أضحت المواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها في منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) من جانب، وروسيا على الجانب الآخر، أمراً محتملاً، ينذر بخطر اندلاع حرب، بالوكالة، أو بشكل مباشر. ولا يبدو أن روسيا لديها مشكلة مع أوكرانيا المهددة بالاجتياح الروسي. بيد أن مشكلتها الحقيقية تتمثل باستشعارها خطراً من تمدد الحلف الأطلسي في أوروبا الشرقية، خصوصاً في الجمهوريات السوفيتية السابقة، والدول الشيوعية السابقة التي أضحت عضواً في الاتحاد الأوربي، خصوصاً بولندا. ولهذا جاءت مسودة الاتفاقية التي سلمتها موسكو للولايات المتحدة متضمنة عدداً من المطالب التي يمكن تلخيصها مجتمعة في سحب القوات والأسلحة الأطلسية من أوروبا الشرقية. وهي مطالب مستحيلة من وجهة نظر الغرب، لأنها تمنح روسيا «كارت بلانش» للهيمنة على الدول الشيوعية السابقة التي أضحت أعضاء في الحلف الغربي، لضمان أمنها من أي غزو روسي محتمل. ولهذا جاء رد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مغلفاً بالدبلوماسية؛ إذ رحب بإجراء محادثات لخفض التوتر في أوكرانيا. لكنه تمسك بأنه لن يرد على المسودة إلا بعد التشاور مع حلفاء بلاده الأوروبيين. وهو ما يؤكد أن الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا أضحت حقيقة لا تخطئها العين.