التي لمسناها، وهي بطبيعة الحال ليست غريبةً على القيادة السعودية وعلى الشعب السعودي الشقيق.
• وكيف ستعملون في الجانبين لإنجاح هذه الزيارة؟
•• أعتقد أنه بالنسبة للمسؤولين في الجانبين العماني والسعودي علينا الآن أن نعمل ونترجم نتائج وأبعاد هذه الزيارة إلى واقع ملموس يرقى إلى طموحات قادتنا الخيرة، ويوطد لحقبة جديدة من التعاون المثمر تعزز توازن المنطقة المعهود، وتسهم بمزيد من التلاقي والاستقرار والنماء.
المظلة والمرجعية المركزية
• إلى ماذا تطمحون في مجلس التنسيق السعودي - العُماني الذي تم الإعلان عنه خلال الزيارة؟
•• سيكون مجلس التنسيق السعودي العماني بمثابة المظلة والمرجعية المركزية للتعاون بين حكومتي البلدين ومتابعة التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات الداعمة للمصالح المشتركة وبما يعزز ويقوّي في الوقت نفسه اللبنة التي تجمع البلدين وتحرص عليها القيادتان في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وبدوري فإنني أتطلع إلى مواصلة العمل الدؤوب مع زميلي الأخ العزيز الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي.
• وماذا هناك في الفترة المقبلة؟
•• هناك الكثير الكثير من الجهد المطلوب لمتابعة تنفيذ قرارات وتوجيهات قيادتي البلدين -حفظهما الله- لخدمة الشعبين الشقيقين، وبما يعزز المصالح المشتركة لدول مجلس التعاون.
مرحلة ما بعد «كورونا»
• كيف هي الأوضاع الراهنة في سلطنة عُمان؟
•• ينبغي علينا أن نستعد لمرحلة ما بعد جائحة كورونا، وأمامنا تحدٍّ كبير جداً يتمثل في تحقيق رؤية عمان 2040، وإننا والحمد لله متفائلون بالمستقبل بفضل قيادتنا الحكيمة. نحن نعيش في عالم يتطور بوتيرة سريعة، وعلينا مواكبة ذلك التطور ومواءمته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وإذا كان لنا أن نحدد موضوعاً واحداً في هذا الشأن فهو تأكيد أهمية العدالة الاجتماعية وتعزيزها داخلياً وخارجياً.
ندعم حل الدولتين
• ماذا عن وجهة النظر العُمانية حيال القضية الفلسطينية؟
•• لقد حُرم الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة فترةً طويلةً جدّاً؛ لذلك نحن ندعو باستمرار إلى تحقيق حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية.
• وماذا عن المسألة اليمنية؟
•• نشعر بقلق بالغ إزاء معاناة الشعب اليمني، وندعم كافة الجهود والمساعي لإحلال السلام في هذا البلد المجاور لنا.
تفاؤل كبير وتفاعل أكبر
• هناك رؤية السعودية 2030، ورؤية عُمان 2040.. كيف ستتكامل الرؤيتان؟
•• يعد القطاع اللوجستي واحداً من أهم مجالات التعاون والشراكة بين البلدين، لاسيما مع الافتتاح التاريخي المرتقب لأول معبر حدودي بري مباشر بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والمشروعات اللوجستية الواعدة والبنية الأساسية التكاملية التي ستتوالى تباعاً بعون الله. وأتوقع أن تشهد الفترة القادمة تطورات مهمة على مسار تنفيذ رؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040 لتحقيق الأهداف المشتركة من التقارب والتكامل بينهما. أتصور أن تكون هناك فوائد إستراتيجية متبادلة ونابعة من الموقع الجغرافي للدولتين المتجاورتين وأسواقهما المترابطة. نحن نتوجه إلى المستقبل بتفاؤل كبير وتفاعل أكبر لمصلحة الجميع.