-A +A
«عكاظ» (الرياض)

تمثل الاكتشافات الأثرية الحديثة في شمال المملكة دليلاً إضافياً على عمق تاريخ الجزيرة العربية ودورها البارز في الحضارة الإنسانية، إذ أظهرت وجود دلائل لهجرات بشرية مبكرة من قارة أفريقيا إلى الجزيرة العربية بدأت قبل نحو 400 ألف سنة وتكررت على مراحل زمنية متعددة، كأطول سجل حضاري للوجود البشري المبكر في الجزيرة العربية.

وتحرص هيئة التراث على الإعلان بشكل مستمر عن أي اكتشافات أثرية في المملكة، من منطلق مسؤوليتها لخدمة التراث الوطني وإبرازه والاحتفاء به، ولتعزيز التواصل الفعّال مع المجتمع، وبشكل خاص مع المهتمين بالكشوفات الأثرية من أفراد ومؤسسات.

وتأتي هذه الاكتشافات الأثرية نتيجة جهود البعثة السعودية الدولية التي شارك فيها أخصائيون من هيئة التراث ومعهد ماكس بلانك بألمانيا، وجامعة الملك سعود إضافة لعدد من الجامعات والمراكز العالمية المتميزة.

وتمت هذه الاكتشافات في عدة مواقع شمال المملكة، منها موقع خل عميشان بالنفود الكبير الذي يُعدّ من المواقع الأثرية الفريدة على مستوى الجزيرة العربية، لاحتوائه على عدة طبقات أثرية تضم معلومات بيئية من فترات مختلفة.

وتضمنت الاكتشافات قطعاً من عظام حيوان فرس النهر وحيوانات أخرى من فصيلة البقريات التي عاشت على مدى فترات زمنية متعددة، ما يؤكد وجود بيئة مطيرة غنية بالمسطحات المائية والغطاء النباتي الكثيف في شمال الجزيرة العربية، وهو ما يتطابق إلى حد كبير مع أحوال المناخ السائدة في شمال أفريقيا.

وتُعدّ الاكتشافات الأثرية إنجازاً معرفياً مهماً، ومكتسباً وطنياً يسجل باسم المملكة العربية السعودية، ويضعها ضمن الخارطة الآثار العالمية ذات الامتدادات التاريخية العميقة والمرتبطة بجذور الحضارة الإنسانية.

وتمثل الجهود والمشاريع المتعلقة بأعمال التنقيب الأثري عملاً تكاملياً تحت إشراف هيئة التراث وتشارك فيها عدد من الجامعات والجهات الحكومية، وتستعين فيها الهيئة بأبرز الجامعات والمراكز البحثية على مستوى العالم.