-A +A
«عكاظ» (جدة) Okaz_online@
شرعت السعودية الأبواب نحو حقبة خضراء جديدة في البلاد والمنطقة بأسرها، بُعيد إطلاق عدد من المبادرات والبرامج المرتبطة بالتغير المناخي والحفاظ على البيئة.

وسبقت السعودية قمة المناخ العالمية COP26 المقرر عقدها في غلاسكو مطلع الشهر القادم بإعلان مبادراتها الضخمة، ما أكسبها أهمية مضاعفة تؤكد التزام المملكة بالحفاظ على البيئة، رغم كونها الدولة النفطية الأكبر في العالم. حتى أن الرئيس المعين لمؤتمر COP26 ألوك شارما رحب بإعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية ستصل إلى الحياد الصفري لانبعاثات غازات الكربون بحلول 2060، واصفاً ذلك الحدث بالتاريخي. وقال في بيان له: «أشكر صديقي -وزير الطاقة- الأمير عبدالعزيز بن سلمان على عمله في مبادرة السعودية الخضراء»، موضحا أنها مؤشر واضح على تقدم السعودية ومستقبلها خلال زيارته الرياض في يوليو الماضي لمناقشة الطموح قبل قمة المناخ COP26.


وأشار شارما إلى أن الإعلان يظهر إدراك السعودية الفرص الاقتصادية للنمو المرتفع، والقطاعات الخضراء للعمالة المرتفعة، وهي ملتزمة بلعب دور في حل مشكلة تغير المناخ، آملًا في الوقت نفسه أن يحفز هذا الالتزام طموح الآخرين قبل قمة المناخ COP26.

وشملت المبادرات السعودية البيئية المعلنة على مدار ثلاثة أيام من خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء وقمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، المساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، وجعل الرياض إحدى أكثر المدن استدامة حول العالم، واستهداف المملكة الوصول للحياد الصفري في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراضٍ محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20% من إجمالي مساحتها.

كما أعلنت السعودية نيتها الانضمام إلى الاتحاد العالمي للمحيطات، وإلى تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية في المحيطات والشواطئ، وإلى اتفاقية الرياضة لأجل العمل المناخي، إضافة إلى تأسيس مركز عالمي للاستدامة السياحية، وتأسيس مؤسسة غير ربحية لاستكشاف البحار والمحيطات.

وستعمل المملكة على إنشاء منصة تعاون لتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس مركز إقليمي للتغير المناخي، وإنشاء مجمع إقليمي لاستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، وتأسيس مركز إقليمي للإنذار المبكر بالعواصف، وتأسيس مركز إقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية، وإنشاء برنامج إقليمي لاستمطار السحب.

وامتداداً لدور المملكة الريادي في تنمية أسواق الطاقة، ستؤسس الرياض صندوقا للاستثمار في حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون في المنطقة، ومبادرة عالمية تساهم في تقديم حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء، لأكثر من 750 مليون شخص بالعالم. ويبلغ إجمالي الاستثمار في هاتين المبادرتين نحو 39 مليار ريال، وستساهم المملكة في تمويل نحو 15% منها.

وفي أبرز ردود الفعل الدولية، أشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بهدف السعودية الوصول إلى الحياد الصفري من الانبعاثات الكربونية مع حلول 2060. وأكد جونسون أن «تعهد السعودية التاريخي بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2060 خطوة كبيرة إلى الأمام». وقال: «أتطلع إلى رؤية المزيد من الإعلانات في مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» والعمل سويا في منتدى المناخ الـ26 للحد من الاحترار بأكثر من 1.5 درجة مئوية.

ولي العهد.. محرك التغيير

ويقود ولي العهد أجندة الجهود البيئية ومكافحة التغير المناخي للمنطقة نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة، إذ أكدت الكويت ثقتها بقيادة الأمير محمد بن سلمان إدارة هذا الملف الحيوي، وقال ولي عهد دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إن دعوة المملكة الشقيقة لهذه القمة نابع من دورها المحوري المسؤول في المنطقة والعالم أجمع لإرساء مفهوم الأمن الشامل إنسانيا واقتصاديا ومناخيا وبيئيا، فهي القبلة والمظلة صاحبة الرؤية الاستباقية والالتزام المسؤول عن المنطقة والأكثر استشعارا لمسؤوليتها الدولية.

وثمن المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ، جون كيري، جهود السعودية بشأن مكافحة التغير المناخي، وقال كيري «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مختلفة لأنها انعكاس للوضع الحرج الذي يمر به كوكبنا».

ويؤكد مسؤولون سعوديون أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يضع ملف البيئة ومكافحة التغير المناخي ضمن أجندة الدولة الرئيسية ولا يتعامل معها بصفتها ترفا لا أولوية له، إذ أشار وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في جلسة خلال قمة الشباب الخضراء إلى أن كل المبادرات التي أعلنت خلال الأيام الماضية، نابعة من ولي العهد السعودي، قائلاً: «هو من دفعنا لإعادة ترتيب أوضاعنا الداخلية للتعامل مع التغير المناخي، وكانت المبادرات السابقة وما سيرد كلها جماعية عملت فيها قطاعات كثيرة». وتعهد وزير الطاقة بأن تكون السعودية حاضنة لعملية التحول المتسارعة في مجال الطاقة على مستوى العالم.

جهود موحدة لمنطقة خضراء

وتهدف قمة الشرق الأوسط الأخضر التي دعا لها ولي العهد في بداية العام، إلى تنسيق الجهود تجاه قضية حماية البيئة ومواجهة التغير المناخي ووضع خارطة الطريق لتحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر؛ التي تتمثل في تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10% من الإسهامات العالمية، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة وفق برنامج يعد أكبر البرامج لزراعة الأشجار في العالم، ويساهم في تحقيق نسبة 5% من المستهدف العالمي للتشجير. ويؤكد رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية ياسر الرميان، أنه لا يمكن مواجهة تحدّيات التغيّر المناخي بمعزل عن غيرها، حيث يتطلّب ذلك جهدا عالميا، ولهذا السبب أطلق الأمير محمد بن سلمان، مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لدفع العمل الجماعي بين دول العالم، كما أطلق مبادرة السعودية الخضراء.

وقال الرميان «عملية تحوّل الطاقة معقدة بشكل لا يُصدق، ولن تكون سهلة، ونعتقد أن مواجهة تحدّيات التغيّر المناخي وتحسين تدابير الاستدامة يتطلبان تعاونا والتزاما من جميع البلدان والمجتمعات والشعوب، إذ لا يمكن مواجهة تحدّيات التغيّر المناخي بمعزل عن غيرها».

وأضاف أن الكثيرين يتفقون على أن التغيّر المناخي يمثّل أحد أكبر التحدّيات للبشرية في هذا القرن، ولهذا السبب أطلق ولي العهد مبادرة السعودية الخضراء.