ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان واضحا وشفافا عندما قال في مقابلة صحفية العام الماضي، إن ثمة توافقا بنسبة تفوق 90% بين المملكة وإدارة الرئيس جو بايدن، مشددا على أن الولايات المتحدة حليف استراتيجي للمملكة بيد أنه قال في الوقت نفسه «لا يوجد اتفاق 100% بين أي دولتين، حتى بين دول الخليج أو أقرب، لا بد أن يكون هناك هامش اختلاف وهذا أمر طبيعي جدا». وتربط المملكة مع الولايات المتحدة شراكة استراتيجية يعود تاريخها إلى أربعينيات القرن الماضي، صمدت سابقا في وجه العديد من التوترات، كون هذه العلاقات بنيت على ارض صلبة. وعندما أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن على أهمية «الشراكة الاستراتيجية الدفاعية» خلال اتصال هاتفي مع نظيره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فإن هذا يعكس أن الرياض وواشنطن ماضيتان في تعزيز علاقاتهما الاستراتيجية وفي الوقت نفسه مناقشة القضايا التي توجد وجهات نظر حولها في مسار آخر. ويعكس الاتصال الهاتفي أمس الأول، بين وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، ووزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنتوني بلينكن، هذا التوجه لتعزيز الحوار الاستراتيجي، إذ استعرضا العلاقات الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وسُبل تعزيزها في المجالات كافة، إضافة إلى بحث أبرز المستجدات في المنطقة. ولا يمكن إطلاقا تجاهل زيارة نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان إلى واشنطن أخيرا التي وصفها المراقبون بأنها تحمل دلالات مهمة وتأتي في توقيت حساس ومهم، حيث جرى بحث عدد من الملفات التي تهم الحليفين القويين مع العديد من القيادات الأمريكية.. وقال الأمير خالد بن سلمان إن «العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة استراتيجية وعميقة»، مؤكدا أنها «بلغت مراحل متقدمة» وأنه عقد اجتماعاً رائعا مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن؛ لمناقشة الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وبحثا مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، إضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.واليوم، تجعل التحديات الإقليمية والدولية الشراكة السعودية الأمريكية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. فعلى سبيل المثال، فإن خطط الولايات المتحدة لتخفيف وجودها العسكري في المنطقة تجعل من الضروري تعزيز قوات شركائها، وفي مقدمتهم المملكة، لتفادي خلق فراغ أمني. ويتفق الجانبان السعودي والأمريكي في وجهات النظر حيال معظم قضايا المنطقة، ما يجعل التنسيق بينهما لمعالجة تلك القضايا مستقبلا مفيدا للجانبين ولأمن المنطقة واستقرارها. وكذا في مكافحة الإرهاب؛ حيث حققت الشراكة السعودية الأمريكية الكثير في مواجهة هذا الخطر، وأسهمت في إحباط عمليات إرهابية خطيرة. وفي مجال الطاقة، أصبح تعاونهما ضرورياً بعد أن أصبحت الولايات المتحدة منتجا ومصدرا كبيرا للنفط، ورأينا كيف مكّن التنسيق بينهما في العام الماضي من استعادة استقرار أسواق النفط وحماية مصالحهما. وتحتاج الولايات المتحدة في مجال المنافسة التجارية التي تخوضها دولياً إلى شركاء أقوياء، مثل المملكة التي تملك أكبر اقتصاد في منطقة الخليج والشرق الأوسط.